السعودية تطلق برنامجا لثقافة الحوار والسلام في اليونيسكو

مديرة المنظمة لـ«الشرق الأوسط»: بدأنا العمل مع الرياض لوضع خطة فعلية للأعمال المستقبلية

الأمير فيصل بن عبد الله وزير التربية والتعليم والمديرة العامة لمنظمة «اليونيسكو» إيرينا بوكوفا خلال اعلان انشاء البرنامج في باريس امس («الشرق الأوسط»)
TT

أعلنت السعودية أمس عن إنشاء برنامج عبد الله بن عبد العزيز العالمي لثقافة الحوار والسلام، بمنظمة اليونيسكو في باريس أمس، ودعمه بميزانية قدرها 5 ملايين دولار، لخدمة أهداف اليونيسكو في مجال حوار الثقافات، والذي أتى تزامنا مع انطلاق أعمال الدورة الـ 185 لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونيسكو».

وأكد الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد آل سعود، وزير التربية والتعليم السعودي ممثل خادم الحرمين الشريفين لإعلان إنشاء برنامج عبد الله بن عبد العزيز العالمي لثقافة الحوار والسلام في مقر اليونيسكو بباريس، أمس، إيمان بلاده الراسخ برسالة اليونيسكو وحرصها البالغ على تطوير آفاق التعاون لتحقيق أهدافها النبيلة.

أمام ذلك رحبت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بالمبادرة السعودية، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» بدء العمل مع السعودية لوضع خطة فعلية للأعمال المستقبلية.

وشددت إيرينا بوكوفا، على أهمية الحوار بين الثقافات كبداية لتحقيق السلام، والاتصال بالآخر وزرع الثقة التي من شأنها فتح الطريق للحديث عن مشاكل وقضايا المجتمعات والانفتاح على الآخر والوصول لنقاط اتفاق مهمة في تبني مبادئ التسامح والسلام.

وعبرت المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة في حديثها لـ«الشرق الأوسط» عن إعجابها الشديد بأعمال مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، مضيفة «من خلال الحوار الوطني الداخلي تكون البداية، التي من خلالها ننطلق للحوار العالمي». وهنا أعرب الوزير لـ«الشرق الأوسط» عن سعادته بشرف تمثيل وزارة التربية والتعليم، لإعلان مبادرة خادم الحرمين الشريفين، والذي يعد مشروعا كبيرا ستحتضنه «اليونيسكو» والتي تحتل ثقلا دوليا كبيرا، مؤكدا في الوقت ذاته أن اليونيسكو قدرت مكانة خادم الحرمين الشريفين، كما كانت تطمح أن يكون حاضرا خلال إعلان هذه المبادرة.

وذكر الأمير فيصل خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة إعلان برنامج الملك عبد الله العالمي لثقافة الحوار والسلام: «إن ثقتنا كبيرة في قدرة اليونيسكو على مواجهة التحديات التي تواجهها، فلنوحد جهودنا تحت مظلتها من أجل استشراف مستقبل أفضل للأجيال القادمة. ونحن متفائلون بأن تشهد المرحلة المقبلة من عمل المنظمة نشاطا أكثر فاعلية لتحقيق الأهداف المشتركة لنا جميعا تحت لواء المحبة والتكاتف ونشر السلام بين شعوب العالم».

وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن دور اليونيسكو في حماية الهوية الثقافية التراثية والطبيعية لفلسطين، أوضح الأمير فيصل أن المبادرة التي نراها اليوم تعد رسالة عظيمة، إذ إنها رسالة للحوار، مضيفا «إن الأمل كبير في أن هذا المشروع سيكون له تأثير كبير في الحفاظ والاهتمام بالتراث الفلسطيني وهذا هو تراثنا وأصالتنا خصوصا في فلسطين».

وقال الوزير السعودي إن القضية الفلسطينية ستظل بإشكالاتها وتداعياتها عائقا كبيرا، لكل مبادرة في العالم العربي لنشر ثقافة السلام والتسامح. «وحينما نؤكد على تلك المسلمة التاريخية، لا نحمل منظمتنا أكثر مما تتحمل بالانشغال بالصراع السياسي والعسكري، لكننا نناشدها أن تنتصر بصوت عال لدعم الحقوق الأساسية في التعليم والثقافة والتراث الفلسطيني».

