السودان: كير وطه يتفقان على التهدئة ووقف التصعيد الإعلامي ومنع الصدامات

الحركة الشعبية تعتبر أي تأجيل للاستفتاء «صدمة للجنوبيين» > مصدر دبلوماسي مصري: زيارة أبو الغيط للخرطوم لم تكن مبرمجة وفق جدول محدد

أعضاء في قبيلة المسيرية لدى حضورهم المؤتمر الصحافي في الخرطوم أمس قبل ذهاب وفد منهم إلى اديس أبابا لمناقشة قضية ابيي الغنية بالنفط (رويترز)
TT

اتفق شريكا الحكم في السودان، بعد لقاءات ماراثونية لنائبي الرئيس السوداني في جوبا، على التهدئة ووقف التصعيد الإعلامي ومنع أي اصطدامات بين قوات الطرفين التي باتت في حالة تأهب، في وقت تقرر فيه عقد اجتماع ثان بين الرئيس عمر البشير ونائبيه الأسبوع المقبل لمناقشة القضايا العالقة. وأعلنت الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب، أمس، أن أي تأجيل للاستفتاء حول مصير الجنوب، المقرر مطلع العام المقبل، من شأنه إصابة شعب الجنوب بـ«صدمة كبيرة». وأعلنت الخرطوم عن تأجيل زيارة لوزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ومسؤول المخابرات عمر سليمان كان مقررا لها أول من أمس، الثلاثاء، بسبب «ازدحام البرنامج التنفيذي».

وقاد نائبا الرئيس السوداني بمدينة جوبا اجتماعات مطولة استمرت يومين على خلفية فشل مفاوضات الشريكين حول منطقة أبيي الغنية بالنفط، من أجل الوصول إلى تهدئة للأوضاع المتصاعدة إعلاميا، وسياسيا، وتبادل الاتهامات بحشود عسكرية على الحدود بين الشمال والجنوب. وسافر نائب الرئيس علي عثمان محمد طه إلى جوبا، أول من أمس، وعقد عدة لقاءات مع النائب الأول رئيس حكومة جنوب السودان سلفا كير ميارديت، لبحث المسائل العالقة في تنفيذ بنود اتفاقية السلام الشامل والتحركات العسكرية من القوات المسلحة والجيش الشعبي حول المناطق الحدودية، ووجها مجلس الدفاع المشترك ولجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار لتكثيف نشاطهما والتوجه لمناطق تحرك الجانبين لمنع المواجهات، وأعلنا التزامهما بحل القضايا عبر الحوار. وأكد سلفا كير في تصريحات صحافية عقب الاجتماع أن الاجتماع مع طه هدف لتهدئة الأوضاع ووقف التصعيد في وسائل الإعلام بين شريكي الاتفاقية. وأضاف أن الاجتماع أمّن توجيه مجلس الدفاع المشترك ولجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار لتكثيف نشاطاتهما والتوجه نحو مراكز تحركات قوات الجانبين بهدف منع الاصطدامات. وكشف عن اجتماع لمؤسسة الرئاسة سيعقد الأسبوع القادم لمتابعة الموضوعات العالقة وإكمال الحوار السياسي بين شريكي الاتفاقية.

ومن جانبه، قال طه إن الاجتماع أمّن على ضبط التحركات العسكرية والمناخ السياسي، ودعا كل مكونات المجتمع للمحافظة على السلام الاجتماعي. وأبان طه أن الاجتماع أمّن على ضرورة حماية الاتفاقية عن طريق مجلس الدفاع المشترك ولجنة مراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار. وذكر أن شريكي الاتفاقية أكدا التزامهما بعدم العودة إلى المواجهات العسكرية وحل القضايا بالحوار والاتفاق السياسي.

وكان نائب رئيس الحركة الشعبية، رئيس مجلس تشريعي جنوب السودان، جيمس واني ايقا، قد استبق اتفاق نائبي البشير باتهامات اعتبر فيها أن الفشل في إجراء استفتاء جنوب السودان في التاسع من يناير (كانون الثاني) القادم يعني بشكل تلقائي انهيار اتفاقية السلام والدستور. وأعلن أن الحركة الشعبية ستضطر إزاء ذلك إلى إجراء الاستفتاء من طرف واحد وبإشراف الأمم المتحدة. ورأى أن «المؤتمر الوطني» يتعمد (إنتاج أزمات طارئة) لعرقلة الاستفتاء مثل لها بإثارة مشاركة المسيرية في استفتاء أبيي رغم أن الأمر لم يكن مطروحا إبان المفاوضات، وتمسكت الحركة بنشر قوات دولية في منطقة عازلة على حدود الشمال والجنوب، والتحقيق في المزاعم بشأن الانتشار العسكري خارج النطاق المسموح به.

وقال إن «أي تأجيل للاستفتاء من شأنه إصابة شعب الجنوب بـ(صدمة كبيرة)»، ورأى أن المؤتمر الوطني يريد تأجيلا بلا نهاية للعملية، قبل أن يشير إلى أن قياسات رأي أجريت في 3 ولايات أوضحت أن الجنوبيين سيصوتون لصالح دولة مستقلة بأغلبية مطلقة. وعزا ذلك إلى «مخاوف من تكرار الظلم واستمرار التهميش»، بجانب عدم تحقق اشتراطات الوحدة على أسس جديدة وسلوك «المؤتمر الوطني» في تنفيذ اتفاقية السلام.

في غضون ذلك، أكدت وزارة الخارجية السودانية أنها أجلت زيارة وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، ومدير المخابرات عمر سليمان، من أول من أمس الثلاثاء إلى وقت لاحق يحدد عبر القنوات الرسمية. ونقل المركز السوداني للخدمات الصحافية الموالي للحكومة عن وزير الدولة بالخارجية كمال حسن علي أن «ازدحام البرنامج التنفيذي واستئناف الدورة التشريعية للمجلس الوطني التي دشنها الرئيس البشير بخطابه أمس أديا إلى تأجيل زيارة الوفد المصري»، مبينا أن الزيارة ستحدد لاحقا عبر القنوات الرسمية. وأشار وزير الدولة بالخارجية إلى الجهود المصرية المقدرة التي تبذلها القاهرة حول القضايا العالقة بين الشريكين، «المؤتمر الوطني» و«الحركة الشعبية»، مبينا أن الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية المصري ومدير المخابرات تأتي استكمالا للمساعي المصرية حول حلحلة القضايا العالقة بملف السلام في البلاد بصورة عامة، مؤكدا أن السودان يرحب بأي جهد عربي صادق يساعد على استدامة السلام في ربوع البلاد.

وفي القاهرة قال مصدر دبلوماسي مطلع إن زيارة أبو الغيط وسليمان لم تكن مبرمجة وفق جدول مواعيد محدد، مشيرا إلى أن مصر حريصة على التنسيق المستمر مع السودان. وأضاف المصدر أن أبو الغيط حريص على زيارة الخرطوم في أقرب وقت ممكن بعد عودته من بروكسل، حيث من المقرر أن يلتقي عددا من وزراء خارجية الدول الأوروبية ضمن ما يعرف بـ«مجموعة أصدقاء باكستان».