«فترة ما بعد المحنة والشهرة» أبرز تحد أمام العمال الناجين

متابعتهم صحيا ونفسيا وملاحقة الإعلام قد تعرقلان عودتهم للحياة الطبيعية

TT

بعد محنة البقاء على عمق 700 متر تحت الأرض 68 يوما، يخرج بعض عمال منجم سان خوسيه التشيلي الـ33 أشد عزيمة وغيرهم أكثر وهنا، لكن المؤكد أن تجربتهم ستطبعهم إلى الأبد بحسب علماء النفس. وستكون المتابعة النفسية التي ستؤمنها لهم السلطات لستة أشهر على الأقل تحت رحمة مختلف أنواع التدخلات، سواء كانت من الأقارب أو الإعلام أو شهرتهم الحديثة الزائلة على الأرجح.

وأكد المحلل النفسي في الجامعة الكاثوليكية في تشيلي أنريكي شيا أن «حياتهم السابقة انتهت»، معتبرا أن عمال المنجم سيواجهون تحديا كبيرا لإعادة التكيف في فترة ما بعد الصدمة «المحفوفة بالمخاطر». وتابع «عندما تتغير ظروف الحياة كافة، ينبغي إعادة التكيف واكتشاف سلوكيات تساعد على المواجهة». وأوضحت المحللة النفسية في جامعة تشيلي مارغاريتا لوبات أنه «يعمد كل من يواجه الموت إلى التفكير بوضعه الخاص، وبما فعل في حياته وما لم يفعل، وينبغي متابعتهم على هذا المسار كذلك».

ورصدت السلطات احتمالات تعرض العمال لحروق في العينين مع التعرض لأشعة الشمس، إضافة إلى مشكلات جلدية وأوجاع في الأسنان. وفور إخراجهم، نقل العمال إلى المستشفى حيث سيخضعون لفحوصات طبية دقيقة طوال 48 ساعة. وأوضح وزير الصحة خايمي ماناليش أن هذه المراحل «تم الاتفاق عليها معهم، وليست نزوة»، وأوضح «قد يقول البعض: أشعر بأنني بخير وأريد العودة إلى عائلتي»، لكن هذا الرفض «يهدد الترتيبات القانونية الكاملة للحماية والعجز والتقاعد التي تحق لهم». وتابع وزير الصحة أن الحكومة لن تتخلى عمن أصبحوا أبطالا وطنيين. وأضاف أن الدولة «ستقدم لهم متابعة نفسية متخصصة لستة أشهر على الأقل، حيث يمكن أن يمروا بلحظات من الحزن والاكتئاب». وذكر أن التوتر التالي للصدمة قد «يستمر أسابيع وشهورا». وقال المحلل النفسي شيا إن «الوجه الأكثر تعقيدا» يتمثل بالطبع في إدارة العالم الخارجي. وتابع «العائلة، الروتين، الواقع في البلاد، كل شيء سيكون قد تغير».

وحذر خبراء في «ناسا» وفدوا الشهر الماضي لإسداء النصائح لمنفذي عملية الإنقاذ من «الشهرة التي اكتسبها العمال في البلاد وبالتالي من الضغط الإعلامي والاجتماعي». وقال عالم الاجتماع في الجامعة الكاثوليكية رينيه ريوس: «ستلاحقهم وسائل الإعلام وسيتلقى بعضهم وابلا من العروض التلفزيونية وقد يمتهنون ذلك. لكن الأمر لن يدوم أكثر من عدة شهور، فمع حلول مارس (آذار) المقبل سيصبح الأمر ذكرى». وأضاف المحلل شيا أنهم «سيدركون أن الشهرة محدودة، وأنه عليهم استجماع قواهم وبدء مشروع حياة جديدة». وأكد أن تجربة كتلك «قد تشد من عزيمتك أو تزيدك وهنا، لكن لن تبقى كما أنت». ومن هنا يأتي خطر الإدمان على الأدوية أو الكحول.

وكما لو كانوا يستشعرون مخاطر الخروج أعرب العمال الـ33 في أيام الاحتجاز الأخيرة عن «قلق كبير حيال البقاء مجموعين، فيما أنهم يأتون من مختلف مناطق تشيلي. يريدون البقاء مجموعين بعد إنقاذهم»، وفق ما ذكر أليخاندرو بينو من فريق المتابعة.