حزبان من لبنان وموريتانيا ينضمان إلى تجمع «الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط»

أمين الجميل لــ«الشرق الأوسط»: أصبحنا ندفع ثمن كل شيء حتى تأخير تشكيل الحكومة العراقية

أمين الجميل رئيس حزب الكتائب اللبناني في حديث مع نزار بركة عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ونائب رئيس الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط (تصوير: طارق نجماوي)
TT

انضم حزبان عربيان من لبنان وموريتانيا إلى أحزاب «الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط»، خلال مؤتمر عقدته هذه الأحزاب في مراكش، واختتم الليلة قبل الماضية، وشارك فيها 130 حزبا من 80 دولة، من بينها أحزاب أوروبية وآسيوية ومن أميركا اللاتينية وأفريقيا.

وبحث مؤتمر قادة «الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط»، الذي عقد لأول مرة في بلد عربي وأفريقي، سياسات ما بعد الأزمة العالمية، وموضوع العلاقات بين الاتحاد الأوروبي ودول الحوض المتوسطي، وأصدر المؤتمر «خريطة طريق للأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط لمرحلة ما بعد الأزمة».

ويعود تاريخ إنشاء «الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط» إلى عام 1961 في تشيلي؛ حيث شارك في اجتماع التأسيس 20 حزبا، وسميت المنظمة عند تأسيسها «الاتحاد العالمي الديمقراطي المسيحي» ومع تطورها وتوسعها غيرت اسمها عام 1991، ليصبح «الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط». وانضم خلال مؤتمر مراكش حزبا «الكتائب» اللبناني، و«الاتحاد من أجل الجمهورية» الموريتاني، إلى هذا التجمع السياسي الحزبي. وعبر قادة أحزاب «الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط» عن «قلق الأممية إزاء الوضع الحالي بمنطقة المغرب العربي، وهي تواجه مخاطر التطرف والهجرة السرية واستمرار تحديات الإرهاب».

وقالت الوفود، التي اجتمعت في مؤتمر دام يومين: إن «استمرار بعض الخلافات السياسية في منطقة المغرب العربي، خاصة نزاع الصحراء، وضعف التبادل بين دول الجوار يعوق مسيرة النمو والتطور داخل المنطقة، ويعرقل الاندماج المغاربي». وقال بيان أصدره قادة هذه الأحزاب: «إن الاندماج المغاربي يبقى طموحا، تتطلع إليه شعوب المنطقة، وفرصة لتطورها، وضرورة استراتيجية». ودعوا «جميع الأطراف المتعلقة بنزاع الصحراء إلى الحوار وإجراء مفاوضات أكثر عمقا، والتحلي بالواقعية وروح التوافق، وإظهار المزيد من الإرادة السياسية من أجل إحراز تقدم صوب التسوية السلمية». وعبر مؤتمر قادة الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط، من خلال مصادقتهم على قرار حول الاندماج الإقليمي لبلدان المغرب العربي، تقدم به حزب الاستقلال المغربي، عن دعمهم «المفاوضات بين الأطراف برعاية الأمين العام للأمم المتحدة، ومبعوثه الشخصي، في سبيل التوصل إلى تسوية سلمية لهذا النزاع الإقليمي». وأهاب المشاركون بدول المغرب العربي أن «تنخرط في منطق بناء للاندماج الاقتصادي، يقوم على حرية تنقل البضائع والأشخاص وفتح الحدود».

وأكد القرار «المضامين الأساسية للقرارات الأخيرة لمجلس الأمن، بشأن مواصلة مسلسل المفاوضات، تحت رعاية الأمم المتحدة، والتوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين على أساس الجهود المبذولة منذ عام 2006». وعبر القرار عن تقدير قادة الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط للجهود المغربية «المتسمة بالجدية والمصداقية والرامية إلى الدفع بمسار الاندماج المغاربي، وتجاوز الوضع الراهن، والمضي قدما نحو تسوية النزاع». كما رحب القرار بـ«إنشاء الاتحاد من أجل المتوسط، الذي يمنح إطارا جديدا للشراكة (شمال – جنوب)، المبنية على أساس القرار المشترك، ويعزز انخراط منطقة المغرب العربي بكيفية تمكنها من الاستفادة من منافع العولمة».

