عبد ربه لـ«الشرق الأوسط»: أعطونا خريطة أولا ثم اسألونا

ردا على مطالبة الخارجية الأميركية بالاعتراف بيهودية إسرائيل.. غضب داخل الخط الأخضر والضفة وغزة على تصريحاته

رجل أمن اسرائيلي يهدم جدارا خشبيا اقامه المستوطنون بشكل غير شرعي في مستوطنة رمات ميغرون امس (إ.ب.أ)
TT

طالب ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الإدارة الأميركية، بأن تقدم للجانب الفلسطيني خريطة توضح الحدود التي تريد إسرائيل الاعتراف بها. وقال عبد ربه لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أن تطالبنا الإدارة الأميركية، بالاعتراف بإسرائيل بأي صيغة من الصيغ، يتوجب عليها أولا أن تبعث إلينا بخريطة لحدود إسرائيل».

وكان عبد ربه يرد على تصريحات للمتحدث باسم وزارة الخارجية، فيليب كراولي، قال فيها الليلة قبل الماضية، على الفلسطينيين أن يتجاوبوا مع المطلب الإسرائيلي.

وتساءل عبد ربه «ما هي الحدود التي تريد منا حكومة بنيامين نتنياهو الاعتراف بها؟.. هل هي حدود 1967 أم هي الحدود الحالية للاحتلال التي تضم الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، الذي مهما قيل عنه فإنه لا يزال محتلا عمليا».

وأضاف عبد ربه «عندما نتسلم هذه الخريطة، سنتعامل معها بروح القانون الدولي»، مذكرا «بأننا أعطينا اعترافنا بإسرائيل عام 1993 (رسائل تبادل الاعتراف بين منظمة التحرير وحكومة إسحاق رابين، قبل توقيع اتفاق أوسلو في واشنطن).. نحن اعترفنا بإسرائيل، وإسرائيل لن تعترف بدولة فلسطينية بل بمنظمة التحرير فقط». وتابع القول «لهذا نحن في انتظار تسلم خريطة من الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية لحدود إسرائيل حتى نتعامل معها».

واستطرد مفسرا تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي اشترط فيها اعتراف الفلسطينيين بيهودية إسرائيل مقابل تمديد تجميد الاستيطان لشهرين أو ما شابه ذلك، قائلا «إن كلام نتنياهو يعني إسرائيل ذات الحدود المفتوحة بما يشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية، مما يعني أن الاستيطان فيها شرعي باعتبارها وطنا للشعب اليهودي ويجعل وجودي (ووجود كل فلسطيني) في بيتي، ذاته غير شرعي».

ومرة أخرى طالب عبد ربه «أعطونا خريطة أولا ثم اسألونا ثانية أي أسئلة أخرى تريدون».

ولم يشر عبد ربه بشكل مباشر وبالنص، إلى استعداد الشعب الفلسطيني للاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، ولكنه أبدى الاستعداد للاعتراف بها بأي صيغ من الصيغ، مما فهم من كلام الاستعداد بيهودية إسرائيل.

وكان عبد ربه قد أدلى بهذه التصريحات لصحيفة «هآرتس»، التي نقلت عنه القول «من المهم بالنسبة لنا أن نعرف أين تنتهي حدود إسرائيل وتبدأ حدود فلسطين. وأي شكل أو صيغة يقدمها الأميركيون، حتى مطالبتنا أن نسمي إسرائيل دولة صينية سنوافق على هذا الطلب، طالما حصلنا على مناطق 1967».

غير أن هذا الكلام لم يكن مقبولا للدكتور أحمد الطيبي عضو الكنيست عن الحركة العربية للتغيير الذي قال «فوجئت بهذا التصريح كما ورد في (هآرتس) وهو تصريح غبر مبرر». وقال الطيبي لـ«الشرق الأوسط»: «ولكي أكون واضحا.. فلا أحد مخول بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ودولة قومية للشعب اليهودي، لأن هذا الاعتراف يكرس المكانة المنقوصة أصلا للعرب في إسرائيل (عرب الداخل) ويلغي حق العودة (للاجئين الفلسطينيين وفق قرار الأمم المتحدة 194 لعام 1948) ويكرس أيضا الرواية الصهيونية على حساب الرواية الفلسطينية».

وأضاف الطيبي أن «الفصائل الفلسطينية ليست مطالبة ولا مخولة باتخاذ مثل هذا الموقف. نحن لا نريد أن نكون طرفا مشاركا على طاولة المفاوضات، كما لا نريد أن يكون أي تصريح أو موقف من أي طرف، على حسابنا».

وتابع القول «منظمة التحرير اعترفت بإسرائيل.. والاعتراف يضم الحدود والسيادة ولا يضم الهوية والتعريف». ودعا الطيبي منظمة التحرير «للاستمرار في رفض مطلب نتنياهو التعجيزي، خاصة أن القراءة للخريطة السياسية والحزبية في إسرائيل، تؤكد أن هذه الحكومة لن تقترب من الاعتراف بحدود 1967». واختتم الطيبي بالقول «وحتى محاولات رمي الكرة في الملعب الإسرائيلي يجب أن تكون حذرة ومحسوبة».

وتعرض عبد ربه لهجمة عنيفة على تصريحاته. وطالب النائب جمال زحالقة، عضو الكنيست عن كتلة التجمع الوطني الديمقراطي، عبد ربه «بالاستقالة فورا، وإذا لم يفعل ذلك، على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إقالته من منصبه كأمين لسرها»، وقال: «لا يحق لعبد ربه أو غيره أن يبيع حقوق الفلسطيني في الداخل، وأن يتنازل عن حقوق اللاجئين في الشتات، وأن يمنح شرعية فلسطينية لذلك عبر الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية».

وقالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن التصريحات المنسوبة لعبد ربه لا تمثل منظمة التحرير، وأضافت في بيان: «إنها تتناقض مع مواقف المنظمة والقوى الوطنية والإسلامية ولا تعبر عن المنظمة». وأكدت أن «هذه المواقف وتداعياتها، ما هي إلا تعبير عن حالة الإفلاس السياسي والانهيار أمام إملاءات الاحتلال ومخططاته لتفتيت الساحة الفلسطينية وتصفية قضية فلسطين».

وطالب النائب الثاني لرئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشه بمحاسبة عبد ربه، معتبرا تصريحاته «انعكاسا لحالة استسلام وخنوع وعجز والسير عكس التيار الشعبي والوطني الرافض». وطالب فصائل منظمه التحرير بأن توضح موقفها من التصريحات التي قال إنها «تجاوزت كل الخطوط الحمراء، حيث إنه لا يمكن أن تعبر عن وجهة نظر شخصية وإنما تأتي في إطار كونها بالون اختبار لقياس ردود الأفعال على مثل هذه التصريحات الخطيرة التي تمس بحق العودة وبأهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948، وتتساوق مع المشروع الصهيوني».

ودعا أحمد بحر النائب الأول لرئيس المجلس إلى محاكمة عبد ربه، مؤكدا في بيان نشره المركز الفلسطيني للإعلام، أن هذه التصريحات «تنتهك كل أسس وأصول التوافق الوطني الفلسطيني، وتفتح المجال أمام انقسامات جديدة في الصف الوطني الفلسطيني»، موضحا أن «المصالحة الوطنية تبدو مع هذه التصريحات أمام خطر داهم وكبير». ووصف بحر، التصريحات بـ«الخطيرة وذات التداعيات القاسية على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية»، داعيا قيادة حركة فتح إلى توضيح موقفها.