مصانع صدام السابقة تتحول من إنتاج السلاح إلى مواد سلمية

منتجاتها تتضمن آلات موسيقية وأسلاكا كهربائية وحتى روبوتات

TT

استطاع العراقيون بصعوبة منذ عام 2003 تحويل المصانع التي كانت تنتج إبان النظام السابق قنابل ومدافع وصواريخ وذخائر ومختلف أنواع السلاح إلى إنتاج مواد سلمية، مثل آلة الترومبيت الموسيقية والأسلاك الكهربائية وخراطيم المياه وحتى «الروبوت».

وقال المهندس حيدر حسين (34 عاما) بينما كان في جناح شركة «الكرامة» في معرض بغداد الخاص بمنتجات وزارة الصناعة، بعد الاجتياح الأميركي تعرض مصنعنا للنهب والسرقة كما تم حل وزارتنا (التصنيع العسكري) وفقد الجميع وظائفهم.

وأقامت وزارة الصناعة قبل أيام المعرض الثاني لمنتجات 84 شركة تابعة لها في معرض بغداد. وكان مصنع «الكرامة» الواقع في منطقة الوزيرية (شمال بغداد) ينتج قبل اجتياح العراق منظومات توجيه الصواريخ عن بعد وقد خضع لتفتيش فريق تابع للأمم المتحدة عام 1998.

وأضاف حسين «استطاع فريق من عشرة مهندسين تحويل معدات وماكينات المصنع وخطوط إنتاجه قبل أن يقوموا بتدريب الموظفين والفنيين على ذلك عام 2008 ليغلقوا بذلك صفحة الإنتاج العسكري». ويفتخر حسين وزملاؤه بإنتاج إنسان آلي «روبوت» أنجزوه قبل شهرين لكشف العبوات الناسفة والألغام، مؤكدا «وجود طلب قوي على شرائه بسبب التفجيرات كما أنه أرخص بكثير من مثيله الأميركي».

وحسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإنه كان هناك إبان نظام صدام 42 مصنعا لإنتاج الأسلحة والمعدات العسكرية يعمل فيها خمسون ألف شخص تشرف عليهم وزارة التصنيع العسكري. وفي 15 أبريل (نيسان) 2004 أصدر الحاكم المدني الأميركي في العراق آنذاك بول بريمر قرارا يحمل رقم 75 يقضي بتحويل مصانع الأسلحة لأغراض سلمية. ونتيجة لذلك بات تسليح نحو 800 ألف من عناصر الجيش والشرطة يعتمد على الشراء من الخارج وخصوصا الولايات المتحدة.

بدورها، استطاعت شركة «الإخاء» التي تأسست عام 1984 في عامرية الفلوجة (50 كلم غرب بغداد) أن تسير على الطريق ذاته بعد أن كانت تنتج مدافع ومناظير. وقال المهندس عامر عيد (50 عاما): «كنا نكسب كثيرا من المال سابقا لأن الأسلحة كانت من الأولويات لدى صدام حسين، لكن الأمر قد اختلف الآن، وعلينا البحث عن طريق آخر». واستمر إغلاق المصنع حيث يعمل 3800 شخص عدة أشهر ليفتح مجددا مطلع عام 2004 لإنتاج قطع غيار لمصانع الإسمنت والمولدات الكهربائية و«فلاتر» لتصفية المياه ومعدات للمختبرات وأسطوانات للغاز. وقال عيد، مدير المصنع: «أعتقد أننا نسير على الطريق الصحيح وسنرى ثمرة ذلك العام الحالي».

وفي البلدة ذاتها، تحول مصنع «الشهيد» إلى إنتاج النحاس والبرونز وتغيرت خطوط إنتاجه من مخازن الطلقات النارية والقذائف إلى أسلاك كهربائية وأوان وحتى آلة الترومبيت الموسيقية، حسبما ذكر أمين هواس (40 عاما) أحد الفنيين في المصنع.

والتحول المذهل كان في شركة «النعمان» التي كانت تصنع القنابل، لكنها بدأت صناعة خراطيم المياه وكذلك الأمر بالنسبة لشركة «صلاح الدين» العامة التي تأسست عام 1980 لتتولى صناعة الرادارات وأجهزة الاتصالات العسكرية وكانت تمثل جزءا من البرنامج النووي العراقي حتى عام 1990. وبتمويل قيمته ثمانية ملايين ونصف المليون دولار من وزارة الصناعة أصبحت الشركة ومقرها تكريت تنتج حاليا أعمدة كهرباء ومحولات وقواطع كهربائية.

وأشار عيد إلى أن المصانع التي كانت مخصصة للأسلحة الكيماوية أصبحت تنتج أسمدة زراعية والمصانع التي كانت مخصصة لتصنيع المتفجرات هي الوحيدة التي لم تنجح في تغيير إنتاجها.

وعبر وزير الصناعة فوزي فرنسوا حريري لدى افتتاح المعرض الاثنين الماضي عن أمله في ارتفاع الإنتاج الصناعي الوطني لكي لا نعتمد على الاستيراد، لكن الطريق لا يزال طويلا كما يبدو، لأن الصناعة شكلت عشرة في المائة من إجمالي الإنتاج الداخلي عام 2008 مقابل 65 في المائة لإنتاج النفط الذي يمثل المورد الرئيسي للبلاد.