وقال وزير الشؤون العامة المغربي، نزار بركة، وهو عضو في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، ونائب رئيس الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط، لـ«الشرق الأوسط»: «إن القرار يدعم جهود المغرب لإيجاد حل لنزاع الصحراء، وبالتالي دعم اقتراح الحكم الذاتي، في إطار الجهوية المتقدمة وتحت السيادة المغربية، والدعوة إلى فتح الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر، لكي نصل إلى اندماج مغاربي حقيقي، من شأنه أن يقوي الاندماج بين الضفتين ويحسن ظروف العيش في المنطقة المغاربية». وأكد بركة أن «صدور القرار المتعلق بالاندماج المغاربي بالإجماع ومن دون إبداء ملاحظات أو تعديلات، يؤكد أن الجميع يرى أن اندماج المنطقة يبقى ضروريا، وأن تجاوز النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يبقى ضروريا، من أجل الرقي بشعوب المنطقة، ودعم السلام بالمنطقة المغاربية، وتطوير التعاون الاقتصادي على مستوى الحوض المتوسطي ككل». في سياق منفصل، ذكر أمين الجميل، رئيس حزب الكتائب اللبناني، الذي ترأس وفد حزبه في مؤتمر مراكش أن «هناك إمكانات هائلة تستعمل من أجل تأجيج الأزمة والنزاعات التي تحدث على الساحة اللبنانية». وقال الجميل لـ«الشرق الأوسط»، على هامش اجتماع قادة الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط: «ليس سرا أن التدخلات التي يعرفها لبنان معلنة ومعروفة، والأطراف اللبنانية، كالدول المتدخلة في الشأن اللبناني، لا تخفي ذلك، بل إن هذه الدول تعلن ذلك ولا تخفي مصالحها، التي تأتي على حساب المصلحة اللبنانية».

ودعا الجميل الأطراف التي تتدخل في الصراع اللبناني إلى تركه يعالج مشكلاته داخليا بالحوار، وقال في هذا الصدد: «فليتركوا لبنان يعالج مشكلاته الداخلية بالحوار، وعندها سنتمكن من حل مشكلاتنا بسرعة، أما أن هناك تدخلات وإمكانات مالية طائلة وأسلحة وضغطا سياسيا ومعنويا، توظف كل الوسائل غير المشروعة للتأثير في مجريات الأمور في لبنان من الخارج، فإن الشعب اللبناني لن يستطيع أن يستعيد أمنه واستقراره وسلامه الداخلي».

وأكد الجميل أن «البعد الأساسي لكل المشكلات التي يعانيها لبنان، بعد خارجي»، مبديا أسفه على «الاختراقات والتدخلات في الشأن اللبناني التي تمنع لبنان من أن يستعيد أمنه واستقراره وسيادته الكاملة». ومضى الجميل يقول: «بالأمس كنا نعاني تداعيات الجنوح الفلسطيني على الساحة اللبنانية، والآن هناك مصالح إقليمية كبيرة يدفع لبنان ثمنها؛ حيث ندفع اليوم ثمن أزمة إيران في شأن ملفها النووي مع المجتمع الدولي، وندفع ثمن الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بل أصبحنا ندفع حتى ثمن الصراع على الساحة العراقية بشأن تشكيل الحكومة، وأطراف هذه الصراعات والنزاعات كلها لها امتدادات على الساحة اللبنانية؛ لذلك تستعمل الساحة اللبنانية لتعزيز موقعها، هنا أو هناك». وحول مشاركته في اجتماع قادة الأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط بمراكش، قال الجميل: «إن أهداف الاجتماع تلتقي مع أهداف (حزب الكتائب)». وقال: «إن الاجتماع تناول قيم التسامح والاعتدال والتضامن والسلام وحقوق الإنسان، ولأنه يجمع أحزابا من قارات العالم الخمس، بينها أحزاب في السلطة والحكم، فإن هذا يعني أن أعمال المؤتمر وتوصياته لا يمكن أن تبقى حبرا على ورق». في سياق آخر، قال عباس الفاسي، رئيس الحكومة المغربية، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي استضاف المؤتمر، إن حزبه والأممية الديمقراطية لأحزاب الوسط يتقاسمان عددا من القيم الإنسانية العليا المرتبطة، خاصة، بالديمقراطية والتسامح والحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان.