أربيل: خلافات حول مفوضية الانتخابات ترجئ جلسة البرلمان.. والائتلاف الكردستاني يواجه «الانهيار»

المعارضة طالبت بتمثيل جميع الكتل وموافقة ثلثي النواب لتمريرها

TT

تصاعد حدة الخلافات بين كتل المعارضة والقائمة الكردستانية التي تمثل الحزبين الرئيسيين في البرلمان الكردستاني أدى إلى تأجيل المناقشات الجارية حول قانون تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات في كردستان إلى بعد غد لإعطاء مزيد من الوقت لتلك الكتل للتشاور والتفاوض خارج البرلمان للوصول إلى حلول مرضية. وفي حين رأت رئيسة الكتلة الكردستانية أنه ليس هناك أي مبرر لتعميق الخلافات حول القانون «الذي نسعى إلى أن تكون هناك هيئة متخصصة ومحايدة على غرار الهيئات الأخرى في دول العالم»، أصر رئيس كتلة التغيير على أن يكون هناك تمثيل مناسب لجميع أطراف العملية السياسية في الهيئة، لأنها ستكون مسؤولة لاحقا عن جميع الانتخابات التي تجري في كردستان.

وقالت سوزان شهاب، رئيسة الكتلة الكردستانية، التي تضم الحزبين الحاكمين بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني والرئيس العراقي جلال طالباني (59 مقعدا في البرلمان من أصل 105 مقاعد)، لـ«الشرق الأوسط» لقد «امتثلنا لطلب تأجيل مناقشات قانون المفوضية الخاصة بالانتخابات في إقليم كردستان ليس رضوخا للتهديدات الأخيرة التي أطلقتها كتل المعارضة، بل بناء على طلب ممثلي القوميات والأقليات في البرلمان مثل التركمان والمسيحيين الذين طلبوا منا إعطاء المزيد من الوقت للمناقشات والحوارات معهم حول دور هذه الأقليات في المشاركة بالهيئة التي ستدير المفوضية». وأضافت: «أما اعتراضات كتل المعارضة، وخصوصا كتلة التغيير فهي اعتراضات غير مقبولة، ففي الوقت الذي نريد نحن أن يكون البرلمان هو المكان الذي سنتفاهم فيه حول قضايانا الخلافية، يصرون هم على إخراج تلك القضايا الخلافية إلى خارج إطار البرلمان بهدف فرض الحلول التوافقية».

وأوضحت شهاب أن قانون البرلمان ينص على طرح القوانين للتصويت، فإذا حصلت على الأكثرية ستمرر، وهكذا لن تكون هناك أي حاجة إلى الحلول التوافقية، معتبرة أن طلب كتلة التغيير المعارضة «غير معقول»، بعد إصرارها على أن يكون تمرير القوانين بعد الحصول على موافقة ثلثي النواب. وترفض كتلة التغيير (25 مقعدا في البرلمان) التصويت وفقا لآلية 50 + 1 لأنها ستمكن الحزبين الحاكمين من التصويت على القانون بسهولة، بينما لن يكون سهلا تمرير القانون وفقا لآلية الثلثين لأن ذلك يعني حاجتهم إلى مزيد من الأصوات. وأعربت رئيسة الكتلة الكردستانية عن استغرابها من استغلال هذه المسألة و«التهديد» بالانسحاب من كتلة الائتلاف الكردستاني، التي تتألف من الحزبين الحاكمين والمعارضة الكردية لتمثيل الإقليم في البرلمان العراقي، إذا لم تتم الموافقة على طلباتهم. وقالت شهاب إن «موضوع قانون مفوضية الانتخابات لا علاقة له بالكتلة الكردستانية في بغداد، فهذان موضوعان مختلفان، لأن ما يجري هنا هو مجرد خلافات في الرؤى والمواقف تحصل في جميع برلمانات العالم بين الكتل البرلمانية، ويفترض أن لا تنسحب هذه الخلافات على وجود كتلتنا الكردستانية الموحدة في بغداد، لأن تلك الكتلة تؤدي دورا قوميا، وتقوم بمهمة تخدم مصلحة جميع أبناء الشعب الكردستاني وليس كتلة واحدة».

