القرى الشيعية هللت لـ«الضيف الكبير» والسنية والمسيحية ترقبت حجره باتجاه إسرائيل

الرئيس الإيراني تجنب خط الحدود ولم يفتتح الحديقة الإيرانية

أبناء بلدة بنت جبيل في لبنان الجنوبي يتابعون من منازلهم المزينة بالأعلام الإيرانية خطاب الرئيس نجاد في المهرجان الذي نظمه له حزب الله أمس (أ.ب)
TT

أراد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن يختتم زيارته الرسمية إلى لبنان من الجنوب وليقف أمام حشد جماهيري عريض نظمه له حزب الله وحركة أمل ضم عشرات الآلاف من المناصرين يتقدمهم عدد كبير من نواب ووزراء ومسؤولي الحزب والحركة وفاعليات الجنوب، ويلقي خطابا ذا دلالات سياسية من مدينة بنت جبيل التي دمرتها إسرائيل في حرب يوليو (تموز) 2006 خلال محاولتها دخولها، ويوجه منها رسائل إلى الدولة العبرية ومن سماهم «قوى الاستكبار في العالم»، فأكد نجاد أن «صبر المجاهدين اللبنانيين وثباتهم أقوى من كل الأساطيل والدبابات الإسرائيلية»، ودعا الشعب اللبناني «إلى الوحدة ليبقى نموذجا تحتذي به كل شعوب المنطقة» ورأى أن «لا خيار أمام الإسرائيليين إلا الاستسلام للأمر الواقع والعودة إلى أوطانهم الأصلية».

وتجنب نجاد الذهاب إلى خط الحدود الذي يبعد كيلومترات قليلة عن بلدة بنت جبيل، ولم يزر بلدة مارون الراس الحدودية ولا بوابة فاطمة في بلدة كفركلا كما تردد سابقا لافتتاح «الحديقة الإيرانية» عند خط الحدود.

وعبر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يرافقه موكب حاشد وطائرات مروحية تابعة للجيش اللبناني، في مدينة صور، حيث نزل الأهالي إلى الشارع الرئيسي في صور واستقبلوه بالترحيب. ثم سلك الطريق الرئيسية من بلدة قانا إلى بنت جبيل حيث تجمع الناس في موقع مجزرة قانا، منتظرين زيارته لقانا بعد عودته من بنت جبيل. حيث وضع إكليلا من الزهور على ضريح شهداء مجازر قانا قبل أن يعود إلى بيروت.

وارتفعت على طول خط الحدود، في المناطق ذات الغالبية الشيعية صور نجاد ورايات حزب الله ولافتات الترحيب بـ«ضيف لبنان الكبير» و«سند المقاومة وحاميها»، لكن الصورة اختلفت بعض الشيء في مجموعة من القرى السنية المنتشرة على خط الحدود كبلدات شبعا والهبارية وكفرشوبا في القطاع الشرقي، والقرى السنية والمسيحية في منطقة الساحل الحدودي قرب الناقورة وفي عمق الجنوب حيث كان التحفظ سمة الموقف، بالإضافة إلى ترقب لمخاطر اندلاع العنف مجددا في الجنوب نتيجة زيارة الرئيس الإيراني.

وفيما قال أحد المشاركين في استقبال نجاد إنه «ليس ضيفا بل صاحب المنزل»، متحديا إسرائيل أن تقوم بأية بادرة «لأن أبواب الجحيم سوف تفتح عليها»، كان قاسم (43 عاما) يعبر عن حذره الشديد حيالها، قائلا: «سمعنا أنه سيرمي حجرا على إسرائيل، وربما ترد بالصواريخ..»..

وفي بنت جبيل، خاطب نجاد اللبنانيين والمقاومين قائلا «لقد وقفتم واستطعتم أن تحافظوا على كرامتكم وعزتكم، ولولا مقاومتكم وصمودكم لما كان معلوما أن خط الحدود بين لبنان وإسرائيل، بين لبنان والاحتلال، في أي نقطة مستقرا اليوم».

