الزوجة الأميركية كشفت إرهابي تفجيرات مومباي

«داود جيلاني» صار «ديفيد هيدلي» وتزوج عدة مرات

TT

قالت مصادر أميركية إن زوجة ديفيد هيدلي، الأميركي المعتقل لدوره في انفجارات مومباي في الهند سنة 2008، أبلغت مكتب التحقيق الفيدرالي (إف بي آي) قبل الهجوم بثلاث سنوات، بنشاطات زوجها الإرهابي، بعد خلاف عائلي، وبعد أن ضربها، وبعد أن طلبت الطلاق. وقالت إنه كان ناشطا في جماعة عسكر طيبة، وأنه تدرب في معسكرات باكستانية، وأنه كان يبحث عن أجهزة رؤية ليلية لينقلها من نيويورك إلى الهند.

وأمس، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الـ«إف بي آي» تلقت هذه المعلومات السرية قبل ثلاثة أعوام من الهجوم بأن هيدلي له صلة بالهجوم الذي أودى بحياة 166 شخصا. وأيضا بمؤامرة لمهاجمة صحيفة دنماركية كانت نشرت رسوما كاريكاتورية في 2005.

وأشار مراقبون في واشنطن إلى أن هيدلي ولد قبل 50 سنة تحت اسم داود جيلاني في واشنطن، قبل أن ينتقل مع والده الباكستاني ووالدته الأميركية إلى باكستان. وأن والده كان مذيعا مشهورا في إذاعة «صوت أميركا» باللغة الأردية في واشنطن. وتنتمي والدته إلى عائلة هيدلي، وهي عائلة ثرية في فيلادلفيا.

انتقل إلى باكستان وهو رضيع، وحضر مدرسة للنخبة العسكرية هناك. وعندما عاد إلى الولايات المتحدة كان عمره 17 سنة. في وقت لاحق، تزوج ثم طلق. وانزلق في عالم الجريمة والمخدرات، وأدمن الهيروين، حسب سجلات المحكمة.

وحسب سجلات المحكمة، «كان يسحر الناس لأنه سريع الكلام اللبق، وكان يلفت الناس بعينيه الخضراوتين، ولأنه كان يجيد اللغتين الأردية والإنجليزية، وأيضا يتحدث بعض الباشتون والفارسية والعربية».

في سنة 1988، اعتقلته وكالة مكافحة المخدرات في ألمانيا بتهمة تهريب الهيروين من باكستان إلى أوروبا. وقضى أربع سنوات في السجن، وفي سنة 1997، كان قد انتقل إلى نيويورك وأسس محلا للفيديو بمساعدة ثروة عائلة والدته الأميركية.

لكن، مرة أخرى، اعتقلته وكالة مكافحة المخدرات في عملية أخرى لتهريب الهيروين. وأفرج عنه وصار مخبرا سريا. وفي ذلك الوقت، قال ممثلو الادعاء في رسالة التوصية بإطلاق سراحه سنة 1998 إنه «يمكن أن يسافر إلى باكستان لتطوير المعلومات الاستخباراتية حول المتاجرين في الهيروين الباكستانيين».

في ذلك الوقت، على الرغم من الحكم عليه بالسجن لمدة 19 شهرا، بعد أقل من سنة، أطلق سراحه تحت المراقبة. وبينما كان تحت المراقبة حصل على إذن في عام 1999 للقيام برحلة إلى باكستان ليتزوج باكستانية حسب ترتيبات مسبقة. وكان قال إنه حريص على أن يتزوج مسلمة متدينة.

لكنه، في سنة 2002، تزوج أميركية كانت صديقته لثمان سنوات في نيويورك. ولم تمض فترة طويلة حتى بدأ نزاع عائلي أدى إلى شكوى زوجته في سنة 2005. وقالت في الشكوى إنها طلبت الطلاق بعد أن علمت أن لديه زوجة وأطفالا في باكستان، وأنه «ضربها عدة مرات في وجهها». في ذلك الوقت، اعتقلته شرطة مدينة نيويورك بتهمة الاعتداء على زوجته. ثم أطلقت سراحه بكفالة.

