اليمن: اغتيال مدير أمن.. ونجاة محافظ أبين من هجوم ومقتل اثنين من مرافقيه

هجمات مسلحة ومظاهرات في ذكرى ثورة «14 أكتوبر» ومواجهات مع «القاعدة»

مؤيدون للحراك الجنوبي في اليمن يرفعون أعلام اليمن الجنوبي السابق مع إشارات النصر أثناء مسيرة في مدينة ردفان جنوب محافظة لحج أمس (أ.ف.ب)
TT

شهد اليمن، أمس، تطورات أمنية وسياسية بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ47 لثورة 14 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1963، حيث اغتيل مسؤول أمني في محافظة أبين ونجا محافظها من محاولة اغتيال، قتل فيها وأصيب عدد من مرافقيه، في الوقت الذي شهدت فيه الكثير من المناطق في المحافظات الجنوبية مظاهرات ومهرجانات خطابية بمناسبة ذكرى الثورة لأنصار الحراك الجنوبي، التي صادفت، أمس، مع الفعاليات الاحتجاجية الأسبوعية التي ينظمها الحراك بمناسبة «يوم المعتقل الجنوبي».

ونجا محافظ أبين، أحمد الميسري، ومدير أمن المحافظة العميد عبد الرزاق المروني، من محاولة اغتيال في كمين نصبه لهما مسلحون بالقرب من مدينة مودية التي كانا متوجهين إليها لمتابعة تداعيات اغتيال مدير أمنها، وقتل في الهجوم اثنان من مرافقي المحافظ، أحدهما شقيقه، وأصيب 4 آخرون. واغتال مجهولون العقيد عبد الله البهام، مدير أمن مودية وذلك عند إشرافه على رأس حملة أمنية حاولت منع مظاهرة لقوى الحراك الجنوبي في المديرية، حيث أصيب برصاص مجهول المصدر، أثناء إطلاق قوات الأمن للنار في الهواء لتفريق المتظاهرين، وهو الأمر الذي أدى إلى وفاته على الفور.

وعقب اغتيال المسؤول الأمني، قامت مجاميع قبلية مسلحة وبرفقتها قوات أمنية بمحاصرة إحدى المناطق التي يعتقد أن المتورطين في عملية الاغتيال يتحصنون فيها وبين المشتبهين بالتورط في الحادث؛ أنور العمبري، شقيق جميل العمبري، أحد قادة تنظيم القاعدة البارزين، الذي قتل في غارة جوية، يعتقد أنها أميركية، نفذت على مودية منتصف مارس (آذار) الماضي، وقتل في الغارة مطلوب آخر. وفي وقت لاحق أمس علمت «الشرق الأوسط» أن مواجهات عنيفة دارت بين مسلحين يعتقد أنهم من «القاعدة» وقوات الأمن التي كانت تحاصر المنطقة.

وتعد محافظة أبين من أهم معاقل الجماعات الجهادية المتشددة والمسلحة، ومؤخرا تقول السلطات اليمنية إن تنظيم القاعدة يوجد في المحافظة بصورة أكبر مما كان عليها، وخلال أغسطس (آب) الماضي، دارت مواجهات عنيفة بين قوات من الأمن والجيش ومسلحين متهمين بالانتماء لـ«القاعدة»، في مدينة لودر بأبين، وخلفت عشرات القتلى والجرحى، وعشرات الآلاف من المدنيين النازحين، قبل أن تعلن السلطات الأمنية سيطرتها على المدينة وتطهيرها من تلك العناصر.

وتلتزم السلطات اليمنية الصمت إزاء الحوادث الأمنية الأخيرة التي شهدتها مدينة عدن وبعض المحافظات الجنوبية، على العكس من الفترة الماضية، إلا في حالات نادرة، رغم أنها كانت تعلن عن وقوع تلك الحوادث وتوجه أصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة أو الحراك الجنوبي بالوقوف وراءها، في الوقت الذي يرفض المسؤولون الأمنيون اليمنيون الإدلاء بأية تصريحات صحافية حول هذه التطورات.

