نتنياهو يعرض تجميد الاستيطان مقابل اعتراف فلسطيني بدولة يهودية.. والسلطة ترفض

ليبرمان يوبخ كوشنير وموراتينوس: لم نمنع الحجاب كما تفعل أوروبا * باريس: نرفض ذهاب الفلسطينيين إلى مجلس الأمن

عريقات وكوشنير (وسط) وموراتينوس خلال مؤتمر صحافي في عمان أمس (أ.ب)
TT

رفضت السلطة الفلسطينية أمس، «جملة وتفصيلا» عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو القاضي بتجميد جديد للاستيطان مقابل اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية.

وحاول نتنياهو، أمس، نقل الكرة من ملعبه إلى الملعب الفلسطيني، حين طالب منظمة التحرير الفلسطينية بالاعتراف بإسرائيل وطنا للشعب اليهودي مقابل تجميد البناء الاستيطاني في الضفة الغربية لفترة محدودة.

وقال نتنياهو، في خطابه خلال افتتاح الدورة الشتوية البرلمانية، أمس: «إذا قالت القيادة الفلسطينية لشعبها، بشكل لا يقبل اللبس، إنها تعترف بإسرائيل وطنا للشعب اليهودي.. سأكون مستعدا للاجتماع مع حكومتي وطلب مزيد من التجميد». وقد ردت عليه رئيسة حزب «كديما» المعارض، تسيبي ليفني، قائلة إنه يخدع الجمهور والرأي العام العالمي. وقالت: «أنت تحاول التظاهر بالقوة من خلال نبرتك وتحاول التظاهر بأنك مبدع. ولكن في الحقيقة، أنت قائد ضعيف، تختبئ وراء التعبيرات المنمقة، وفي حقيقتك تنجر وراء المتطرفين في حزبك وأحزاب يمينية أخرى وتقود إسرائيل إلى حالة ركود سياسي. فأنت تعرف أن اقتراحك لن يقبله أحد. وأن العالم يعرف أنك لست جادا». وفي الجلسة نفسها، بدا رئيس الدولة شيمعون بيريس أكثر تفاؤلا، عندما قال إن اتفاق سلام سيبرم في القريب بين إسرائيل والفلسطينيين وسيكون هذا السلام مفاجئا ومذهلا لأعداء السلام في إيران والمنطقة.

من جهته، رد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات على عرض نتنياهو برفض قاطع، وقال في تصريحات: «هذا الأمر ليس له علاقة بعملية السلام ولا بالتزامات إسرائيل التي لم تنفذها، وهذا من الجانب الفلسطيني مرفوض جملة وتفصيلا». ووصف محمد شتية عضو وفد المفاوضات الفلسطيني، عرض نتنياهو بأنه تعقيد جديد ومرفوض تماما. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا مرفوض تماما ولن يكون» وأضاف: «إذا كان نتنياهو قادرا على تجميد الاستيطان، فالأحرى أن يجمده مقابل العودة إلى طاولة المفاوضات، بدل طرح تعقيدات يعرف أنها غير مقبولة لدينا أبدا». وتابع: «مسألة الاعتراف بالنسبة لنا انتهت عام 1993، عندما تبادل الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس وزراء إسرائيل الراحل إسحاق رابين، رسائل اعترفت فيها المنظمة بإسرائيل، وعلى أساسه بدأت عملية السلام».

إلى ذلك، أحدث وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أزمة دبلوماسية مع نظيريه الأوروبيين؛ الفرنسي، برنارد كوشنير، والإسباني، ميغيل موراتينوس، اللذين يقومان بجولة في دول المنطقة، وذلك عندما قام بتسريب تصريحات له أمامهما للصحافة وظهر منها أنه وبخهما على التدخل الزائد في الصراع في الشرق الأوسط. وقد اتصلا به أمس محتجين، فاعتذر قائلا إنه لم يقصد الإساءة إليهما، بل هو يتخذ مواقف واضحة من الصراع ويعلنها بغض النظر عن الشخصيات التي تسمعها منه.

