عمال المنجم يوحدون تشيلي خلفهم.. ويلقون معاملة النجوم

فاجأوا العالم بصحتهم الجيدة.. وعروض دولية تتوالى عليهم

الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا في صورة جماعية مع العمال الـ33 في المستشفى أمس (رويترز)
TT

بدأ العمال الثلاثة والثلاثون، الذين ظلوا محاصرين في باطن الأرض لأكثر من شهرين داخل منجم في تشيلي، يتعافون أمس، حيث يلقون معاملة النجوم بعد أن وصف كثيرون بقاءهم على قيد الحياة طوال تلك الفترة بأنها معجزة. وبدا غالبيتهم في حالة صحية معقولة رغم بقائهم محاصرين تحت الأرض منذ 5 أغسطس (آب) الماضي. وحسب مصادر طبية، فإن كل العمال بخير وأنه كان مقررا أن يغادر اثنان أو ثلاثة منهم، المستشفى بحلول عصر أمس. وأعلن خورخي مونتس مساعد مدير المستشفى الذي نقل إليه العمال بعد خروجهم من المنجم: «إنهم صمدوا جميعا صحيا، إنها مفاجأة بالنسبة للطاقم الطبي». وأضاف: «إنهم خضعوا جميعا لفحوصات وحصل الذين سيخرجون على موافقة طبية». وقال إنه تم إجراء ثلاث عمليات جراحية. وأفادت مصادر طبية أخرى أن واحدا من العمال يعاني من التهاب رئوي ويعالج بالمضادات الحيوية. وكانت السلطات أعلنت أن كل عامل سيقضي ما لا يقل عن 48 ساعة في المستشفى قبل العودة إلى منزله وعائلته.

وكان آخر هؤلاء العمال قد خرج إلى سطح الأرض في الساعة التاسعة و55 دقيقة مساء أول من أمس، وهو لويس أورثوا «قائد» فريق العمال، بعد 69 يوما قضاها في جوف الأرض. وفي اللحظة نفسها أطلق 33 بالونا تحمل ألوان علم تشيلي في سماء «مخيم الأمل» الذي انتظرت فيه أسر وأصدقاء العمال على أعصابهم خروج أحبائهم منذ الانهيار الأرضي الذي احتجزهم على عمق يزيد على 600 متر تحت سطح الأرض. ولدى خروجه قال هذا الرجل (54 سنة)، والأب لطفلين والذي تولى مهمة تنظيم حياة المجموعة بعد الحادث «شكرا لتشيلي كلها ولكل الذين ساعدونا. إنني فخور بكوني أعيش هنا».

وقد قام هذا الرجل خصوصا بتقنين الغذاء مع إعطاء كل واحد من العمال ملعقتين من التونة المعلبة ونصف كوب من الحليب كل يومين. إلى أن تمكن مسبار صغير من انتشال رسالة كتبت على قطعة ورق تحمل هذه العبارة التي أصبحت ذات شهرة عالمية «نحن، الـ33 بخير داخل الملجأ». وقال لويس أورثوا لدى خروجه إن العمال «جميعا كانوا يريدون تقبيل الحفارة». وأضاف: «لكن ما كان لدينا هو الإيمان. كان لدينا الأمل في أن يتم إنقاذنا يوما. ونشكر الله على ذلك»، واصفا محنتهم التي لا تصدق بـ«القصة الجميلة».

وعانق قائد «الـ33» طويلا الرئيس سيباستيان بينيرا الذي «هنأه بحسن أداء واجبه كقائد، بكونه آخر من خرج» من العمال من المنجم. وأعلن الرئيس التشيلي أن نحو مليار من مشاهدي التلفزيون حول العالم تابعوا عملية الإنقاذ هذه. وعلى الأثر قام الرجلان وعمال الإنقاذ بترديد النشيد الوطني التشيلي واضعين خوذات المنجم على صدورهم.

وقال الرئيس التشيلي أمس إن عمال المنجم «وحدوا البلد». وانطلقت بالمناسبة موجة من الاحتفالات في كل أرجاء البلاد. وبدورهم طلب العمال الذين أصبحوا أبطالا معروفين بالنسبة للتشيليين «قليلا من الصبر» وإمهالهم «بضعة أيام» مع أسرهم قبل التحدث إلى الإعلام. وقال اليخاندرو بينو الصحافي الذي دربهم على أساليب الأحاديث الصحافية: «لقد أشاروا إلى أنهم يرغبون في البقاء وحدهم مع أسرهم لبضعة أيام». وتوالت عروض دولية مختلفة وغريبة على عمال المنجم بعد إنقاذهم. ومن ذلك، إعلان تايوان عزمها دعوتهم لزيارة معرض «تايبيه إنترناشيونال فلورا» الدولي للزهور لعام 2010. وقدم الاقتراح عدد من المشرعين الذين قالوا إن دعوة عمال المنجم يمكن أن تقدم ظهورا لتايوان التي تعاني من عزلة دولية؛ حيث لا تعترف بها سوى 23 دولة. وقال وزير الخارجية تيموثي يانغ أمام البرلمان «لقد جرى إنقاذهم في التو ولديهم كثير من الأشياء للقيام بها. لكننا سنرسل الرسالة إليهم في الوقت المناسب». وستستمر فعاليات المعرض من 6 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 25 أبريل (نيسان) 2011، وتعرض خلاله مجموعات نباتية وتقام معارض تبين إنجازات تايوان في فن زراعة النباتات والعلوم وحماية البيئة.

وقد خرج العمال من قاع المنجم في أقل من 22 ساعة بواسطة كبسولة طليت بألوان علم تشيلي الأبيض والأزرق والأحمر وأطلق عليها «فينيكس» أي طائر الفينيق. وإثر إخراج الرجال الـ33 جرى إخراج عمال الإنقاذ الستة الذين نزلوا إلى الملجأ لإعداد العمال ومساعدتهم على الخروج بعد أن وضعوا لافتة تقول «المهمة أنجزت» تاركين خلفهم كهف المنجم خاويا إلا من أضواء الكشافات. وقال الرئيس بينيرا إن عملية «سان لورينثو» (على اسم القديس الراعي لعمال المناجم) للعثور على العمال وإخراجهم تكلفت «ما بين عشرة إلى 20 مليون دولار».

وقد عبر العمال عن فرحتهم بالنجاة كل على طريقته؛ من الصلاة ركوعا إلى رفع قبضة اليد عاليا أو الصياح أو إلقاء المزحات. إلا أنهم جميعا مثل أول الناجين فلورنسيو افالوس (31 سنة)، عانقوا طويلا زوجاتهم أو صديقاتهم أو أبناءهم. وقالت روسانا غوميث ابنة عميد العمال الـ33 من حيث العمر، ماريو غوميز (63 سنة): «كنت شديدة القلق لكنني الآن في غاية الفرح». وقال غوميز بعد خروجه وهو يبدو في حالة جيدة رغم أن الأطباء اعتبروا أنه يعاني من «بعض الوهن» «لقد تغيرت، وأصبحث رجلا مختلفا».