في ذلك الوقت، اجتمع محققون مع زوجته، التي قدمت لهم «عرضا مفصلا» عن نشاطاته مع جماعة عسكر طيبة. وكشفت لهم الأشرطة السمعية والمادية، ورسائل البريد الإلكتروني والمكالمات من باكستان، وأسماء المتطرفين الذين كان يتعامل معهم.

بعد الطلاق، ولإخفاء خلفيته الإسلامية الباكستانية، ذهب إلى فيلادلفيا، وغير اسمه إلى ديفيد هيدلي، ثم بدأ يسافر إلى باكستان والهند وأوروبا ودبي وأماكن أخرى حسب الاسم الجديد.

في سنة 2006، بالتعاون مع صديق يمتلك شركة لاستشارات الهجرة في الولايات المتحدة فتح فرعا للشركة في مومباي لتكون غطاء لنشاطاته. وهناك، انضم إلى الطبقة الأجنبية الاجتماعية والرياضية الراقية. وصار صديقا لممثلين وممثلات في الهند. وصار صديقا لفتاة مغربية، وكان يزور فندق «تاج محل»، الذي صار الهدف الرئيسي للهجمات على مومباي.

في السنة الماضية، اعتُقل هيدلي في مطار شيكاغو أثناء محاولته التوجه إلى باكستان. وعثر معه على 12 شريطا مصورا فيه مواقع في الدنمارك، وكان يخطط لتسليمها للذين يعمل لحسابهم هناك ضمن خطة للهجوم على الصحيفة الدنماركية التي نشرت رسوم النبي محمد.

وحسب المعلومات التي نشرت، خلال السنوات الأربع بين إنذار الزوجة واعتقال هيدلي، قام بمهام لصالح «عسكر طيبة»، وقام بعمليات استطلاع في جميع أنحاء العالم، مستفيدا من جواز سفره الأميركي واسمه الغربي الجديد. وأنه قام بخمس رحلات إلى مومباى، وتنقل كرجل أعمال بحرية في المناطق التي يرتادها الغربيون. وأنه أيضا قام بعدة رحلات إلى باكستان، والتقى مجموعات إرهابية.

وليس من الواضح ما إذا كانت الاستجابة السريعة لشكوى الزوجة كانت ستمنع هجمات مومباي. وأعاد مراقبون في واشنطن إلى الأذهان أن الحكومة الهندية كانت قالت إنها حذرت الحكومة الأميركية، من قبل هجمات مومباي باحتمال شن هجمات في الهند. وأن التحذيرات شملت تهديدا محددا بضرب فندق «تاج محل» الشهير.

في الجانب الآخر، اعترف مسؤول سابق في إدارة مكافحة المخدرات الأميركية بتقصير في متابعة معلومات الزوجة. وقال إن المحققين الأميركيين فشلوا في «الربط بين النقاط». واعترف بوجود «علاقات معقدة» بين قسم المخدرات وهيدلي. وكانت سجلات المحكمة التي قدم إليها هيدلي بعد اعتقاله، أوضحت أنه عمل مخبرا لها ابتداء من سنة 1990. وأن العلاقة انتهت قبل هجمات مومباي في سنة 2008.

لكن، قال المسؤول السابق إنه لا يستطيع القول ما إذا كان هيدلي عمل لحساب وكالة المخدرات خلال سنواته في المساعدة في التخطيط للهجمات أم لا.

وردا على معلومات الخلاف بين هيدلي وزوجته الذي كان سبب شكواها إلى «إف بي آي»، قال مسؤول في «إف بي آي»: «يمكننا أن نؤكد أننا حققنا في نشاطات هيدلي على أساس نصيحة زوجته». لكن، أضاف المسؤول: «لا يمكننا الدخول في التفاصيل».

وحسب أوراق المحكمة، وصف هيدلي بأنه «مثل الحرباء، مع لسان خطر، وموهبة في الخداع». ووصفه مسؤول في مكافحة الإرهاب كالآتي: «أراه كمرتزق. ليست له دوافع آيديولوجية. ولا دوافع إسلامية إرهابية بالمعنى التقليدي للكلمة».