تقرير وزير العدل اللبناني عن «شهود الزور» يقابل برفض المعارضة ويفتح باب السجال السياسي

مصدر قضائي يستغرب طلب محاكمتهم من دون ملف

TT

بدل أن يضع تقرير وزير العدل إبراهيم نجار حدا للسجالات القائمة منذ ثلاثة أشهر حول ما يسمى ملف «شهود الزور»، خصوصا بعد إقراره بصلاحية القضاء اللبناني في ملاحقة هؤلاء الشهود، فإن قوى «8 آذار» اتخذت منه ذريعة لتسعير السجال وفتح الباب على مصراعيه أمام اشتباك سياسي أكبر وأوسع داخل مجلس الوزراء وخارجه، لا سيما أن ما يعرف بقوى المعارضة، وخصوصا رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله والتيار الوطني الحر، اعتبروا أن هذا التقرير يشكّل التفافا على قضية شهود الزور بالاستناد إلى أمرين؛ الأول تأكيد التقرير أن صلاحية ملاحقة هؤلاء تعود للمحاكم العادية وليس للمجلس العدلي، والثاني أنه يعود للنيابة العامة حق التقدير في تأخير الادعاء على هؤلاء ومحاكمتهم إلى ما بعد صدور القرار الظني عن المدعي العام الدولي دانيال بلمار، على اعتبار أن المستندات المتعلقة بالشهود هي في عهدة التحقيق الدولي الذي يرفض كشفها قبل أن ينتهي من التحقيق ويصدر القرار الاتهامي وتصبح المستندات علنية. وهذا ما ترفضه القوى المشار إليها، التي تلوح بالتصعيد ما لم يستجب لطلبها لجهة وضع المجلس العدلي يده على الملف وهو ما ترجم بتأكيدات من بري بأن وزراءه في الحكومة سيقاطعون جلسات مجلس الوزراء إذا لم يحسم هذه القضية نهائيا.

وفي وقت رأى فيه الخبير القانوني (وزير العدل الأسبق) إدمون رزق أن «المطالبة بإحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي تنم إما عن جهل للقانون وإما عن تسخيف وتشهير له»، واستغرب مصدر قضائي «إصرار البعض على البدء بإجراءات ملاحقة شهود الزور فورا وقبل أن يتكون ملف قضائي حولهم»، وتوقع المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أن «الغاية ليست معرفة هوية شهود الزور ومحاكمتهم، بقدر ما هي إثارة الغبار وتعمية الرأي العام عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسائر الشهداء ومعرفة من يقف وراء هذه الجرائم ومن ارتكبها»، وسأل «كيف يمكن للقضاء أن يفتح تحقيقا من دون أن تكون بمتناوله مستندات ووثائق تثبت أنهم أعطوا إفادات كاذبة؟ وهل المطلوب أن يكون الملف قائما فقط على دعوى (المدير العام السابق للأمن العام اللواء المتقاعد) جميل السيد، على غرار التحقيق والملاحقات القائمة أمام القضاء السوري؟»، مؤكدا أن «هذا الأسلوب لا يوصل إلى حقيقة شهود الزور إلا إذا كان حاملو لواء هؤلاء الشهود يقولون كلام حق يراد به باطل»، وأشار المصدر القضائي إلى استحالة «التحقيق بملف شهود الزور إلا إذا أفرج المدعي العام الدولي، دانيال بلمار، عن عدد من المستندات، ولكن على ما يبدو هذا الأمر غير وارد من قبله (بلمار) قبل صدور القرار الاتهامي لأن هذه المستندات تحاط حاليا بالسرية».

إلى ذلك ذكّر الخبير القانوني اللبناني إدمون رزق بالأصول الواجب اتباعها لتحويل الدعاوى على المجلس العدلي، التي يفترض أن تحال بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل بشرط أن يكون الجرم شكل اعتداء على أمن الدولة. وقال رزق لـ«الشرق الأوسط»: «من المفترض أن رئيس مجلس النواب (نبيه بري) كرئيس للسلطة التشريعية منذ 18 عاما وكمحام ووزير سابق للعدل يعرف الأصول التي يتم بموجبها إحالة القضايا على المجلس العدلي، لأن القصة ليست استنسابية أو قرارا شخصيا، فإذا كان الرئيس بري يعتبر أن شهادة الزور تمثل اعتداء على أمن الدولة فعليه أن ينطلق من مجلس الوزراء، أما إذا كان لا يعتبرها كذلك فهذا أمر خطير، وهو نوع من الخروج عن الصلاحية ومبدأ فصل السلطات، لكن إذا كان (بري) يدلي برأيه كرئيس لحركة أو لحزب فهذا الكلام لا مردود له». ورأى أن تقرير وزير العدل «قانوني وموضوعي ويستند إلى حيثيات ونصوص قانونية واضحة، وليس عبارة عن مطالعة سياسية، من هنا على رئيس المجلس إما أن يراعي الأصول وإما أن يقدم حيثيات قانونية تدحض تقرير الوزير نجار وتؤدي إلى الطعن فيه».