أحد العمال بعد إنقاذه: أرجوكم لا تعاملونا كنجوم

جلب معه تذكارات من المنجم

TT

لم يفقد العامل ماريو سيبولفيدا رغم بقائه محاصرا في منجم منهار 69 يوما بعد حادث مأساوي وقع على عمق 652 مترا تحت سطح الأرض حسه الدعابي، وجلب معه لدى وصوله إلى السطح بعد عملية إنقاذ ناجحة حقيبة صفراء ملأها بتذكارات من صخور المنجم.

وزع سيبولفيدا تذكاراته الصخرية التي لفها في ورق مفضض على عمال الإنقاذ. وجلب البسمة والضحكة إلى وجوه مئات كانوا يتابعون في قلق ولهفة عملية الإنقاذ لانتشاله و32 عاملا آخر ظلوا محاصرين منذ أكثر من شهرين وسط الظلام في عمق المنجم في شمال تشيلي.

اشتهر سيبولفيدا بين زملائه بأنه مهرج وعلت صرخاته بالفرح وصعدت إلى السطح قبل أن يخرج ضاحكا من كبسولة الإنقاذ لتحيط به ضحكات أقاربه الذين كانوا ينتظرونه. وفور خروجه من الكبسولة بدأ يوزع تذكاراته الصخرية ودس واحدة في يد الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا الذي احتضنه بقوة. وغالب بينيرا الدموع حين أخذت سيارة إسعاف سيبولفيدا إلى مستشفى متنقل قريب لإجراء فحص طبي شامل له.

كانت ضحكات سيبولفيدا انعكاسا للروح المعنوية الصلبة التي أبداها العمال المحاصرون منذ انهيار المنجم، وهو منجم للذهب والنحاس في صحراء أتاكاما في الخامس من أغسطس (آب). لكن رغم كل هذا الضحك تحدث سيبولفيدا بصراحة عن تقلبه بين الأمل واليأس، وقال في مقابلة وقد أحاط به أفراد أسرته «كنت مع الله، لكن الشيطان كان يغلبني في بعض الأحيان».

وطوال محنتهم أبدى العمال المحاصرون صلابة واتحادا، واستمرت حالتهم المعنوية مرتفعة، لكن الأطباء يتوقعون أن يعاني البعض من الضغط لفترة طويلة بعد خروجهم إلى السطح ولم شملهم مع أسرهم. وطالب سيبولفيدا بتغييرات لحماية حقوق العمال، وناشد الحضور أن يعاملوهم كعمال لا كمشاهير، وقال «أرجوكم لا تعاملونا كنجوم». ويعتقد أنه لعب دورا في حشد الروح المعنوية لزملائه المحاصرين، وأظهرت لقطات تلفزيونية أنه فعل ذلك حتى النهاية وهو يضحك من قلبه ويهرج مع زملائه قبل أن يودعهم ويدخل كبسولة الإنقاذ التي رفعته إلى السطح.

ولدى وصوله عانق زوجته ووالدته التي لجمت الفرحة لسانها ثم سارع بفتح حقيبة التذكارات وهو يصيح «أنا طائر من الفرح»، وأخذ يحتضن كل من يقابله ثم قاد الجميع في ترديد الشعار الوطني «تحيا تشيلي» و«يحيا عمال مناجم تشيلي».

وكان فلورنثيو أفالوس (31 عاما) أول من تم إنقاذه وصعد إلى السطح في عملية لم تواجه أي مشكلات واستمرت أقل من 15 دقيقة في كبسولة معدنية قطرها 53 سم. وضم أفالوس أمام كاميرات التلفزيون التي كانت تبث الحدث مباشرة، ابنه البالغ من العمر 7 سنوات ثم زوجته مونيكا والرئيس بينيرا والكثير من مستقبليه عند فوهة البئر. ثم تم اقتياده سريعا إلى مستشفى ميداني أقيم في المكان حيث سيخضع لسلسلة فحوصات. وقال رئيس تشيلي مبديا ارتياحه «أول عمالنا أصبح معنا. كنا على يقين أنهم على قيد الحياة وإننا سننقذهم قلنا إننا سنعثر عليهم وعثرنا عليهم. والآن نقول إننا سننقذهم سالمين وسنفعل». وغمرت الفرحة أسرة أفالوس من دون أن تنسى شقيقه رينان الذي كان لا يزال في جوف المنجم.