ساعة الخلاص تدق للمحاصرين في المنجم

العالم يتابع نهاية معاناة 33 عاملا بقوا عالقين تحت الأرض 68 يوما في تشيلي

أحد عناصر الإنقاذ يجرب كبسولة شبيهة بالتي يجري استخدامها لإخراج العالقين أمس (أ.ف.ب)
TT

وأخيرا، دقت ساعة الخلاص لعمال المنجم الـ33 العالقين منذ أكثر من شهرين على عمق 700 متر تحت الأرض في تشيلي. فقد كان مقررا أن يبدأوا بالصعود إلى سطح الأرض الواحد تلو الآخر ابتداء من الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، في عملية إنقاذ غير مسبوقة.

وذكرت الحكومة التشيلية أنه تم تقديم موعد البدء بالعملية بنحو 3 ساعات. وكان مقررا أن يجري إنزال كبسولة لانتشال أول عامل في حدود الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، أي الواحدة صباحا بتوقيت غرينتش. وقال المهندس ريني اجويلار، إن التوقيت، يظل مجرد تقدير يعتمد على سرعة تماسك الأساسات الخراسانية لرافعة الإنقاذ.

وتقضي الخطة بإخراج العمال إلى السطح، كل واحد على حدة، داخل كبسولة فولاذية تشدها لأعلى رافعة من على عمق أكثر من 600 متر تحت الأرض. وسيستغرق الأمر من كبسولة الإنقاذ (فينكس) نحو 55 دقيقة لإنقاذ كل عامل على حدة. وسيستغرق الأمر من الكبسولة 20 دقيقة للوصول إلى عمال المناجم و20 دقيقة أخرى لوضع العامل داخلها و15 دقيقة لرفعها إلى أعلى ممر الإنقاذ. وتتوقع السلطات إنجاز عملية إنقاذ كل العاملين في غضون يوم أو يومين. وسيحمل كل عامل لواقط كهربائية تتابع باستمرار حركة ضربات القلب والتنفس والتهوية واستهلاك الأكسجين والحرارة. وإذا ما طرأت مشكلة، يستطيع أن يفك الكبسولة ثم ينزل بهدوء. وقد استخدمت الدولة التشيلية وسائل جبارة لإنقاذ هؤلاء العمال الناجين بأعجوبة، الذين باتوا نجوما عالميين. وانتدبت الحكومة وزيرا يداوم يوميا في مكان الحفر، واستخدمت 3 حفارات لحفر بئر الإخلاء ورافعات وكبسولات للإنقاذ صنعت خصيصا في ورش البحرية. وتلقى العمال المحاصرون من بين ما تلقوا رسائل دعم من فنانين، ومايوهات تحمل تواقيع لاعبين نجوم في كرة القدم، وسبحات صلاة باركها البابا، وأجهزة «آي بود» قدمها رئيس شركة «آبل» ستيف جوبز لمساعدتهم على الصمود في محنتهم المستمرة منذ 68 يوما تحت الأرض. واعتبر وزير الصحة خايمي ماناليس «أنهم 33 شخصا راشدا ويتمتعون باستقلالية تامة وقد تمكنوا من مواجهة محنة لم نشهد مثيلا لها من قبل في تاريخ البشرية».

وبعد 7 أيام على الانهيار الذي أدى إلى احتجاز الـ33 في عمق منجم الذهب والنحاس في سان خوسيه (شمال) في الخامس من أغسطس (آب) الماضي، اعتبر وزير المناجم لورنس غولبورن أن إمكانية العثور عليهم على قيد الحياة «ضعيفة جدا». لكن ضغط عائلات عمال المناجم التي خيمت في الموقع منذ اليوم التالي، حمل عمال الإنقاذ على متابعة جهودهم حتى نقل مسبار في 22 أغسطس الرسالة المكتوبة على ورقة صغيرة باتت شهيرة «نحن على ما يرام، الــ33 في الملجأ».

وبعد تحضير بئر الإخلاء التي يبلغ طولها 622 مترا وإجراء تجارب على كبسولة الإنقاذ التي ترفع عمال المناجم إلى سطح الأرض، أعرب غولبورن عن أمله في أن بدء عملية الإنقاذ في الساعة الصفر من اليوم (الأربعاء). لكن الموعد قدم في اللحظة الأخيرة. وقد بدأ عمال المناجم يعربون عن نفاد صبرهم في الأيام الأخيرة. وقال ألبرتو سيغوفيا شقيق داريو سيغوفيا «إنه يشعر بالقلق من اقتراب يوم الخروج على غرار جميع رفقائه. وهم يصلون كثيرا لتبديد توترهم». وأعرب آخرون عن قلقهم من فكرة الصعود في قفص معدني ضيق يبلغ قطره 53 سم. وطلب الفريق الطبي من الـ33 إجراء تمارين «تحاكي الضغط النفسي» للصعود. وينتظر ذوو الـ33 الذين يواجه بعض منهم منذ أكثر من شهرين درجات الحرارة المرتفعة خلال النهار وصقيع الليالي في صحراء أتاكاما، بفارغ الصبر أيضا أن يستقبلوهم بالأحضان. وذكرت السلطات أن مجموعة من 4 إلى 5 عمال تعتبرهم «الأكثر استعدادا» سيكونون أول الخارجين. وسيليهم 10 عمال يعتبرون الأضعف جسديا أو نفسانيا، ثم الأقوياء القادرون على تحمل فترة انتظار طويلة.

وسيجرى للعمال العالقين، فحص طبي فور عودتهم إلى سطح الأرض ثم يلتقون عائلاتهم قبل نقلهم إلى مستشفى كوبيابو الذي يبعد أقل من ربع ساعة بالمروحية، حيث سيبقون يومين لإجراء فحوص طبية متقدمة إلا إذا حصلت مضاعفات. ثم سيواجه العمال الضغط الإعلامي الهائل الذي سيمارسه نحو 1700 صحافي جاءوا لتغطية «النهاية السعيدة» لهذه القصة التي ترددت أصداؤها في كافة أنحاء العالم والتي تفتح شهية منتجي الأفلام السينمائية.