باريس: قمة السلام المصغرة «مؤجلة» في انتظار توافر «الظروف الملائمة»

فرنسا متشائمة إزاء تحقيق اختراق على صعيد جهود السلام

TT

أخيرا خرجت باريس عن صمتها وتحدثت رسميا عن قمة السلام المصغرة المؤجلة التي كان يفترض أن تستضيفها في 21 من الشهر الحالي برعاية الرئيس نيكولا ساركوزي وحضور الرئيس المصري حسني مبارك ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون.

ويفهم من التصريحات التي أدلى بها أمس الناطق باسم وزارة الخارجية، برنار فاليرو، أن القمة أجلت ولم تلغ وأن انعقادها سيتم «عندما تتوافر الظروف الملائمة لذلك»، وهو الأمر الذي أشارت إليه «الشرق الأوسط» في عددها ليوم السبت الماضي.

وأضاف فاليرو أن باريس مستمرة في التشاور مع شركائها لتلمس الطريق من أجل المساهمة «الجماعية» في تقدم مسار السلام.

وعزت باريس ضمنا التأجيل إلى الطريق المسدود الذي وصلت إليه جهود السلام، من جهة، وإلى غياب آليات المواكبة، التي كان إيجادها أحد أهداف مؤتمر باريس.

ولم تتحدث باريس أبدا وبشكل رسمي عن تاريخ 21 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، موعدا للقمة، بل إن الرئيس ساركوزي أعطى تاريخا تقريبيا «قبل نهاية الشهر الحالي». أما تاريخ 21 أكتوبر، فإن مصدره ريشار براسكيه، رئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، الذي كشف عنه عقب لقائه قبل أسابيع الرئيس ساركوزي في قصر الإيليزيه.

ومنذ بداية الأسبوع الماضي، بدا واضحا أن القمة لن تعقد. وكشفت مصادر دبلوماسية عربية واسعة الاطلاع في باريس لـ«الشرق الأوسط» أنها لم تتلق لا من الخارجية الفرنسية ولا من قصر الإيليزيه أي دعوة رسمية أو اقتراح تاريخ محدد للقمة، التي أجلت بانتظار معاودة المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأبدت المصادر الفرنسية «تشاؤما» إزاء الفرص الحقيقية لتحقيق إنجاز ما في ملف المفاوضات قبل أقل من أسبوعين على موعد الانتخابات الأميركية النصفية التي إن خسرها الرئيس أوباما ومعه الحزب الديمقراطي فإنها ستكبل يديه، وستشل تحركه في «الشرق الأوسط»، كما أنها ستنزع منه خصوصا الأوراق الضاغطة على إسرائيل وتقوي أنصار الأخيرة في مجلسي الشيوخ والنواب.

وتعتبر فرنسا أن الفشل الأميركي سيترك فراغا يتعين العمل منذ الآن على ملئه من ضمن الأطر الممكنة، وأحدها تفعيل الاتحاد من أجل المتوسط وإيجاد آلية مواكبة أو مجموعة الدول المساندة لمسار السلام. غير أن مشكلة باريس تكمن في أن دبلوماسيتها تدور في فراغ، على الرغم من قدرتها على استنباط الأفكار والمقترحات. وقبل أسابيع، كانت فرنسا تدغدغ مشروع الدعوة إلى مؤتمر باريس - 2 للدول والهيئات المانحة للسلطة الفلسطينية. غير أن هذا المشروع غاب مؤخرا من الخطاب الفرنسي ليحل مكانه مشروع قمة السلام المصغرة، التي ربطت بالتحضير للقمة المتوسطية. والحال أن المقترحين لا يمكن أن يتحققا من غير إنجاز تقدم ما في مسار المفاوضات يبرر هذا النوع من المبادرات.