الجنرال بترايوس: بن لادن هدف رئيسي لقواتنا حتى قتله أو اعتقاله

قال إن حلف الأطلسي سهل المفاوضات مع طالبان في كابل

قائد القوات الدولية والاميركية في افغانستان الجنرال الاميركي ديفيد بترايوس يحيي جمهور الصحافيين في المعهد الملكي البريطاني للدراسات الاستراتيجية بالعاصمة لندن امس (أ. ب)
TT

أعلن قائد القوات الدولية والأميركية في أفغانستان، الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس، أن أسر أو قتل أسامة بن لادن زعيم «القاعدة» سيظل هدفا رئيسيا للقوات الدولية العاملة في أفغانستان. وقال أمس أمام مجموعة من الصحافيين الغربيين في المعهد الملكي البريطاني للدراسات الاستراتيجية (روسي) إن قيادات «القاعدة» يعانون من متاعب جمة. وأشار إلى أن بن لادن «الشخصية الرمزية يختفي في منطقة معزولة ما بين جبال باكستان وأفغانستان»، مشيرا إلى أن أفغانستان لم تعد ملاذا آمنا للمتطرفين كما كان الحال قبل هجمات سبتمبر (أيلول). وأوضح أن رسالة بن لادن التي هنأ فيها النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب، الذي حاول تفجير طائرة مدنية فوق مطار ديترويت في ميتشغان خلال أعياد الميلاد الماضية، استغرقت أربعة أسابيع للوصول إلى مواقع الإنترنت، مما يعني أن بن لادن وكبار قادة «القاعدة» يعيشون تحت الأرض وتحت ضغوط جمة. وقال الجنرال بترايوس «على الرغم من الاعتراف بأن مكان وجوده يعد لغزا، وتأخيره في إرسال رسالة تهنئة النيجيري الشاب عبد المطلب الذي حاول تفجير طائرة متجهة إلى الولايات المتحدة يوم عيد الميلاد فإن ذلك يؤكد أن بن لادن يختبئ في مكان بعيد للغاية». وقال: «الحقيقة أن الأمر استغرق منه أربعة أسابيع لإرسال رسالة تهنئة مما يشير إلى أنه ربما يختبئ في المنطقة النائية والجبلية». وقال «نحن هنا حتى لا تصبح أفغانستان ملاذا للمتطرفين كما كان عليه الحال عند تنظيم القاعدة الذين خططوا لهجمات سبتمبر من مدينة قندهار». وأوضح بترايوس، قائد القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان، أمس، أن القوات التي يقودها الحلف سهلت مرور قياديين في حركة طالبان إلى كابل لإجراء محادثات مع الحكومة الأفغانية. وقال بترايوس إن ذلك جاء في إطار دعم الولايات المتحدة وحلف الأطلسي لمحادثات المصالحة التي يجريها الرئيس الأفغاني حميد كرزاي مع طالبان. وأضاف: «في بعض الأحوال نسهل هذا. نحن في غنى عن القول إن دخول قيادي كبير من طالبان إلى أفغانستان وشق طريقه إلى كابل لن يكون سهلا لو لم تكن قوة المعاونة الأمنية الدولية (إيساف)، تعلم بهذا، وبالتالي تسمح بحدوثه». وأضاف: «هذا هو المدى الذي يمكنني الذهاب إليه في هذه المرحلة». وقال قادة أميركيون ومن حلف الأطلسي، أول من أمس، إنهم مستعدون لمساعدة كرزاي على بذل جهود للمصالحة مع طالبان. وأكد بترايوس، أمام معهد الأبحاث حول الدفاع، أن «بعض المبادرات جارية حاليا» في إطار دعم عملية التفاوض التي أطلقها الرئيس حميد كرزاي. وأوضح الجنرال «أكيد، في بعض الحالات نحن نسهل ذلك علما بأنه سيكون من الصعب على مسؤول طالباني الدخول إلى كابل دون أن تسمع القوة الدولية بذلك وتسمح به». وأضاف أن «عدة مسؤولين كبار في طالبان تمكنوا من الاتصال على أعلى مستوى مع مسؤولي الحكومة الأفغانية وكذلك دول أخرى مشاركة في أفغانستان في بعض الحالات» دون أن يحددها. وقد أعلن مسؤول أطلسي، الأربعاء، أن القوات الحليفة أفسحت المجال أحيانا أمام قياديي طالبان ليتوجهوا إلى كابل للمشاركة في مباحثات «جد أولية» مع الحكومة. ويشير بترايوس، الذي يقود القوات الدولية منذ الرابع من يوليو (تموز)، بذلك إلى خطة المصالحة وسياسة اليد الممدودة التي يعتمدها الرئيس كرزاي، الذي قرر تمويل برنامج موجه في المقام الأول إلى المقاتلين الذين يسلمون أسلحتهم مقابل فرص عمل وأموال، لكنه دعا أيضا قادة طالبان إلى التفاوض حول السلام. وسيمول المجتمع الدولي هذا البرنامج. وفي بداية يونيو (حزيران) قال الموفد الأميركي ريتشارد هولبروك إنه يريد مطالبة الحكومة الأفغانية بضمانات حول استخدام نحو 200 مليون دولار (156 مليون يورو) لتمويل هذا البرنامج. وعقد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي في يونيو الماضي مؤتمرا وطنيا أنشأ خلاله المجلس الأعلى للسلام، وهي هيئة تضم 68 عضوا أوكلت إليهم مهمة إقامة اتصالات مع المتمردين لإنهاء عشر سنوات من الحرب. وأكد رئيس المجلس الأعلى للسلام الرئيس الأفغاني السابق برهان الدين رباني أن عناصر طالبان أبدوا «إرادة» التحاور مع الحكومة حليفة الائتلاف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة والذي أطاح بتلك الحركة من السلطة نهاية 2001. وينفي المتمردون رسميا أي حوار مع الحكومة. ويضم المجلس نساء ووزراء وزعماء حرب قدامى مثل الرئيس السابق برهان الدين رباني وقادة حاربوا طالبان من 1996 إلى 2001 مثل عبد الرب الرسول سياف وحاج محمد محقق. كما تم تعيين مسؤولين سابقين في طالبان أعضاء في المجلس. وقد صودق على مشروع هذا المجلس خلال مؤتمر «جيرغا السلام» الذي عقد في كابل في يونيو الماضي. ويراد من المجلس أن يكون هيئة تفاوض تمثل مجمل المجتمع الأفغاني في محادثات سلام مع مقاتلي طالبان الذي رفضوا الحوار مرارا، مؤكدين أنهم لن يباشروا أي مفاوضات قبل انسحاب جميع الجنود الأجانب.

وأمر كرزاي في يونيو أيضا بإعادة النظر في ملفات مئات المعتقلين الذين يشتبه بأنهم على علاقة بالمقاتلين في خطوة مساع حميدة مع طالبان. ويعتقل مئات الأشخاص في السجون الأفغانية وسجن باغرام، شمال كابل، الذي تسيطر عليه القوات الأميركية. من جانب آخر كشف الجنرال بترايوس أنه اتصل صباح أمس شخصيا بوالد الرهينة البريطانية ليندا نورغروف التي قتلت في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) خلال عملية أميركية لإنقاذها وأعرب له عن «أخلص تعازيه» وتحدث عن متابعة التحقيق حول ظروف مقتلها. وقد أكد الجنرال لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أول من أمس أن «التحقيق يشكل أولوية يتمسك بها شخصيا» كما أعلن مكتب رئيس الوزراء.