قوى «8 آذار» متمسكة بصلاحية المجلس العدلي في ملف «شهود الزور»

جلسة الأربعاء تنتهي إلى توافق أو تأجيل.. وإجماع على ضرورة عدم اللجوء للتصويت

TT

عاد ملف «شهود الزور» المتأزم إلى واجهة الاهتمام المحلي بعد أن كان قد أرجئ البحث فيه بانتظار إتمام زيارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد. وتفيد المعلومات بأنه، وحتى الساعة، لا تزال النقاط الخلافية على حالها في الملف المتعلق بشهادات أدلي بها في جريمة اغتيال الرئيس الراحل، رفيق الحريري، خصوصا أن الضيف الإيراني لم يأت حاملا أي مبادرات في هذا الإطار، عكس كل ما أشيع مؤخرا.

وتنشط مساعي كل من رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، ورئيس اللقاء الديمقراطي، النائب وليد جنبلاط، للتوصل إلى تسوية قانونية - سياسية تمرر الملف من مجلس الوزراء باتجاه القضاء دون انفجار أي من الألغام المحدقة به. وفي هذا الإطار، أفادت مصادر وزارية «الشرق الأوسط» بأن «النقاش سيكون مفتوحا في جلسة مجلس الوزراء المقرر عقدها الأربعاء المقبل للبحث في التقرير الذي أعده وزير العدل، إبراهيم نجار، عن (شهود الزور)، على أن لا يتم اللجوء، وفي أي حال من الأحوال، إلى التصويت لما سيكون له من تداعيات سلبية على كل الملفات العالقة المقبلة على طاولة البحث وعلى الوضع العام في البلاد». وأوضحت هذه المصادر أن «هناك مبدأ عاما يلتزم به رئيس الجمهورية، ألا وهو حل الخلافات بالتوافق وعدم اللجوء إلى التصويت إلا عند نفاد الخيارات».

وفي وقت أوضح وزير العدل، إبراهيم نجار، أن «مطالعته حول موضوع (شهود الزور) هي دراسة مستندة إلى مسوغ قانوني لا سياسي كما يقول البعض»، أضاف: «أنا أتصرف من موقعي كوزير للعدل يستند إلى المراجع القانونية والرد يجب أن يكون تاليا بالقانون لا بالسياسة».

وفي هذا الإطار، تساءل وزير الدولة، عدنان السيد حسين، المقرب من رئيس الجمهورية: «أليس إيقاع الفتنة بين سورية ولبنان، وإشعال الفتنة داخليا سببا كافيا لإحالة هذا الملف إلى المجلس العدلي؟»، معتبرا أنه «حتى لو ذهبنا إلى المحاكم العادية سنصل إلى النتيجة المطلوبة، ولكن الإحالة إلى المجلس العدلي هي حتى لا تستغرق القضية وقتا طويلا». وأضاف: «من قال إن ملف (شهود الزور) فارغ؟ فتقرير وزير العدل إبراهيم نجار أكد وجودهم، وهناك مبدأ في القانون هو أن الفرع يتبع الأصل، والأصل هو هذا الملف». وعن مصير مدعي عام التمييز، القاضي سعيد ميرزا، في حال أحيل ملف «شهود الزور» إلى المجلس العدلي، قال السيد حسين: «لو كان هناك نيابة عامة تمييزية تتحرك تلقائيا لما وصلنا إلى ما نحن إليه، فالقضاء اللبناني حتى عام 1980 كان من أفضل السلطات القضائية في المنطقة»، وأضاف: «في حال إحالة ملف (شهود الزور) إلى المجلس العدلي، على مدعي عام التمييز أن يتنحى تماما كما تنحى رئيس المحكمة الدولية، أنطونيو كاسيزي، كونه هو المدعى عليه في هذه القضية، وهذا الحل هو وفق ما ينص عليه القانون». وأعرب السيد حسين، في السياق عينه، عن اعتقاده بـ«إمكانية حصول التوافق على موضوع (شهود الزور) قبل انعقاد جلسة الحكومة يوم الأربعاء المقبل».

وفي موازاة المساعي اللبنانية، نقل سفير المملكة العربية السعودية، علي عواض عسيري، حرص المملكة على تعاون اللبنانيين جميعا لـ«وأد الفتن وبث روح الأمان والطمأنينة في نفوس اللبنانيين وتعزيز وحدتهم بالحوار والتلاقي، لتجنيب وطنهم الانقسامات والصراعات التي لا تعود عليهم إلا بالخسران والضرر».

وأكد رئيس تيار التوحيد، وئام وهاب، أن «لرئيس الحكومة، سعد الحريري، دورا أساسيا يجب أن يضطلع به كرئيس للحكومة، إذ لا يستطيع أن يبقى ضمن دور المتفرج، وهذا الأمر لا يخدمه ولا يخدم لبنان»، ودعا الفرقاء كافة إلى التوافق على «وضع الأمور في إطارها الصحيح من خلال محاكمة (شهود الزور) وتحويل المسألة إلى المجلس العدلي»، متمنيا على الجميع أن «يعمل من أجل تحقيق هذا الأمر ومعالجته، ما سيحتم على المحكمة الدولية انتظار انتهاء التحقيقات في ملف (شهود الزور) حتى تتبين النتائج الفعلية».

وتتمسك قوى «8 آذار» بصلاحية المجلس العدلي بالنظر في ملف «شهود الزور»، وهذا ما يناقض التقرير القانوني الذي أعده الوزير نجار. وفي هذا المجال، شدد عضو كتلة التحرير والتنمية، النائب علي بزي، على أن «المجلس العدلي هو المختص بالنظر في ملف (شهود الزور) كي نصل إلى الحقيقة ومن خلالها إلى العدالة»، وأضاف: «سنذهب إلى جلسة مجلس الوزراء المقبلة لنقول بروية وهدوء ما قلناه في الأمس القريب، ولنجدد التأكيد أن فتح هذا الملف هو شبكة خلاص اللبنانيين، وطريق النجاة توصلنا إلى الحقيقة والعدالة»، آملا أن «يقتنع الفريق الآخر بوجهة نظرنا أن المجلس العدلي هو القضاء المختص للنظر في ملف (شهود الزور) وليس أي قضاء أو مجلس آخر».

في المقابل، دعا وزير الشؤون الاجتماعية، سليم الصايغ، إلى «التداول في جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل بملف (شهود الزور) من الناحية القانونية»، وقال: «لاحظنا أن هناك إرادة لسحب الموضوع إلى المجال السياسي من قبل الفريق الآخر، متخطين بذلك النقاش القانوني الهادئ»، معتبرا أن «الخلط بين السياسة والقانون يفتح كل الاحتمالات».

وإذ توقع عضو كتلة المستقبل، النائب عمار حوري، أن «تكون جلسة الأربعاء هادئة، لأن وزراء الأكثرية سيذهبون بكل انفتاح مسلحين بتقرير وزير العدل، إبراهيم نجار»، أمل «أن لا نصل إلى التصويت بل أن نعتمد الحوار والنقاش الهادئ». ووصف وزير الإعلام، طارق متري، جلسة مجلس الوزراء المقبلة بـ«الحاسمة» متوقعا «أن لا نصل إلى مرحلة التصويت»، قائلا: «إذا اتفقنا كان به، وإذا لم نتفق فسيُرحّل النقاش إلى جلسة أخرى».