وأضاف «أنتم أثبتم أن جهادكم ودماءكم وصبركم وثباتكم أقوى من كل الأساطيل والبوارج والدبابات والطائرات. وأثبتم للقاصي والداني أن مقاومتكم وجهادكم أقوى من كل السيوف الظالمة في يد العدو الإسرائيلي، فليس هناك من قوة في العالم تستطيع أن تقهر مقاومتكم، لأن مقاومة الشعب اللبناني نابعة من الإيمان والصبر والتحمل، واليوم تحول الإنسان المقاوم نموذجا يحتذى من قبل كل شعوب المنطقة والعالم، وكل الشعوب تعتبر أنها مدينة بعزتها لمقاومتكم الباسلة في هذا البلد الشقيق، هذه المقاومة التي هي رمز انتصار الشعب اللبناني وكل شعوب المنطقة».

ورأى نجاد أن «كل أبناء الشعب اللبناني، من أتباع كل الطوائف الكريمة تقف في صف واحد ضد الاحتلال والطغيان، ولا شك أن أعداءنا وأعداءكم يخافون ويجزعون من وحدة كلمتكم واتحاد صفوفكم، لأن الوحدة هي رمز المقاومة والانتصار، الوحدة هي أيضا رمز البقاء والثبات والانتصار، ونشكر الله عز وجل ونحمده أن كافة أبناء الشعب اللبناني بكل طوائفه يتحلون بروح الوحدة والعزة». ووصف بنت جبيل، بأنها «موئل الحرية ومعقل الشرفاء وقلعة المقاومة وعرين الانتصارات»، وقال «ليعلم العالم أن الصهاينة قد خططوا ودبروا أن يهاجموا هذه المدينة لأنهم ظنوا أن هذا يضع حدا للشعب اللبناني، أما الآن فأين هم؟ وأين أنتم أيها الأبطال؟ ها هي بنت جبيل حية وباقية، وليعلم القاصي والداني أن بنت جبيل تقف اليوم مرفوعة الرأس ومنتصرة أمام كل الأعداء، ولقد استطاع أبناؤها أن يذيقوا العدو الإسرائيلي طعم الهزيمة المرة، كما استطاعوا أن يدخلوا اليأس إلى قلوب الصهاينة وكل الشياطين والمستكبرين، واليوم لم يعد هناك من أي خيار أمام الصهاينة إلا الاستسلام إلى الأمر الواقع والعودة إلى أوطانهم الأصلية».

وتابع الرئيس الإيراني «أتيت من أرض الجمهورية الإيرانية، أرض الثورة والإيمان والحق، ناقلا معي العاطفة الخالصة لكم من قبل كل الشعب الإيراني ولأشكر الشعب اللبناني ونخبه ومسؤوليه، وأشكر الشعب اللبناني بكل أديانه وطوائفه ومذاهبه، ولأشكر كل المقامات الدينية البارزة وممثلي الديانات السماوية وعلماء الدين المسيحيين والمسلمين السنة والشيعة والدروز».

وختم نجاد «كونوا على ثقة أن فلسطين المحتلة سوف تتحرر من الاحتلال بفضل قوة وإيمان المقاومة. وثقوا أن راية العدالة قادمة لا محال، وأن المستضعفين سيصلون إلى الحرية، وكونوا على ثقة تامة بأن شعب الجمهورية الإيرانية سوف يبقى إلى جانبكم أيها الشعب اللبناني العزيز وإلى جانب كل شعوب المنطقة، أنتم الشعب الراسخ، نعتز بكم وسنبقى معكم دائما».

وكان رئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد قد رحب بالرئيس الإيراني في بنت جبيل، لافتا إلى أنه «في هذه المنطقة سقطت أسطورة الصهاينة، وهنا مرغت أنوفهم وانكشف زيف قوتهم، وأذل الله جبروتهم، وهنا حمل الإمام الصدر هم الوطن».