اليمن: الطيران يقصف مودية لليوم الثاني.. وسقوط 3 قتلى وعدد من الجرحى

منع السيارات الحكومية من دخول أبين.. ومجهولون يحرقون شاحنة محملة بمواد غذائية للجيش

من (اليمين) الألماني رامي هانس واليمني صدام الريمي يرافقهما جندي يمني وخلفه العراقي أحمد سعد الراوي واليمني بدر أحمد الراشد إثر الجلسة الثالثة لمحاكمتهم بتهم إرهابية في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

كثف الطيران الحربي اليمني، أمس، من غاراته التي تستهدف مناطق جبلية في مديرية مودية بمحافظة أبين في جنوب البلاد، التي يعتقد أن عناصر من تنظيم القاعدة يختبئون فيها، في الوقت الذي قالت فيه السلطات إن أجهزة الأمن أحبطت عمليتي تفجير انتحاريتين بواسطة سيارتين، وإنها أوقعت خسائر كبيرة في الأرواح في أوساط «العناصر الإرهابية».

وقالت مصادر محلية في أبين لـ«الشرق الأوسط» إن بعض هذه الغارات الجديدة سقط فيها 3 قتلى وعدد من الجرحى، بينهم امرأتان ورجل مسن، وإنها كانت تستهدف متهمين بالانتماء لـ«القاعدة» وبالقيام، خلال الأيام القليلة الماضية، بعدة عمليات هجومية أسفرت عن مقتل أكثر من 10 ضباط وجنود، وإلى تدمير بعض الآليات العسكرية، غير أن مصدرا رسميا يمنيا نفى تدمير أي من الآليات العسكرية، في حين أقر بمحاولتي التفجير الانتحاريتين وقال إن 3 مسلحين على الأقل قتلوا في المواجهات مع قوات الأمن.

وأشارت المصادر المطلعة إلى أن القصف استهدف منطقة تعوبة قرب مودية، وهي منطقة كانت في السابق معسكرا لـ«القاعدة»، قبل أن يقوم المواطنون هناك بطردهم. وتشير المصادر الخاصة في أبين إلى أن الغارات الجوية تستهدف أحد أبناء قبيلة عمبور – باكازم، ويدعى أنور، وهو أحد أبرز المتهمين في حادثة اغتيال مدير أمن مديرية مودية الخميس الماضي، إضافة إلى كونه شقيق جميل العمبري، القيادي في «القاعدة» الذي قتل في منتصف مارس (آذار) الماضي في غارة جوية على إحدى مناطق مودية. وفي مديرية لودر أحرق مسلحون مجهولون، يشتبه في أنهم من عناصر «القاعدة»، شاحنة تنقل مواد غذائية للجيش بعد استهدافها بنيرانهم، وقال شهود عيان إنه جرى إنزال سائق الشاحنة وإحراقها مع محتوياتها.

وحتى وقت متأخر من مساء أمس، لم تتوفر أية معلومات دقيقة بشأن عدد القتلى والجرحى في تلك الغارات الجوية التي تواصلت لليوم الثاني على التوالي، غير أن ما أكدته مصادر محلية، هو تدمير عدد من المنازل ونفوق بعض الماشية ونزوح كثير من سكان القرى الجبلية التي وقع القصف بجانبها، عن منازلهم وقراهم، خشية تكرار سيناريو الضربة الجوية المشهورة، أواخر العام الماضي، التي راح ضحيتها أكثر من 40 مدنيا، جلهم من النساء والأطفال، وهي الضربة التي استهدفت منطقة المجعلة في أبين واضطرت الحكومة اليمنية، في ما بعد، إلى الاعتذار عنها لأسر الضحايا أمام البرلمان بصورة رسمية وقدمت عشرات الملايين من الريالات تعويضات لأسر الضحايا.

وأدت هذه التطورات الأمنية والعسكرية إلى إجراءات حكومية، حيث أفادت مصادر في عدن، كبرى مدن جنوب البلاد، أن السلطات منعت الأشخاص الذي يسكنون في المدينة ويعملون في محافظة أبين، من المرور من نقطة العلم الفاصلة بين المحافظتين، وهم يستقلون سيارات جيش أو حكومية، وشمل المنع، أيضا، السيارات التي تحمل لوحات معدنية أجنبية. وفي السياق ذاته، قالت وزارة الداخلية اليمنية إنه جرى تكليف أمن مديرية الوضيع المجاورة لمودية بإغلاق المنافذ كافة الواقعة في الاتجاه الشرقي للمدية وذلك لمنع «العناصر الإرهابية من تنظيم القاعدة بمديرية مودية من استخدامه في الفرار من كماشة الملاحقة الأمنية لها في المديرية بعد أن وجهت الأجهزة الأمنية ضربات موجعة ودكت أوكار تنظيم القاعدة في مناطق السلامية وقشابر وألحقت بهم خسائر فادحه في الأرواح والمعدات».

