تقنين بث الرسائل الإخبارية عبر الهواتف الجوالة يثير جدلا بين المصريين

حقوقيون: يضيق على الحريات * جهاز الاتصالات: يهدف لمنع البلبلة

TT

أثار قرار الجهاز القومي المصري لتنظيم الاتصالات بإعادة تقنين بث الرسائل الإخبارية عبر الهواتف الجوالة قلق قوى سياسية وحقوقيين وصحافيين مستقلين ومعارضين. إلى ذلك، قال مسؤولون حكوميون إن القرار يهدف إلى تنظيم عملية نشر وبث الأخبار والمعلومات، وإنه لا يمس المحتوى وإنما يضمن أهلية القائمين على البث؛ كل في مجال تخصصه. ويرى معارضون للقرار أنه تقويض لحرية تداول المعلومات ومؤشر خطير على نوايا وتوجهات السلطات في البلاد.

وكان جهاز تنظيم الاتصالات قد أصدر تعليماته لشركات الدعم الفني للمؤسسات التي تقدم خدمة الرسائل القصيرة على الجوال، تقضي بضرورة الحصول على تصريح من الجهات المختصة بحسب طبيعة الخدمة المقدمة حتى يتسنى لها الاستمرار في تقديمها. وبرر الجهاز قراره بقوله إنه «يهدف لمنع الرسائل التي تثير البلبلة في المجتمع».

وأبدى الدكتور محمود الجويني مستشار وزير الاتصالات المصري دهشته من الضجة المثارة حول القرار، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «البعض يرغب في إثارة الرأي العام بلا داع عبر أساليب غير صحيحة وعبر فهم غير دقيق»، مشيرا إلى أن القرار يهدف إلى «تنظيم خدمة». وتابع بقوله: «كل مؤسسة قائمة على تقديم هذه الخدمة عليها أن تعود للجهة المختصة. على سبيل المثال، الشركات التي تقدم فتاوى عبر الرسائل النصية القصيرة عليها أن تعود للأزهر لضمان أن القائمين على تقديم هذه الخدمة من المختصين.. وهذا الإجراء يتم مرة واحدة فقط ولا علاقة لنا بالمحتوى الذي يقدم».

لكن القرار الذي تضمن تحذيرا من عدم توقيع شركات الدعم الفني على تنفيذ القرار أثار مخاوف حقوقيين. وقال بهي الدين حسن مدير «مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان» إنه «حين يصدر قرار مفاجئ ومن دون تقديم مبررات منطقية لاتخاذه، فلا بد من القلق والتحسب، لأننا أمام قمة جبل جليدي»، في إشارة إلى مزيد من التضييق على الحريات، وأضاف أنه حين يترافق هذا القرار مع مناخ عام وسياق من الأحداث يصب في خانة المنع وتشديد الرقابة فلا بد من الارتياب، لافتا إلى أن حديث المعارضين عن أن القرار مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها الشهر المقبل غير كاف لتفسير الإجراءات التي نشهدها الآن.. «الأمر يتجاوز الانتخابات المقبلة، هناك مشهد يرتسم أمامنا عنوانه التكميم والتقييد، فالنظام يواجه السؤال الكبير حول شخص ومشروعية الرئيس القادم». وتستعد البلاد لإجراء انتخابات البرلمان في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وهي الانتخابات الممهدة للانتخابات الرئاسية المقررة في خريف العام المقبل. ولم يسم الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) مرشحه للرئاسة، ولم يعلن الرئيس المصري حسني مبارك (82 عاما) إن كان ينوي الترشح لولاية جديدة أم لا.

وشهدت الأيام القليلة الماضية إقالة رئيس تحرير صحيفة «الدستور» الخاصة، إبراهيم عيسى، من موقعه، وتوقفه عن المشاركة في تقديم برنامج على إحدى الفضائيات الخاصة، وعلى الرغم من أن ملاك الصحيفة والقناة الفضائية ينتمون لقوى معارضة في البلاد، فإن الجدل ازداد حول ما قيل إنها ضغوط من النظام لإقصاء منتقديه خاصة في وسائل الإعلام بعد توقف برنامج «القاهرة اليوم» للإعلامي عمرو أديب. وعبر نقيب الصحافيين في مصر مكرم محمد أحمد في تصريحات له عن خشيته على «الكلمة» قائلا: «هناك ما يدعونا للقلق على الكلمة»، رافضا الربط بين أزمة صحيفة «الدستور» وبرنامج «القاهرة اليوم» وبين ما أبداه من قلق.

من جهته، اعتبر سعيد شعيب مدير مركز «صحافيون متحدون» أن قرار وزارة الاتصالات اعتداء على حرية الصحافة وعلى حق أصيل للمواطن وهو حرية تداول المعلومات، و«هو حق أكدته المواثيق الدولية الملزمة لمصر باعتبارها من الدول الموقعة عليها».