أبو مازن يطمئن عرب الداخل: نرفض يهودية إسرائيل ولا نقبل بتبادل شخص واحد

محلل سياسي يطلب منه عدم الانتظار ووضع خطة مقاومة

TT

حسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الجدل الذي أثير مؤخرا حول مدى استعداد السلطة الفلسطينية للاعتراف بيهودية إسرائيل، بقوله إن السلطة ترفض ذلك بشكل قاطع لا لبس فيه.

وكانت تصريحات لأمين سر اللجنة التنفيذية ياسر عبد ربه، لـ«الشرق الأوسط»، طالب فيها الولايات المتحدة بتقديم خريطة لحدود إسرائيل التي يطالبون بالاعتراف بها دولة يهودية أولا، قد أثارت جدلا وغضبا كبيرين في أوساط الفلسطينيين، وفسرت على أنها استعداد مسبق لاعتراف السلطة بيهودية إسرائيل، مقابل دولة فلسطينية في حدود 1967.

ونفى أبو مازن الأمر تماما عندما استقبل في مقر الرئاسة في رام الله مساء أول من أمس أعضاء كنيست عربا بينهم محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وحنا سويدان، وعفو إغبارية.

ونقل بركة عن أبو مازن قوله إنه والقيادة الفلسطينية يرفضون «بشكل حاسم وقاطع لا لبس فيه طروحات الدولة اليهودية، والتبادل السكاني كليا ولو لشخص واحد». وأكد بركة أن الطروحات الإسرائيلية تمثل خطرا على أبناء شعبنا في أراضي 1948، وفي الشتات، متهما الخطاب الرسمي الإسرائيلي بمحاولة تشويه الموقف الفلسطيني. وقال: «إن كلام الرئيس في هذا اللقاء لا نسمعه لأول مرة في الحقيقة.. بل سمعناه في مرات سابقة، ولو كانت القيادة الفلسطينية مستعدة للتفريط بالثوابت لكانت قد وقعت على الاتفاق منذ فترة طويلة». واعتبر بركة أن ما سمعه من أبو مازن، شكل رسالة مطمئنة لأبناء شعبنا بأراضي 1948.

وجاء موقف أبو مازن ليؤكد على رفضه اقتراح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالاعتراف بيهودية إسرائيل مقابل تجميد الاستيطان لعدة شهور تمهيدا لاستئناف المفاوضات المتوقفة.

وتنتظر السلطة ما إذا كانت الجهود الأميركية مع إسرائيل ستسفر عن تجميد إضافي للاستيطان أو لا. وهددت ومعها دول عربية باللجوء إلى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذا فشلت جهود الولايات المتحدة خلال الأسابيع القليلة القادمة.

وطرحت السلطة خيارات أخرى من بينها اعتراف الولايات المتحدة بحدود الدولة الفلسطينية، أو طلب الوصاية الدولية، لكن محللين وكتابا وسياسيين فلسطينيين وعربا يرون في خيارات السلطة مجرد تهديدات تكتيكية غير ممكنة التطبيق وذلك بسبب «الفيتو» الأميركي.

وقال المحلل السياسي هاني المصري لـ«الشرق الأوسط» إن على أبو مازن أن يضع الآن «خطة مقاومة». وأوضح: «لا أتحدث عن المقاومة المسلحة، أتحدث عن خطة متكاملة؛ وقف المفاوضات، وإطلاق مقاومة شعبية، وملاحقة إسرائيل دوليا، والبحث عن عناصر القوة داخليا وخارجيا، وإنهاء الانقسام، ومن ثم الذهاب إلى المؤسسات الدولية». وأضاف: «التهديد باللجوء إلى المؤسسات الدولية غير كاف.. هذه تأتي ضمن استراتيجية طويلة الأمد».

وقلل المصري من أهمية اقتراح اللجوء لمجلس الأمن، وقال: «هذه لا تخيف إسرائيل لأنها مطمئنة لأن الولايات المتحدة لا يمكن أن تتخلى عنها، وأنها ستستخدم الفيتو ضد أي مشروع قرار عربي في مجلس الأمن لا ترضى عنه إسرائيل».

ويرى المصري أن إسرائيل يجب أن تدفع غاليا ثمن احتلالها أولا، وهذا من وجهة نظره هو الكفيل الوحيد لجعل إسرائيل مستعدة للانسحاب والموافقة على حل متوازن للصراع.

أما بشأن العودة إلى المفاوضات، فوصف المصري ذلك بأنه يعتبر «مساسا خطيرا بالحقوق الوطنية الفلسطينية». في المقابل يرى المصري أن المشكلة الحقيقية التي وقع فيها أبو مازن «هي الانتظار»، وقال: «المشكلة الحقيقية تكمن في أن الانتظار دون وضع الشعب والقوى أمام مسؤولياتها ليس سياسة، بينما تقوم إسرائيل بفرض حقائق احتلالية يوميا على الأرض». وأضاف: «الانتظار ليس بديلا، لأن الوقت ينفد. والوقت من دم والتاريخ لا يرحم»، محذرا من أن الانتظار طويلا سيقود إلى اتفاق بين واشنطن وإسرائيل يفرض على الفلسطينيين فرضا. وأضاف: «إما سيأتوننا بحل نهائي يصفي القضية، أو حل انتقالي طويل الأمد متعدد المراحل».

وطالب المصري أبو مازن بمصارحة الشعب بالحقيقة، وإشراكه عبر قواه ببلورة بديل استراتيجي متكامل، محل المفاوضات، مقترحا إعادة الهيبة لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعادة دورها السياسي لها مقابل تركيز السلطة على القضايا الحياتية فقط. وقال: «من الخطأ أن تكون السلطة مركز الثقل». وأضاف: «يجب أن تعود إلى مكانها الطبيعي كمرحلة على طريق إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة، بحيث تكون في خدمة البرنامج الوطني وأداة من أدوات المنظمة، وتكف عن لعب أي دور سياسي، وتعود القيادة لمنظمة التحرير، ومن الخارج لو لزم الأمر».