قوى «14 آذار» تنتقد «الخطابات التعبوية» لنجاد و«تبعية» حزب الله

لقاء بين نصر الله وعون يشيد بالزيارة التاريخية للرئيس الإيراني

لبنانيون مؤيدون للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يرفعون أعلام لبنان وإيران وحزب الله في مدينة بنت جبيل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

تستمر زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان الشغل الشاغل للبنانيين الذين ما زالوا يحاولون قراءة أبعادها بالشكل والمضمون، سعيا لرسم أطر المرحلة المقبلة لما تحمله من محطات حاسمة ومفصلية لإيران دور أساسي فيها. وفي وقت بدا جليا أن حدّة مواقف الفريق المسيحي في «14 آذار» من الزيارة تفوق وبأشواط مآخذ تيار المستقبل الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري على بعض مظاهر الزيارة الرئاسية الإيرانية، علمت «الشرق الأوسط» أن الأمانة العامة لقوى «14 آذار» سيكون لها موقف واضح وصريح بخصوص هذه الزيارة يوم الاثنين المقبل، خاصة لما حملته وبحسب المصادر، «من مظاهر استفزازية وتعبوية وتأكيد على تبعية حزب الله لإيران وولاية الفقيه».

وكشفت مصادر قوى «14 آذار» لـ«الشرق الأوسط» أن كل «الفرقاء مجمعون على أنه كان لنجاد زيارة واحدة للبنان ولكن تحت إطارين مختلفين تماما، الأول إطار مؤسساتي احترمه كل اللبنانيين من خلال مشاركة كل القيادات بحفل الاستقبال، والثاني إطار فئوي حزبي طائفي يؤكد الارتباط الوثيق بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله».

وفي الجبهة المقابلة، لفت اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله برئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، يرافقه وزير الطاقة جبران باسيل. وقد أعلنت العلاقات الإعلامية في حزب الله أنه جرى التداول حول زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وأن المجتمعين شددوا على «أهمية الزيارة التاريخية إلى لبنان»، مؤكدين نجاحها الرسمي والشعبي وانعكاسها لمصلحة البلدين.

وقد اعتبر السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي أن «زيارة الرئيس نجاد حققت مزيدا من القوة للبنان بكل أطيافه وطوائفه ومذاهبه وأديانه»، فيما جدد التأكيد على أن «إيران بجانب لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته». وبعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، لفت أبادي إلى أنه توافق والمفتي على «أهمية هذه الزيارة وعلى آثارها الإيجابية على الساحة اللبنانية بإطار ترسيخ الوحدة الوطنية» وأضاف: «إن شاء الله، الشعب اللبناني سيشهد النتائج الإيجابية لهذه الزيارة لإزالة أي نوع من الانقسام الذي لا نعتقد أنه موجود من الأساس في المجتمع اللبناني. لا مواجهة في الشارع حاليا وهو الأمر الأساسي الذي تشدد عليه إيران دائما، لأن لبنان ينبغي أن يكون متماسكا ومتضامنا». بدوره، اعتبر رئيس حزب الكتائب أمين الجميل أن «خُطب الرئيس نجاد شكلت إحراجا للبنانيين لأن هيئة الحوار الوطني التي يشارك فيها حزب الله ويرأسها سليمان تبحث عن استراتيجية لم نتفق عليها بعد، لذلك فإن موقف الرئيس نجاد يستبق الأمور ويؤكد على منحى الحرب وتحويل لبنان منفردا إلى ساحة قتال وحرب دائمة مع إسرائيل، وهذا الأمر لم يبت على طاولة الحوار بعد»، لافتا إلى أن «ثمة أصولا في التخاطب لم يحترمها نجاد في المناسبات الشعبية علما بأنه كان يتوجب عليه مراعاة سياسة الدولة المضيفة».

ورأى وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة أن «العلاقة التي تربط حزب الله بإيران معروفة من الجميع لا سيما لجهة الدعم المالي الذي توفره طهران للحزب». وقال: «لزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان وجهان، وجه لبناني وآخر إيراني. وفي إطار العقوبات المفروضة عليها وفرض سياسة العزلة، فإيران بحاجة إلى إطلالات خارجية لا سيما إذا كانت تعطيها زخما شعبيا، مما يكسر عزلتها ويوجه رسالة إلى الرأي العام الدولي بأنها محبوبة». وإذ انتقد عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا «اتخاذ الرئيس الإيراني في زيارته منحى تأكيد مشروع ولاية الفقيه وتأكيد أنه يجب أن يكون لبنان والشعب اللبناني جزءا من محور إقليمي يضم فلسطين ولبنان وسورية وإيران والعراق وتركيا»، شدد على أن «المبادرة الوحيدة المطلوبة من الرئيسين الإيراني محمود أحمدي نجاد والسوري بشار الأسد ومن جميع السياسيين اللبنانيين هي الإعلان أنه سيتم التعاطي مع كل ما سيصدر عن المحكمة بأسلوب قانوني قضائي حضاري، والكل يأخذ حقه». وأشار عضو كتلة الكتائب اللبنانية نديم الجميل أن «زيارة الرئيس نجاد جاءت لتؤكد ما حذرت منه الكتائب منذ أكثر من سنة لجهة تبعية حزب الله لإيران ولولاية الفقيه»، لافتا إلى أن «الزيارة بدأت رسمية ثم تحولت إلى زيارة جزء من لبنان». وأضاف: «سمعنا من خلال الخطب التي ألقاها الرئيس الإيراني كلاما تحريضيا، وكأن لبنان منصة لإطلاق الهجوم الكلامي على عدد من الدول العربية والأجنبية الصديقة». وتساءل: «كيف يقبل اللبنانيون بأن تتحول الزيارة خارج إطارها الرسمي إلى تصدير التوجيهات إلى اللبنانيين يحدد فيها لكل لبنان الموقف الواجب اتخاذه أو عدم اتخاذه؟». وقال: «لا نقبل توجيهات من أحد، لا من إيران ولا من سورية ولا من فرنسا ولا من أميركا، فلبنان ليس ولاية إيرانية ولا محافظة سورية». وإذ انتقد تهميش دور الجيش والقوى الأمنية الشرعية خلال استقبال ووداع الرئيس الإيراني، تساءل الجميل: «ما كدنا ننتهي من مشكلة استباحة المطار منذ بضعة أسابيع حتى تكرر المشهد من جديد خلال وصول ومغادرة نجاد، بعد أن تسلمت الأمن في المطار أجهزة أمنية غير لبنانية وكأن المطار منطقة سائبة».

بالمقابل، وصف النائب علي بزي عضو كتلة التحرير والتنمية، التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للبنان بـ«التاريخية والاستثنائية والناجحة بامتياز إن كان على مستوى المواقع الرسمية أو على مستوى الحرارة الشعبية على أرض الجنوب، أو على مستوى الخطاب السياسي والمضامين السياسية التي حملها هذا الخطاب في لبنان»، لافتا إلى أن «البعض حاول التشويش على هذه الزيارة، مما أكسب الزيارة أهمية أكثر وساهم بإنجاحها». ورحب بزي، في هذا السياق، بزيارة أي «مسؤول على مستوى كل أصقاع الدنيا يشعر العدو الإسرائيلي بأن زيارته إلى لبنان تشكل لديه حالة من الخوف والقلق والرعب».