نجاد يرسم خطين أحمرين حيال لبنان: السلم الأهلي والفتنة والحريري يشدد على أن السعي لمنع الفتن «خبزه اليومي»

دعا اللبنانيين إلى عدم الانقسام حول المحكمة الدولية * قال للحريري أكثر من مرة: «نريد أن نراك في طهران»

الرئيس الإيراني يستعرض مع رئيس الحكومة اللبنانية حرس الشرف لدى وصوله إلى السراي الحكومي في بيروت أمس (دالاتي ونهرا)
TT

ضخ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد «جرعة تهدئة» في الوضع اللبناني في ختام زيارته إلى لبنان، راسما خطين أحمرين في السياسة الإيرانية حيال لبنان هما «السلم الأهلي والفتنة»، داعيا اللبنانيين إلى عدم «الانقسام حول المحكمة الدولية».

ومع شائعة أخرى ترددت عن تقديم أحمدي نجاد «مبادرة» حيال المحكمة الدولية وأنه سيمدد، إذا وافق الحريري، إقامته في لبنان لعقد قمة ينضم إليها رئيس الوزراء التركي، بدا أن ملف المحكمة الدولية هو بند أساسي في زيارة نجاد، غير أن الأخير تجنب خلال اللقاء مع الحريري طرح «أشياء محددة»، مفضلا الدعوة إلى التوافق حولها، مقتربا من الدعوة التي كان وجهها السفير السعودي في بيروت، على عواض عسيري، الأسبوع الماضي. وفيما نفت مصادر حكومية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» وجود مبادرة إيرانية محددة فيما يتعلق بالمحكمة الدولية، أكدت هذه المصادر أنه جرى استكمال ما تم البدء ببحثه بين نجاد والحريري أول من أمس في القصر الجمهوري، واصفة أجواء اللقاءات بأنها «جيدة جدا».

وقالت مصادر لبنانية اطلعت على أجواء المحادثات بين الحريري ونجاد أن الرئيس الإيراني انطلق في كلامه مع الحريري من ثابتتين، أولاهما «أن السلم الأهلي في لبنان خط أحمر» وثانيتهما أن «الفتنة بين اللبنانيين خط أحمر وأيا كان من يقوم بها فهو يؤدي خدمة مجانية لإسرائيل، ونحن لا نريد تقديم الخدمات لها». وقال الرئيس الإيراني، كما أشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نريد الوفاق بين اللبنانيين بمعزل عن أي شيء آخر، واللبنانيون قادرون على أن يحلوا أمورهم»، مشيرا إلى أن «كل شيء قابل للنقاش تحت سقف الوفاق ومنع الفتنة». وحرص نجاد على تكرار دعوته للحريري لزيارة طهران أكثر من مرة قائلا له: «نريد أن نراك في طهران». ورد الرئيس الحريري مؤكدا بدوره على التزامه «منع الفتنة»، قائلا إن هذا هو خطابه منذ البداية، وهو ليس كلاما نظريا بل إنه فعل يومي يقوم به لمنع أي فتنة بين اللبنانيين». وأكد الحريري على «النقاش العقلاني»، قائلا إن السعي لمنع الفتنة هو «خبزنا اليومي».

وأشارت المصادر إلى أن نجاد تطرق إلى موضوع المحكمة الدولية من زاوية «ضرورة عدم الاختلاف والانقسام» حولها ومعالجة ما يتعلق بها من خلال «النقاش الهادئ».

وفي المقابل أشار السفير الإيراني غضنفر ركن آبادي إلى أن الخلوة التي جمعت رئيس الجمهورية الإيرانية محمود أحمدي نجاد برئيس الحكومة سعد الحريري، شهدت عرضا لكل المشاكل العالقة والخلافية، وصولا إلى المحكمة الدولية والقرار الظني. كما لفت إلى أن نجاد وجه دعوة للحريري لزيارة إيران وأكد له أنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على وحدة اللبنانيين. ولفت آبادي إلى أنه تم التشديد على أن موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان شأن لبناني لا تتدخل به طهران. ونفى أن يكون نجاد قد عرض لتقديم أي مبادرة بالنسبة لما يتعلق بتداعيات القرار الظني.

وكان «السراي الكبير» حيث مقر الحكومة اللبنانية شهد جولة محادثات موسعة بين الرئيس أحمدي نجاد ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تناولت التطورات والأوضاع العامة والعلاقات الثنائية بين البلدين، كما تم خلالها استكمال الأبحاث التي جرت في اللقاء بين الرئيسين نجاد والحريري.

وكان سبق المحادثات الموسعة محادثات ثنائية بين الرئيس الحريري والرئيس نجاد بدأت عند الواحدة من بعد الظهر في السراي الكبير في حضور السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن آبادي.

وكان الرئيس الإيراني قد وصل إلى السراي الكبير عند الواحدة إلا ربعا من بعد الظهر حيث كان الرئيس الحريري في استقباله عند الباحة الخارجية، وأدت لهما التحية ثلة من سرية حرس رئاسة الحكومة، وعزفت موسيقى قوى الأمن الداخلي النشيد الوطني الإيراني، ثم استعرضا حرس الشرف، وتم التقاط الصور التذكارية، ثم عقدت المحادثات الرسمية في مكتب الرئيس الحريري. وأقام الحريري مأدبة غداء تكريمية على شرف الرئيس نجاد والوفد المرافق.