وفي محافظة شبوة المجاورة التي يعتقد أن المتشدد الأميركي من أصل يمني، أنور العولقي يختبئ في جبالها، يواصل الطيران الحربي اليمني وكذا الأميركي من دون طيار، بحسب زعم السكان المحليين، القصف منذ فترة، غير أنه ازداد في الآونة الأخيرة. وعلمت «الشرق الأوسط» أن لقاء عقد في شبوة أمس لوجهاء قبليين خرج بالاتفاق على مواجهة عناصر «القاعدة» في المنطقة من خلال «ميليشيات» قبلية على غرار «الصحوات» في العراق، غير أن مصدرا محليا نفى هذه المعلومات. وقال سامي العشلة، الأمين العام السابق للمجلس المحلي (البلدي) لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه المعلومات غير دقيقة».

على صعيد آخر، أوقفت أجهزة الأمن في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت في جنوب شرقي البلاد، أكثر من 53 دراجة نارية «غير مرقمة»، وذلك بعد قرابة أسبوع على اغتيال مسلحين يستقلان دراجة نارية، الضابط في جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، عبد العزيز باشراحيل، في وسط مدينة المكلا، قبل أن يلوذا بالفرار. وقال مركز الإعلام الأمني إن هذه الحملة، على الدراجات النارية، تأتي «تنفيذا لتوجيهات قيادة وزارة الداخلية التي أكدت على ضرورة ترقيم الدرجات النارية بالمدينة، وعدم السماح للدراجات غير المرقمة بالتحرك في شوارع مدينة المكلا، لضمان عدم استخدامها في أعمال تخل بالأمن والاستقرار، أو أعمال إجرامية».

وكانت أجهزة الأمن في محافظة أبين، نفذت خلال شهري أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، حملة مماثلة لمنع الدراجات النارية غير المرقمة من إدارة المرور التي تستخدم كوسيلة مواصلات في كثير من المناطق اليمنية، من العمل وذلك بعد ازدياد حوادث الاغتيالات التي نفذها مسلحون يعتقد بانتمائهم لتنظيم القاعدة وجماعات جهادية أخرى، وضبط في تلك الحملة قرابة 10 دراجات نارية.

في موضوع آخر، بدأت نيابة أمن الدولة والإرهاب الجزائية المختصة في محافظة حضرموت، أمس، التحقيق مع 5 من المتهمين بالانتماء لتنظيم القاعدة، وبحسب موقع وزارة الدفاع اليمنية «سبتمبر نت» على شبكة الإنترنت، فإنه يتم التحقيق مع المتهمين على «خلفية قيامهم بتمويل التنظيم بالمال، وتجنيد آخرين، والتدرب على الأسلحة، وإيواء وإخفاء مطلوبين أمنيا، واشتراكهم في عصابة مسلحة للقيام بأعمال إجرامية في اليمن»، واعتقل الأشخاص الخمسة، خلال العامين الماضيين في حضرموت. وتنظر عدد من محاكم أمن الدولة في صنعاء وعدن وحضرموت وغيرها من المحافظات، في كثير من قضايا الإرهاب المتهم فيها أشخاص يعتقد بصلتهم بـ«القاعدة». وفي موضوع ذي صلة، شددت السلطات اليمنية أمس الإجراءات الأمنية حول سفارة بريطانيا المغلقة أمام العامة، وسفارة الولايات المتحدة التي حذرت من خطر وقوع هجمات جديدة.

وذكر مراسل وكالة الصحافة الفرنسية أن الطريق الرئيسي المؤدي إلى السفارة الأميركية أغلق أمام السيارات بواسطة حاجز للشرطة، فيما تقوم قوى الأمن بتفتيش السيارات المتجهة نحو مقر السفارة البريطانية.

وفي بيان على موقعها الإلكتروني، أشارت السفارة البريطانية إلى أنها ما زالت تعمل، إلا أنها «مغلقة أمام العامة منذ 12 أكتوبر (تشرين الأول) بسبب الحالة الأمنية».

من جهتها، تنشر السفارة الأميركية على موقعها بيانا للخارجية في واشنطن يحمل تاريخ الجمعة ويحذر الأميركيين من «المستوى المرتفع للتهديد الأمني بسبب النشاطات الإرهابية». ويوصي البيان الأميركيين «بتأجيل أي رحلة غير ضرورية إلى اليمن»، كما يطلب من أولئك الموجودين في هذا البلد إبداء «أقصى درجات التيقظ وأخذ الاحتياطات الأمنية». وبحسب البيان، فإن «الحكومة الأميركية قلقة إزاء احتمالات تنفيذ هجمات تستهدف المواطنين والمنشآت والشركات والمصالح الأميركية». كما يشير البيان إلى استمرار نشاط «منظمات إرهابية في اليمن بما في ذلك تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب».

وكانت أستراليا دعت الجمعة رعاياها في اليمن إلى مغادرته، وحذرت مواطنيها من مغبة السفر إليه، مؤكدة أن خطر وقوع اعتداء إرهابي في هذا البلد «مرتفع جدا».

وكانت الخارجية الفرنسية دعت الأربعاء الماضي عائلات الفرنسيين المقيمين في اليمن إلى مغادرة هذا البلد بسبب تدهور الوضع الأمني. وقال المتحدث باسم الوزارة برنار فاليرو «نظرا لتدهور الوضع الأمني الناجم عن الأحداث الأخيرة في اليمن، ندعو الرعايا الفرنسيين إلى توخي أقصى درجات اليقظة والحذر».