قرغيزستان نحو ائتلاف حكومي بعد انتخابات تاريخية

تقدم للقوميين و5 أحزاب فقط اجتازت عتبة النسبة المؤهلة لدخول البرلمان

سكان يمرون قرب صور انتخابية في مدينة أوش الواقعة جنوب قرغيزستان أمس بعد يوم من الانتخابات التشريعية في البلاد (رويترز)
TT

تصدر حزب قومي معارض نتائج الانتخابات التشريعية في قرغيزستان بفارق ضئيل، ما سيضطره إلى إجراء تحالف للتمكن من تشكيل حكومة، بحسب نتائج أولية تم نشرها أمس بعد فرز الأصوات في نحو 91 في المائة من مراكز الاقتراع.

وأكدت رئيسة قرغيزستان روزا أوتونباييفا أمس أن الانتخابات التي جرت أول من أمس هي أول انتخابات تشريعية حرة تشهدها البلاد منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي السابق قبل 20 عاما. وقالت أوتونباييفا في خطاب إلى الأمة «لم نشهد مثل هذه الانتخابات خلال السنوات العشرين الماضية. اليوم، تمكن جميع القرغيز من التصويت بحرية، بعيدا عن أي ضغوط وعن أي إملاءات وعن أي تلاعب، لصالح الحزب الذي يعتبرونه الأقوى للدفاع عن مصالحهم». وأضافت أن «السلطات والأحزاب والشعب فعلوا كل ما في وسعهم من أجل أن يقول العالم أجمع إن إجراء انتخابات ديمقراطية في قرغيزستان أمر ممكن».

بدورهم قال مراقبو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أمس: إن الانتخابات التشريعية «احترمت (فيها) الحريات الأساسية»، وعززت «المسار الديمقراطي» في هذا البلد الواقع في آسيا الوسطى. وقالت بعثة مراقبة الانتخابات التابعة للمنظمة في بيان: «شهدت الانتخابات التشريعية في قرغيزستان حملة تعددية ونشطة وشكلت خطوة إضافية على درب تعزيز المسار الديمقراطي»، مشيرة إلى أن الاقتراع «يقرب البلاد من (احترام) تعهداتها الدولية بتنظيم انتخابات ديمقراطية».

وبعد فرز 99 في المائة من الأصوات، حصل حزب آتا - جورت (الحزب القومي) على أصوات 8.81 في المائة من المسجلين في اللوائح الانتخابية، متقدما على الحزب الاجتماعي الديمقراطي، المؤيد للحكومة الذي نال 8.01 في المائة. كما حل حزب آر - ناميس (حزب الكرامة)، بزعامة رئيس الوزراء السابق فليكس كولوف، المدعوم من موسكو، في المرتبة الثالثة (7.67 في المائة)، ثم حزب روسبوبليكا، الآتي حديثا إلى الساحة السياسية، ويقوده رجل الأعمال عمر بيك بابانوف. وجاءت المفاجأة من النتيجة السيئة التي حققها حزب آتا - مكين (حزب الوطن) الموالي للحكومة بزعامة الرئيس السابق للبرلمان عمر بيك تيكيباييف، الذي كان يعتبر من الأوفر حظا في الاقتراع، غير أنه لم يحصل إلا على 5.65 في المائة من أصوات الناخبين.

وبهذا تكون هذه الأحزاب الخمسة الوحيدة من أصل 29 حزبا متنافسا التي تتخطى عتبة 5 في المائة من الأصوات المطلوبة للدخول إلى البرلمان. وبات من الواضح أن أي حزب لن يتمكن منفردا من تشكيل حكومة، وبالتالي لا بد من اللجوء إلى ائتلاف في بلد تسوده الانقسامات، بعد أن شهد ربيعا داميا مع اندلاع ثورة أبريل (نيسان) الماضي التي أدت إلى خلع الرئيس كرمان بيك باقييف التي سقط فيها 87 قتيلا، وتبعتها أعمال عنف حصدت مئات الضحايا في الجنوب، غالبيتهم من الأقلية الأوزبكية.

وتأتي النتائج الجيدة لحزب آتا - جورت، الذي يضم عددا كبيرا من المسؤولين في النظام السابق للرئيس المخلوع، لتعيد إحياء التوترات، على خلفية تعرض الحزب للملاحقة بسبب ممارسة التفرقة العرقية، بتجاهله التطلعات السياسية للأقليات، لا سيما الأقلية الأوزبكية. وتخشى وسائل الإعلام المحلية أن تفرز الانتخابات مجلسا نيابيا مفككا يطيل أمد الاضطرابات في البلاد، وهي تتوقع محادثات صعبة لتشكيل غالبية قابلة للاستمرار.

واعتبرت صحيفة «باروس» على موقعها الإلكتروني أن «المعركة السياسية لا تزال في بدايتها، وهي ستكون متوترة وقاسية. وبات واضحا أن أساليب المعركة ستكون قذرة، ومليئة بالاستفزازات». وتابعت الصحيفة «من المبكر جدا الحديث عن استقرار سياسي في قرغيزستان، فتوزيع القوى يبين أن خطر تفكك البرلمان حقيقي».

ووعدت كل الأحزاب بالعمل لإنشاء ائتلاف مستقر. وقال زعيم آتا – جورت: «لم نبدأ المشاورات بعد، وليس لدينا في الوقت الراهن أي ميول».

من جهته أعرب زعيم حزب روسبوبليكا عمر بك بابانوف عن ثقته بأن «الأحزاب ستجد تسوية» في حين اعتبر فليكس كولوف، زعيم آر - ناميس أنه «لا بد من المضي قدما ووضع الطموحات الشخصية جانبا». وبحسب ألكسي ملاشينكو المحلل في مركز كارنيغي في موسكو قد يلعب آر - ناميس دورا محوريا في تشكيل الائتلاف، مما سيسمح لموسكو بأن يكون لها «رجلها القوي» داخل النظام القرغيزي.

وتبنت قرغيزستان عبر استفتاء نظم في يونيو (حزيران) الماضي دستورا جديدا يرسي للمرة الأولى نظاما برلمانيا في آسيا الوسطى. وشهدت قرغيزستان في الماضي خلع رئيسين طاولتهما اتهامات بممارسة المحسوبية واستغلال السلطة، هما عسكر أكاييف في مارس (آذار) 2005 وكرمان بيك باقييف في 2010.

وقرغيزستان هي البلد الوحيد في العالم الذي يضم قاعدة عسكرية روسية وأخرى أميركية، كما تشكل أراضيه معبرا للقوات الأجنبية المنتشرة في أفغانستان.