اتهام نتنياهو بقيادة إسرائيل لعزلة غير مسبوقة.. ونائبه لا يتوقع اتفاقا قبل 2028

انتقادات محلية ودولية للعبة ربط تجميد الاستيطان بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية

TT

جوبه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بحملة انتقادات واسعة دولية وإسرائيلية داخلية على السواء، بسبب اقتراحه على الفلسطينيين «الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية مقابل تجميد البناء الاستيطاني لفترة محدودة». وحذر العديد من السياسيين الإسرائيليين من أن ألاعيب نتنياهو ستجعل إسرائيل في عزلة غير مسبوقة. ولكن الوزراء المحيطين به يناصرونه على تطرفه. وصرح نائبه، موشيه يعلون، أن أحدا من الوزراء السبعة الذين يقودون الحكومة في القضايا الاستراتيجية لا يؤمن أن هناك احتمالا للتوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال سنة، كما يطمح الرئيس الأميركي، باراك أوباما.

وكان نتنياهو قد خرج بتصريح مفاجئ أول من أمس قال فيه إنه في حالة قبول الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية ديمقراطية، فإنه مستعد لأن يطرح على حكومته اقتراحا بتجميد البناء الاستيطاني لفترة محدودة.

وجاء رد الفعل على أقواله سريعا من مختلف الأوساط السياسية ومن الخبراء في إسرائيل والخارج، وساد إجماع على أن هذا الاقتراح ما هو إلا لعبة مكشوفة ومفضوحة تدل على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستخف بالعالم كله، حيث إن نتنياهو يعرف جيدا أن أي قائد فلسطيني لن يقبل اقتراحه.وقالت رئيسة المعارضة، تسيبي ليفني، أمس، خلال محاضرة لها في وزارة التجارة والصناعة، إن نتنياهو ووزير خارجيته، أفيغدور ليبرمان، يلحقان الضرر بمصالح إسرائيل الاستراتيجية. ليبرمان يحدث أزمة ثقة خطيرة مع أوروبا ونتنياهو يسخر من وعي وثقافة الإدارة الأميركية ويدير سياسة ألاعيب معها. إنه ببساطة لا يعرف ما معنى الدخول في صدام مع الولايات المتحدة، وأثره المدمر على مصالح إسرائيل. وكتب المحرر السياسي في صحيفة «هآرتس»، عكيفا الدار، أمس، أن نتنياهو ليس ساذجا إنما يحاول الاستمرار في نهجه المألوف بأن يتسبب في إفشال المفاوضات بطريقة تظهر الفلسطينيين رفضيين. ولكن مشكلته أن هذه اللعبة لا يمكن أن تنطلي على الرئيس الأميركي، باراك أوباما. وفي هذه الحالة، فإنه سيخرج من هذه اللعبة خالي الوفاض على أقل تعديل.

وكتب المحرر السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، أن نتنياهو أوقع نفسه في عدة مطبات عندما طرح اقتراحه المذكور. فأولا برهن على أن تجميد البناء الاستيطاني مرة أخرى هو أمر ممكن، وأنه لا يخشى من معارضة المستوطنين أو الشركاء اليمينيين في الحكم وأن القضية هي قضية الثمن الذي يتقاضاه من ذلك. وثانيا: برهن على أنه لا يوفر أي وسيلة ليحبط مسيرة السلام والمفاوضات الجادة في سبيلها. وثالثا، برهن على أنه يستخف بعقول كل الناس، إذ إنه يعرف أنه لم يولد بعد القائد الفلسطيني الذي يوافق على الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، خصوصا أن إسرائيل لم يسبق وأن طلبت من مصر أو الأردن مثل هذا الاعتراف عندما فاوضتهما على السلام.

وهاجم شيفر الرئيس شيمعون بيريس، لأنه لم يرد على نتنياهو ولم يوضح له أنه لا يستطيع الاستمرار في الاستخفاف بعقول البشر إلى هذه الدرجة. وقال إن على بيريس أن يستغل مكانته ويوضح للعالم أن نتنياهو لا يمثل الشعب في إسرائيل بهذا الاقتراح.

وفي أوروبا، صدر بيان رسمي عن مسؤولة الشؤون الخارجية، يقول إن الحديث عن الدولة اليهودية يمس بحقوق المواطنين العرب وغير اليهود الآخرين في إسرائيل. ويطالب حكومة نتنياهو بانتهاج سياسة مساواة كاملة للمواطنين. وفي الولايات المتحدة لم يصدر بيان رسمي، لكن مراسل صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قال إن الأميركيين ينتظرون عبور فترة الانتخابات الجزئية للكونغرس ليتفرغوا لنتنياهو وطروحاته. وأكد أن أوباما قد لا يمارس ضغوطا فظة على نتنياهو، مثلما فعل قبل سنة. ولكن لديه وسائل ضغط أخرى ناجعة، لن يتردد في استخدامها، في حالة استمرار نتنياهو في ألاعيبه. لكن من جهة ثانية، وجد نتنياهو من يناصره من السياسيين المحيطين به. فقد أعلن نائبه، وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعلون، أن العالم مخدوع بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ويصدقون أنه رجل سلام وما يفعله نتنياهو هو أنه يكشف وجهه الحقيقي، «فهو لا يختلف عن سلفه ياسر عرفات وكل ما يفعله أنه يحاول تأليب العالم على الحكومة الإسرائيلية. ولكنه في الحقيقة يتهرب من مستلزمات عملية السلام». وأضاف يعلون أنه لا يعرف أحدا من الوزراء السبعة الذين يقودون إسرائيل في الشؤون الاستراتيجية، بمن في ذلك وزير الدفاع إيهود باراك، يؤمن أن بالإمكان تحقيق سلام مع الفلسطينيين خلال سنة. وقال إنه شخصيا لا يرى إمكانية لاتفاق سلام معهم قبل سنة 2028.