وزاد: «وفي الوقت الذي نثمن قرار لجنة التراث العالمي في دورتها الأخيرة بالبرازيل الذي تضمن الدعوة لحماية التراث الثقافي والطبيعي الفلسطيني، وإيفاد بعثة من أجل تقويم حالة تلك المواقع، وقد عرض على أنظار المجلس - خلال الدورة السابقة وعدد من الدورات قبلها - عدد من الوثائق التي تشرح ما تتعرض له المواقع الأثرية والثقافية الفلسطينية من اعتداءات، وما زالت مستمرة حتى اليوم».

وأضاف «باسم السعودية، نؤكد مجددا دعمنا للقرارات الخمسة المتعلقة بالمسألة الفلسطينية، والتي تم تأجيلها في دورة المجلس السابقة، ولم تعد قابلة لمزيد من التأجيل في ظل الأوضاع السيئة هناك».

وأوضح وزير التربية والتعليم السعودي أن بلاده «عبرت في كل مناسبة عن إيمانها العميق بأهمية أن يسود السلام كل مناطق النزاع، وأن تتم معالجة المشكلات بالحوار الذي يرسخ المبادئ المشتركة بين الأمم والحضارات المختلفة، وتسعى إلى تعزيز التعايش والتفاهم وإشاعة القيم الإنسانية، كمدخل لإحلال الوئام محل الصدام؛ ونزع فتيل النزاعات والمساهمة في تحقيق الأمن والسلام؛ فعلى الصعيد المحلي؛ فعلت ثقافة الحوار على أوسع نطاق، وتم إنشاء مركز متخصص للحوار الوطني، يشارك فيه جميع أطياف المجتمع السعودي. كما أولت المملكة عناية خاصة بتطوير برامج التعليم وإعطاء فرصة للجنسين إضافة إلى محو الأمية وتوفير فرص التدريب والتأهيل للعمل. وانفتحت على مختلف الثقافات، والحضارات، عبر ابتعاث قرابة تسعين ألف طالب وطالبة للدراسة الجامعية في أربع عشرة دولة في القارات الخمس؛ وتدعم حكومة بلادي جهود المحافظة على الترابط الأسري بوصفه الركيزة الأساسية لاستقرار المجتمع وخط الدفاع الأول ضد انحراف الشباب واستقطابهم من قبل مروجي الأفكار المتطرفة، إضافة إلى اعتماد برامج ومشاريع للنهوض بالمرأة السعودية وتمكينها من المشاركة الفعالة في جميع مجالات الحياة.

وزاد: «تواصلت مبادرات الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين الأديان والثقافات، ومبادراته المتنوعة لخير الإنسانية التي كان آخرها الإعلان عن إنشاء مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود العالمية للأعمال الخيرية والإنسانية التي ستنشط في مجالات العمل الخيري والإنساني حول العالم.

من جانبه أكد الدكتور زياد الدريس، مندوب السعودية الدائم لدى اليونيسكو، أن هذا البرنامج يعد امتدادا لسلسلة مبادرات خادم الحرمين الشريفين المتنوعة لإبراز عالمية الرسالة الإسلامية ودورها في ترسيخ السلام والتعايش من خلال الحوار باعتبار السلم قيمة محورية في المنظومة الاجتماعية الإسلامية، وقد لقي ترحيبا وتقديرا عاليين من منظمة اليونيسكو.

وأضاف: إن المندوبية الدائمة للسعودية لدى اليونيسكو سوف تتابع تنفيذ البرنامج بالتعاون مع مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، للعمل من أجل تحقيق أهدافه الاستراتيجية من خلال التواصل مع منظمة اليونيسكو، وفي مقدمة تلك الأهداف: التعريف بقيمة السلام وأثره في بسط التعايش السلمي والمثمر بين البشر من كل الأجناس والحضارات.