وكان ليبرمان سرب للصحافة مضمون اللقاء مع موراتينوس وكوشنير، بعد ساعة من اختتامه اللقاء وبالطبع نشر منه ما يحلو له، فقال إن أوروبا تركز جهودها على الصراعات القائمة في أوروبا نفسها. فالعالم مليء بالصراعات، مثل العراق: «قولوا للعرب ما الذي سيصيب هذا البلد في سنة 2012» وفي أفغانستان وفي السودان وفي البلقان وفي الصومال وكوريا الشمالية. وذكرهما بأن أوروبا أبرمت اتفاقا مع أدولف هتلر زعيم النازية سنة 1938 (المعروف باتفاقية ميونيخ)، باعت فيه عضوا في العائلة الأوروبية حتى تؤمن نفسها. ولمح إلى أن الموقف الأوروبي اليوم شبيه جدا بتلك الحالة. وقال إن إسرائيل لن تسمح بأن تصبح تشيكوسلوفاكيا القرن الحادي والعشرين. وحذر من أن ممارسة ضغوط زائدة على إسرائيل سيولد انفجارا لا تحمد عقباه.

وقد أغضب هذا النشر الوزيرين الأوروبيين، فاتصلا به مباشرة ليحتجا وانتقداه بشدة على فعلته، مشيرين إلى أنها لا تتلاءم وقواعد العمل الدبلوماسي. وحرصا على نشر خبر عن المحادثة، قالا إنهما تكلما معه بلهجة حادة، وإنه اعتذر لهما قائلا إنه فهم بشكل خاطئ. ولكن الناطق بلسان ليبرمان سارع إلى نفي الاعتذار وقال إنه احتراما لهما أوضح أقواله مؤكدا أنه لا يخفي الأفكار التي يحملها حول التدخلات العالمية في الصراع وأنه يرى ضرورة في ترك دول المنطقة تحل مشكلاتها بنفسها.

وفي لقاء مع كتلته البرلمانية، ظهر أمس، عاد ليبرمان لتكرار أقواله، بل زاد عليها ما يظهر أنه «قريب أكثر منهم للعرب والمسلمين»، فقال: «نحن في إسرائيل، على عكس أوروبا، لم نمنع الحجاب عن النساء المسلمات ولا البرقع ولم نمنع بناء مساجد أو مآذن للمساجد. وأنا لست ممن يدعو إلى إجراءات كهذه على الرغم من أن المتطرفين المسلمين ينفذون الإرهاب ضدنا». وادعى ليبرمان أن اللقاء مع الوزيرين الأوروبيين كان إيجابيا ووديا وأن الأمر الاستثنائي فيه هو أنه تكلم معهما بصراحة على عكس السياسيين الذين يحبون قول الأمور بالمواربة واللف والدوران.

المعروف أن موراتينوس وكوشنير وصلا إلى إسرائيل ثم انتقلا أمس إلى السلطة الفلسطينية وسيواصلان جولة مشتركة إلى دول المنطقة، بهدف دعم الجهود الأميركية لاستئناف المفاوضات المباشرة. وقد التقيا في إسرائيل بكل من الرئيس شيمعون بيريس، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع إيهود باراك، ورئيسة المعارضة تسيبي ليفني. وقالا إنها كانت لقاءات ممتازة، اتفق خلالها على عدة أمور تساعد على نجاح مسيرة السلام.

وفي أريحا انتقد كوشنير، استئناف إسرائيل للبناء الاستيطاني، قائلا إن الاستيطان جزء من المشكلة وإن بلاده تعكف على بلورة حل وسط لمشكلة الاستيطان يمكن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من استئناف المفاوضات. وأبدى كوشنير تفاؤلا حول إيجاد حلول لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قائلا: «سنجد طريقا ما». وأكد كوشنير الذي حضر مع موراتينوس جزءا من احتفالية «أريحا 10 آلاف عام»، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، أن بلاده تدعم خطة فياض وجهوده لإقامة دولة فلسطينية (العام المقبل). وردا على سؤال حول ما إذا كانت فرنسا ستدعم توجه الفلسطينيين لمجلس الأمن، قال كوشنير: «لا ندعم ذلك إذا كان هذا يضعف العملية السلمية».

وفي عمان، أكد كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في مؤتمر صحافي مع كوشنير وموراتينوس، أن الرئيس محمود عباس باق في منصبه ولن يستقيل وفقا للشائعات التي ترددت مؤخرا ومنها ما قاله عباس نفسه أمام أعضاء المجلس الوطني المقيمين في عمان قبل أيام بأنه «سيتحمل» الكرسي أسبوعا واحدا من دون أن يفصح عن مكنونات نفسه.