ونظمت قوى وفصائل الحراك الجنوبي، أمس، مظاهرات في محافظات: الضالع، ولحج، وأبين، وشبوة وحضرموت، والأخيرة نُفذ فيها، لأول مرة، إضراب عام وعصيان مدني، حيث أفاد شهود لـ«الشرق الأوسط » بأن مدنا في حضرموت الساحل والوادي، نفذ فيها الإضراب العام بنسبة كبيرة، وذلك تلبية لدعوة زعيم الحراك البارز، حسن أحمد باعوم. ورفع المشاركون في فعاليات الحراك، ذات المطالب وهي «فك الارتباط» بين شطري البلاد، الشمالي والجنوبي، وإطلاق سراح المعتقلين في سجون الأجهزة الأمنية وغيرها من المطالب كدعوة المجتمع الدولي إلى تبني «قضية الجنوب». كما رفع الحراكيون صورا لقيادات يمنية سابقة كنائب الرئيس السابق علي سالم البيض والرئيس الأسبق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس وغيرهم.

وفي الوقت الذي أشاد فيه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، في خطاب له في ذكرى الثورة، بما قام به ثوار «14 أكتوبر» وقتالهم إلى جانب ثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، قبل استقلال الجنوب، وتجنب فيه توجيه أي انتقادات إلى القيادات الجنوبية المعارضة، فقد وجه زعيم الحراك الجنوبي علي سالم البيض، خطابا من منفاه في النمسا إلى المواطنين في جنوب اليمن وإلى المجتمع الدولي بمناسبة ذكرى ثورة أكتوبر، حيث دعا المواطنين في الداخل إلى الاستمرار في العزيمة والإصرار من أجل نيل «حريتكم وحقكم وسيادتكم أسمعوا صوتكم وهديركم – كما عودتمونا دائما – كل من به صمم، أو كل من يتوهم أو يعتقد أن القوة والغصب سوف تخضعنا أو تكسر شوكتنا وإرادتنا»، وقال، في بيان صادر عنه، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن «هدفنا الوطني المقدس المتمثل في حق تقرير المصير والاستقلال والتمكن من استعادة سيطرتنا وسيادتنا على كامل ترابنا الوطني، هو الهدف الاستراتيجي الوحيد الذي يقدم في سبيله شعبنا الوفي كل تلك التضحيات الجسيمة في مختلف مناطق الجنوب».

وطالب البيض «الأشقاء والأصدقاء» بتفهم مطالبهم في الجنوب و«وتقديركم للب المشكلة في الجنوب وعلى أن يجري التعامل والحوار معنا على أساس هذا الفهم الصحيح، مؤكدين لكم أننا لن نكون إلا عاملا قويا وفاعلا لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة ككل بصفتنا شعبا يرفض التطرف والإرهاب والغلو ويحاربه بكافة أشكاله وصوره ومشاربه، خاصة وقد باتت لعبة وجود تنظيم القاعدة في الجنوب مسرحية هزلية مكشوفة ولم تعد تنطلي على أحد منكم»، على حد تعبير البيان.

وتلقي مجمل التطورات السابقة وغيرها، بظلالها على استعدادات الحكومة اليمنية لاستضافة «خليجي 20» الشهر المقبل، فرغم تأكيد السلطات استعدادها بأكثر من 30 ألف جندي لتأمين البطولة والمشاركين فيها، فإن استمرار هذه الحوادث الأمنية يعكس صورة سلبية لدى الدول المشاركة التي ترفع، بعضها، أصواتها مطالبة بنقل البطولة من اليمن جراء الأوضاع الأمنية المتدهورة.

وشددت أجهزة الأمن، في عدن، من إجراءاتها الأمنية حول الفنادق والمنشآت الرياضية التي ستستضيف البطولة، وذلك بعد مقتل 3 أشخاص وإصابة اثنين آخرين، قبل أيام، في انفجارين بمقر نادي الوحدة الرياضي الذي من المفترض أن يتدرب على أرضية ملعبه، أحد الفرق المشاركة في البطولة.

إلى ذلك، علمت «الشرق الأوسط» أن العقيد رياض الخطابي، نائب مدير جهاز الأمن السياسي (المخابرات) في مدينة سيئون، ثاني أكبر المدن في محافظة حضرموت، توفي، أمس، في العاصمة صنعاء متأثرا بجراحه التي أصيب بها في حادثة إطلاق النار التي تعرض لها، أول من أمس، أثناء خروجه من مقر عمله بسيئون، التي أكدت مصادر محلية أن مسلحين ملثمين كانا يستقلان دراجة نارية، هما من قاما بإطلاق النار على المسؤول الأمني، الذي يعد الثاني من منتسبي المخابرات والذي يقتل في حضرموت في غضون أسبوع واحد، بعد مقتل المساعد عبد العزيز باشراحيل في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، في حادثة مماثلة.