أنباء عن محادثات مع طالبان في أفغانستان قد تخدم حلف الأطلسي

تشيع حالة من الارتباك وتقوض الثقة بين صفوف المتمردين

TT

يقول محللون ودبلوماسيون إن التقارير الإعلامية عن محادثات رفيعة المستوى بين طالبان والحكومة الأفغانية ربما تخدم الأهداف العسكرية الغربية بإشاعة حالة من الارتباك وتقويض الثقة بين صفوف المتمردين.

وربما عكس سيل من الأنباء عن مفاوضات أو التحضير لمفاوضات بل وعقد اجتماعات سرية في العاصمة الأفغانية، استعدادا متناميا من الجانبين في الأشهر القليلة الماضية لإجراء نوع من الحوار.

ولكن ترديد هذه الروايات في وقت تحقق فيه قوات يقودها حلف شمال الأطلسي تقدما في معقل طالبان يعني أنها ربما تهدف لتحقيق أهداف عسكرية سواء عن قصد أو من دون قصد.

وقال وحيد مجدة المحلل والمسؤول السابق في طالبان الذي ما زال على اتصال بأعضاء في الحركة في تقرير لـ«رويترز»: «اتصلت من خلال البريد الإلكتروني بعضو في طالبان على الجانب الآخر من الحدود ونفى وجود اتصال أو محادثات ولكن في الوقت نفسه تحدث عن ارتباك». وأضاف: «إنها حرب نفسية ضد طالبان أكثر من كونها أي شيء آخر»، مشيرا إلى تأثير التقارير على الثقة داخل الحركة. وقال مسؤول بارز في حلف شمال الأطلسي إن قوات يقودها الحلف تسهل اتصالات بين مسؤولين بارزين في طالبان والحكومة الأفغانية وتوفر لهم ممرا آمنا لإجراء محادثات في كابل.

واعترف مسؤول باكستاني بارز على دراية بالاتصالات بين حكومة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي وطالبان الخميس الماضي أيضا بتحول في المواقف.

وقال: «العملية وضعت موضع التنفيذ. إنها مجرد بداية، لكنه نجاح في حد ذاته لأنه في السابق كانت هناك معارضة أميركية لمثل هذه الاتصالات». وتابع: «هي اتصالات رفيعة المستوى للغاية.. إنهم من يتولون أمر المقاومة. هم من يقاتلون». ومثلما حدث مع مسؤولين ومصادر أخرى أدلت بتصريحات بشأن المحادثات، طلب مسؤول حلف الأطلسي والمسؤول الباكستاني عدم نشر اسميهما. وأحجم المتحدث باسم كرزاي عن التعليق. وهناك شعور متزايد في أفغانستان والخارج باستبعاد نصر عسكري حاسم للغرب والحكومة الأفغانية التي يدعمها وأن التوصل لحل سياسي في نهاية المطاف ربما يكون السبيل الأمثل لإنهاء القتال.

لكن الشائعات والروايات الغامضة عن خطط إجراء محادثات يمكنها دائما أن تقوض وحدة الجماعات المتمردة وتدفع القاعدة العريضة من أعضاء الحركة للحذر من قادتهم، وتثير شكوكا بين القادة أنفسهم. وتحدث دبلوماسي في كابل عن الفوائد العسكرية للمحادثات التي يمكن أن تعود على قوات حلف شمال الأطلسي والقوات الأميركية في أفغانستان، قائلا إن المقاتلين الذي يسمعون أنباء مثل هذه المحادثات ربما يتمردون أو على الأقل يفتر استعدادهم للمخاطرة بحياتهم في المعارك. كما أن إظهار نوايا الحلف بشأن قبوله إجراء محادثات قد يبعث برسالة إلى قادة طالبان تفيد بأن خصمهم جاد في بحث إمكانية التفاوض والتوصل لاتفاق.

وقال أحمد سعدي الدبلوماسي السابق لدى باكستان: «هذا عنصر دعائي مهم. يحاول حلف شمال الأطلسي توصيل رسالة لقادة طالبان تقول إنه في وسعكم لعب دور في المصالحة إذا كنتم مستعدين». ولكن بث الفرقة في صفوف العدو، في الوقت نفسه الذي تحاول فيه دحرهم في ميدان القتال، ربما يهدف للضغط عليهم كي يسارعوا بالجلوس إلى مائدة المفاوضات.

وصرح مسؤول بارز سابق في طالبان يعيش في كابل حاليا وعلى اتصال بقيادة الحركة لـ«رويترز» في وقت سابق بأن السرية هي أحد الشروط المهمة لنجاح المفاوضات.

وتبدو طالبان على دراية بمخاطر أي تحرك تجاه المحادثات. ففي بيان صدر هذا الأسبوع رفض المتحدث ذبيح الله مجاهد الأنباء بوصفها «حملة دعائية من دون أساس.. وجزء لا يتجزأ من الحرب النفسية المعتادة التي يشنها العدو». وقال مجاهد لمقاتلي الحركة إنه «لن تكون هناك مساومة على دمكم وتضحياتكم بأي اتفاق سري». وذكر تقرير لقوات حلف الأطلسي هذا الأسبوع أنه تم إلقاء القبض على قيادي رفيع من طالبان في جنوب أفغانستان يقود 20 رجلا، وهي مجموعة صغيرة من أعضاء الحركة الذين يقدر عددهم بالآلاف. وقال محللون إنه إذا كان من يسافرون إلى كابل لإجراء محادثات على المستوى «الرفيع» نفسه، فربما يكونون قادة محليين منشقين يريدون الحصول على أموال أو إنهاء صراع أرهقهم لا من المتمسكين بالتوجه الفكري الرئيسي للحركة.

من جهة أخرى، قتل جندي تابع لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) جنوب أفغانستان في هجوم بقنبلة زرعت على جانب الطريق، كما قتل مدنيان في تفجيرات مشابهة. وأكدت قوات المساعدة الدولية (إيساف) التي يقودها «الناتو» نبأ مقتل الجندي، إلا أنها لم تكشف عن جنسيته. يشار إلى أن معظم القوات الأجنبية الموجودة بالمنطقة الجنوبية تنتمي إلى الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وكندا. وقتل حتى الآن أكثر من 590 جنديا دوليا في أفغانستان خلال عام 2010، ليصبح بذلك العام الأكثر دموية للقوات الأميركية وقوات «الناتو» منذ الإطاحة بنظام طالبان أواخر 2001.

وقال زلماى أيوبي المتحدث باسم حاكم الإقليم إن مدنيا قتل وأصيب أربعة آخرون في هجوم بدراجة نارية مفخخة تم تفجيرها عن بعد بمدينة قندهار في جنوب أفغانستان الليلة قبل الماضية. وأضاف أن مدنيا آخر قتل وجرح اثنان آخران الليلة الماضية عندما قام مسلحون مشتبه فيهم بإطلاق النيران صوب ناقلة وقود في الجزء الشرقي من مدينة قندهار مما أدى إلى انفجارها.

ويتركز هجوم كبير لقوات أفغانية وقوات من حلف «الناتو» هذا العام على إقليم قندهار. وتشارك آلاف من القوات المشتركة حاليا في العملية التي امتدت إلى مناطق محيطة بقندهار، المقر الروحي لطالبان.