حملة إسرائيلية لمنع أوباما من تخفيض الضمانات المالية

واشنطن تقدم منذ 1992 ضمانات بقيمة 10 مليارات دولار

TT

مع تلميح عدد من المسؤولين الأميركيين بأن إدارة الرئيس باراك أوباما لا تستبعد استخدام الضمانات المالية لممارسة ضغوط سياسية على حكومة بنيامين نتنياهو، أطلقت وزارة المالية الإسرائيلية حملة إعلامية تستهدف ممارسة ضغط استباقي داخل الولايات المتحدة لمنع تخفيض هذه الضمانات ولابتزاز موقف أميركي رسمي تتعهد به واشنطن باستمرار هذه الضمانات.

وجاءت هذه الحملة، أمس، إثر الإعلان عن قدوم وفد من دائرة المساعدات الخارجية في وزارة الخارجية الأميركية إلى إسرائيل للتباحث في أمر هذه الضمانات، وإن كان ضروريا إبقاؤها على ما هي.

يذكر أن الولايات المتحدة تقدم لإسرائيل، ومنذ عام 1992، ضمانات مالية بقيمة 10 مليارات دولار، إضافة إلى المساعدات المالية بمقدار 3 مليارات دولار سنويا تمنح لها منذ اتفاقيات كامب ديفيد للسلام مع مصر في سنة 1979. بفضل هذه الضمانات، تحصل إسرائيل على قروض بفوائد منخفضة وشروط سهلة ويتم تدريجها في مرتبة مرتفعة في سلم الدول ذات الأمان الاقتصادي. ومع أن قيمة الضمانات 10 مليارات دولار، فإنها تتيح لإسرائيل الحصول على قروض بضعفي هذا المبلغ في العالم.

وكانت إسرائيل قد طلبت هذه الضمانات في سنة 1990، في زمن رئيس الوزراء الأسبق، اسحق شمير، والرئيس الأميركي، جورج بوش الأب. وعندما راح شمير يماطل في التقدم في مفاوضات السلام، التي انطلقت في مؤتمر مدريد سنة 1991، وبلغ إلى مسامع بوش أن شمير قال لمساعديه إنه سيجر هذه المفاوضات عشرات السنين، قرر الرئيس الأميركي الامتناع عن تقديم هذه الضمانات. وحرص الأميركيون على تسريب قرارهم إلى الإعلام. فانهارت مكانة إسرائيل في سلم الأمان الاقتصادي، وبات من الصعب عليها الحصول على القروض. ولم تحل المشكلة إلا بعد سقوط شمير في الانتخابات وانتخاب اسحق رابين مكانه في سنة 1992، وإعلان رابين الالتزام بدفع المفاوضات. وفي حينه كشف عن مفاوضات أوسلو، التي أحدثت انعطافا في الأجواء السياسية في المنطقة. وكان من المفترض أن تفضي اتفاقات أوسلو إلى تسوية دائمة في سنة 1997، لكن اغتيال رابين عام 1995 أجهض هذه الخطة.

وفي زمن حكومة بنيامين نتنياهو الأولى (1996 - 1999)، نشبت أزمة مالية أخرى مع الولايات المتحدة، حيث لمح مسؤولون أميركيون إلى إمكانية استخدام المساعدات والضمانات المالية الأميركية للضغط على إسرائيل إذا واصلت المماطلة في عملية السلام وتطبيق اتفاقيات أوسلو. وفي حينه رد نتنياهو بأسلوب متبجح، فقال إنه يستطيع العيش أيضا من دون هذه المساعدات الأميركية. فأرسل الرئيس بيل كلينتون إلى إسرائيل وفدا من وزارة الخارجية، فقط بعد أيام، للبحث في وقف هذه المساعدات. وتراجع نتنياهو في حينها عن موقفه وراح يرجو الرئيس كلينتون ويرسل له المراسيل ليقنعه باستمرار المساعدات، لكن كلينتون أصر على إجراء البحث، وطلب وضع جدول زمني لوقف المساعدات.

واتفق الطرفان في النهاية على تقليص المساعدات بقيمة 600 مليون دولار في السنة لمدة 10 سنوات، بحيث تصبح بقيمة 2.4 مليار دولار في السنة، وتم تخفيض الضمانات إلى 8.5 مليار دولار. وكانت تلك إشارة إلى أزمة في العلاقات. وسقط نتنياهو بعدها (في سنة 1999) وفاز برئاسة الحكومة إيهود باراك، ثم آرييل شارون، وفقط في زمن إيهود أولمرت (2005 - 2009) أعيدت المساعدات إلى سابق عهدها.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعلن مبعوث الرئاسة الأميركية، جورج ميتشل، عن أن بند الضمانات الأميركية لإسرائيل يمكن استخدامه في الرد على عرقلة مسيرة السلام. فثارت ضجة كبرى في إسرائيل والولايات المتحدة بسبب ذلك، فحاول ميتشل الطمأنة أنه لم يقصد أن إدارة أوباما ستقلص الضمانات. وقبل أسبوع عاد الحديث عن الموضوع، وقيل إن إدارة أوباما تنوي تقليص الضمانات مليارا آخر لتصبح بقيمة 7.5 مليار. وأعلن أن وفدا أميركيا سيصل إلى إسرائيل الأسبوع القادم، لكي يبحث في ذلك.

فصرح وزير المالية الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، بأن إسرائيل لا تستخدم الضمانات منذ عدة سنوات، بسبب تحسن وضعها الاقتصادي. وأن هذه الضمانات لا تكلف الولايات المتحدة شيئا، ولذلك فإن أي تقليص فيها سيكون بمثابة ضغط سياسي على الحكومة الإسرائيلية. لكن مساعدي شتاينتس في الوزارة حاولوا تصحيح تصريحه والتخفيف من غضب رجال الاقتصاد في إسرائيل، وقالوا إن هناك اتفاقا مكتوبا حول الضمانات للعامين 2010 و2011، وإن الحديث يدور حول 2012، وإن الحكومة لم تقرر شيئا بعد لسنة 2012، وإنها تنوي طلب تمديد الضمانات كما هي، خلال اللقاء مع الوفد الأميركي.

وبالغ المسؤولون الإسرائيليون في الأنباء حول الموضوع، على أمل أن ترتدع إدارة أوباما وتعلن عن إبقاء الضمانات كما هي فورا لمنع استخدامها أداة ضغط بعد انتخابات الكونغرس الأميركي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) القادم.