وأشارت شهاب إلى أن «هناك أزمة ثقة بيننا وبين المعارضة تؤدي إلى تفاقم مثل هذه الخلافات، ولا أعتقد أن قانونا أو ورقة مكتوبة بإمكانها خلق هذه الثقة بيننا»، وأضافت أن «كتلة التغيير اتخذت مسبقا قرارها بالتشكيك في النوايا وعدم منح الثقة للآخرين».

وقالت رئيسة الكتلة الكردستانية: «إننا رجعنا في إعداد مشروعنا لتشكيل مفوضية الانتخابات في كردستان إلى كثير من قوانين دول العالم وتجاربهم في هذا المجال، فهناك دول تشكل هذه المفوضيات والهيئات خارج إطار البرلمان، أي أن الحكومة هي التي تشكل مثل هذه الهيئات من القضاة وعدد من الأعضاء، دون الحاجة إلى البرلمان، ولكن مع ذلك نحن طرحنا الموضوع على البرلمان لكي نخرج بهيئة مستقلة تتمكن من أداء مسؤولياتها بشكل محايد».

ومن جانبه، رد رئيس كتلة التغيير عدنان عثمان، على تصريحات شهاب بالقول إن «مسألة قانون مفوضية الانتخابات مسألة في غاية الأهمية، ولن نسمح بأن يمرر القانون بالشكل الذي تريده أحزاب السلطة، لأن هذه الهيئة ستقوم بتنظيم والإشراف على جميع الانتخابات المقبلة، وأن أي تمثيل غير متوازن في الهيئة العليا للمفوضية سيؤثر على مصداقيتها، ويثير مخاوف كثيرة ليس بالنسبة لقوى المعارضة بل للعملية السياسية في كردستان برمتها، فنحن لن نقبل أن تقوم هيئة أو أي جهة سياسية بالتحكم في مصير الانتخابات المقبلة لأنها الركيزة التي نستند عليها في حكم الإقليم».

وحول تصريحات رئيسة الكتلة الكردستانية باختلاف قانون المفوضية مع الكتلة الكردستانية ببغداد، قال عثمان «ليست مشاركتنا في الكتلة الكردستانية ببغداد، بل مجمل علاقاتنا بأحزاب السلطة وبالعملية السياسية في كردستان مرتبطة بموضوع هذا القانون، فنحن لن نقبل بعد الآن أن تتحكم بعض الأطراف بنتائج الانتخابات، وأن تحاول أن تفرضها علينا، فهذا أمر لم يعد مقبولا ولن نسكت عنه، لأن وجودنا في بغداد مرتبط بدورنا في كردستان، ولذلك لا يمكن أن نسمح لجهة معينة بأن تتدخل في شأن الانتخابات المقبلة تحت أي غطاء كان».

يذكر أن كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني، المعارضة، أكدت على لسان المتحدث باسم المكتب السياسي صلاح الدين بابكر قوله: «إن بقاءنا ضمن كتلة الائتلاف الكردستاني في بغداد مرتبط بهذا القانون المعروض على البرلمان الكردستاني، ومع ذلك فأنا أتوقع أن نتوصل إلى حلول مرضية قبل أن تصل الأمور إلى حد انهيار الكتلة الكردستانية في بغداد». وأعرب القيادي عن اعتقاده بأنه «إذا لم يتم اعتماد صيغة 2/3 لاختيار أعضاء المفوضية فسيكون من الصعب جدا على أعضاء كتل المعارضة الصعود إلى عضوية الهيئة العليا للمفوضية، وهذا مبعث الخوف من تمرير القانون وفق رغبة القائمة الكردستانية».