قمة باريس حول الشرق الأوسط مؤجلة بانتظار تحقيق اختراق

اتصال هاتفي جديد بين ساركوزي ومبارك.. والجانب العربي لا يرى داعيا لعقدها

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى استقباله الأمين العام لحلف الناتو اندريه فوغ راسموسين في الإليزيه أمس (رويترز)
TT

في 27 سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عند استقباله الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) في طريق عودته من نيويورك، أن قمة ستعقد في العاصمة الفرنسية نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الحالي يشارك فيها إضافة لأبو مازن الرئيس المصري حسني مبارك باعتباره يتشارك رئاسة الاتحاد المتوسطي مع ساركوزي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وتوني بلير، مبعوث الرباعية الدولية إلى مسار السلام في الشرق الأوسط الذي استقبله في قصر الإليزيه في 11 أكتوبر الحالي. غير أن فكرة هذه القمة تبدو الآن وكأنها ماتت أو على الأقل تأجلت، بحسب ما قالته مصادر دبلوماسية عربية في باريس لـ«الشرق الأوسط» وهو الأمر الذي لا تنفيه المصادر الفرنسية. وقالت المصادر العربية المتطابقة، إن ما سمعه الجانب الفرنسي في الأيام الأخيرة هو التعبير عن تحفظات كبرى إزاء مشروع الرئيس ساركوزي.

ويقوم الموقف العربي المصري الذي نقل إلى العاصمة الفرنسية على ثلاثة اعتبارات أساسية تبرر فقدان الحماسة إزاء مشروع كهذا. ويرى الفلسطينيون والمصريون بداية أنه «لا فائدة من قمة كهذه في الوقت الحاضر» بسبب مواقف نتنياهو الذي «سعى في الأشهر الأخيرة لاستغلال اللقاءات التي حصلت لأغراض الدعاية الشخصية والترويج لنفسه باعتباره داعية سلام. وآخر الحجج التي سردها العرب هي أن نتنياهو رد على الموقف الأخير للجنة المتابعة العربية التي منحت الإدارة الأميركية شهرا إضافيا لاستئناف جهودها السلمية وإيجاد مخرج لموضوع استمرار الاستيطان هو طرح شرط الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية والمسارعة إلى معاودة استئناف الاستيطان والبناء ما اعتبر استفزازا واضحا».

من جهة ثانية، يتساءل الفلسطينيون والمصريون عن الفائدة المرجوة من اجتماع على هذا المستوى إذا كانت النتيجة ستنحصر في التقاط الصور التذكارية وتوفير منبر دعائي لنتنياهو بينما واقع الحال ميدانيا ودبلوماسيا وسياسيا يظهر انسدادا كاملا لمسار المفاوضات المباشرة بسبب الإملاءات الإسرائيلية. أما الاعتبار الثالث فيقوم على امتعاض أميركي من المبادرة الفرنسية ومن استعجال الرئيس ساركوزي لطرحها في الوقت الذي تعتبر فيه واشنطن أنها لم تستنفد كامل جهودها السلمية بعد. وعلمت «الشرق الأوسط» أن واشنطن أبلغت الجانبين العربيين وفرنسا كذلك عن تعجبها للمبادرة الفرنسية التي فهمت أميركيا أنها حكم متسرع بفشل المجهود الأميركية رغم أن الرئيس الفرنسي وضعها في إطار البحث عن آليات لمواكبة الجهود الأميركية.

ويرى أكثر من طرف أن واشنطن رأت في مساعي باريس ردا على استبعاد فرنسا والاتحاد الأوروبي عن رعاية المفاوضات المباشرة وهو ما عبرت عنه فرنسا بشكل علني وواضح وبتأكيدها أنه لا يجوز أن ينحصر الدور الأوروبي بتمويل السلطة الفلسطينية.

وجرى أمس اتصال هاتفي بين الرئيسين الفرنسي والمصري حيث كان موضوع القمة المصغرة إحدى المسائل التي تم تناولها.

ولا يرى الطرف العربي عناصر مشجعة في الزيارة الأخيرة لوزيري خارجية فرنسا وإسبانيا إلى المنطقة وبالتالي فهي حوافز للقفز على المبادرة الفرنسية واستثمارها في عملية التفاوض.

غير أن هذا الطرح لا يعني أن مشروع ساركوزي قد دفن نهائيا، بل يعني أن القمة مستبعدة في الظروف الحالية بانتظار أن ينضج شيء ما يبرر الدعوة إليها. ولذا، فإن الأنظار ستتوجه مجددا صوب واشنطن وصوب ما يقوم به جورج ميتشل مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما من جهود لدى الطرفين للعثور على صيغة ما مقبولة من الجانبين لعائق الاستيطان. وكلما طال الانتظار أصبح تحقيق اختراق ذي معنى أكثر صعوبة لأن نتنياهو سيرفع من الثمن المطلوب مما سيضع الرئيس أوباما وإدارته في موقف حرج قبل أسابيع قليلة على الانتخابات النصفية الأميركية التي تبدو صعبة له وللديمقراطيين مما يمنعه من حرية التحرك وممارسة الضغوط على الجانب الإسرائيلي.