شركات أفغانية تدفع لطالبان جزءا من أموال المنح الأجنبية

لحماية رجالها ومشاريعها ومعداتها من أيدي المتمردين

جندي أفغاني يستعد للوصول إلى التلال حيث تحطمت طائرة شحن في ضواحي كابل أمس (إ.ب.أ)
TT

قال متعاقدو وأعيان قرية أفغانية إن أموالا يقدمها الجيش الأميركي ومانحون دوليون للإعمار وإقامة مشاريع اجتماعية في المناطق المضطربة في أفغانستان ينتهي بها المطاف في أيدي المتمردين.

وأنفق تحالف من دول غربية يدعم الرئيس حميد كرزاي، وله نحو 150 ألف جندي على الأراضي الأفغانية، مئات الملايين من الدولارات على المساعدات والبنية الأساسية منذ الإطاحة بنظام طالبان أواخر عام 2001.

لكن مع تفشي العنف، وبعد أن أصبح التمرد أكثر دموية عن ذي قبل، فإن بعض شركات البناء والعاملين في مشاريع التنمية يقولون إنهم يضطرون لدفع جزء من الأموال للمتمردين لحماية رجالهم ومشاريعهم ومعداتهم.

وقال محمد إحسان إنه اضطر لدفع جزء كبير من عقد بقيمة 1.2 مليون دولار حصل عليه من الجيش الأميركي قبل شهرين لإصلاح طريق في إقليم لوغار، جنوب كابل، بعد أن خطفوا شقيقه وطالبوا بفدية.

ونقل إحسان عن المتمردين قولهم «تعرف أننا نحتاج لهذه الأموال الأميركية لمساعدتنا في تمويل جهادنا». وأنفق إحسان في نهاية المطاف أكثر من 200 ألف دولار من أموال المشروع لتأمين حرية شقيقه. وأضاف إحسان أن المتمردين طلبوا أيضا تحويل الدولارات إلى عملة أفغانية أو باكستانية، قائلين إن النقود الأميركية «حرام» بالنسبة للمسلمين. وتابع إحسان أن دفع أموال للمتشددين أمر شائع في أفغانستان حيث يكون من الصعب أن تعمل في القرى أو المناطق النائية دون استرضاء قادة المتمردين المحليين.

وعندما سئل عن الأموال التي دفعها إحسان، قال الميجور جويل هاربر المتحدث باسم قوة المعاونة الأمنية الدولية (إيساف) التي يقودها حلف شمال الأطلسي «لدينا علم بمثل هذه التقارير... طرق التعاقد تعتبر بالتأكيد جزءا من جهود مكافحة التمرد». وأضاف «مثل هذه الحوادث ستخضع للتحقيق ونتخذ إجراءات لمنع حدوث هذه الأشياء».

وخلص تحقيق لمجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي في أعمال شركات الأمن الخاصة المتعاقدة في أفغانستان، إلى أن أموالا تصل أحيانا إلى زعماء ميليشيات على صلة بالمتمردين، لكنه لم يتطرق إلى قنوات أخرى محتملة تنقل الأموال الأجنبية إلى جماعات المتمردين. ويهاجم مقاتلو طالبان بانتظام قوافل الإمدادات ومشاريع التنمية إضافة إلى الأهداف العسكرية، لكن ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان نفى أن تكون الحركة تبتز المتعاقدين للحصول على أموال، مشيرا إلى أن أطرافا أخرى ربما تستخدم اسم طالبان لتشويه سمعتها.

وقال مجاهد لـ«رويترز»: «هذا لا أساس له على الإطلاق. لسنا في حاجة لأي أموال من أي منظمة ترتبط بقوات الغزو». وأضاف «الناس يساعدوننا طواعية وسنواصل جهادنا ضد كل قوات الاحتلال والمتعاقدين معها». لكن حتى أعيان مجالس التنمية القروية - وهي مجالس محلية تقليدية تستهدف تسريع عمليات التنمية تتسلم الأموال لإقامة المشاريع الصغيرة في قراهم - يقولون إنهم لم يسلموا من عمليات الابتزاز.

وقال أسلم جان من مقاطعة براكي براك بإقليم لوغار «فريق الأعمال بالإقليم أعطاني 500 ألف أفغاني (10 آلاف دولار) لتنظيف بالوعات الصرف الصحي في قريتي، لكني اضطررت لدفع 200 ألف منها لطالبان».

وقال عبد الغفور نوري وهو صاحب شركة نقل في كابل إن دفع أموال للمتمردين أمر طبيعي.

وأضاف ضاحكا «أدفع لطالبان كي لا يهاجموا بضائعي، ولا يهمني ماذا يفعلون بالأموال... إذا لم تفعل ذلك تتعرض ممتلكاتك للهجوم والتدمير في اليوم التالي».