واشنطن تتهم شركات ومصارف صينية بانتهاك العقوبات المفروضة على إيران

الخارجية الأميركية سلمت بكين «قائمة كبيرة» بالشركات التي تتعامل مع طهران

TT

توصلت إدارة أوباما إلى نتيجة مفادها أن هناك شركات ومؤسسات صينية تساعد إيران على تطوير التكنولوجيا الخاصة بتصنيع الصواريخ والأسلحة النووية، وطلبت الإدارة من الصين وقف هذه الأنشطة، وذلك بحسب تصريحات لمسؤول أميركي بارز. ووفقا للمسؤول الأميركي، الذي تحدث بشرط عدم الإفصاح عن هويته لحساسية القضية وتأثيرها على العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، فإن وفدا برئاسة روبرت جيه اينهورن، مستشار وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون منع الانتشار النووي والحد من التسلح، قام بزيارة بكين الشهر الماضي حيث سلموا نظراءهم الصينيين «قائمة كبيرة» بالشركات والمصارف الصينية التي تتعامل مع إيران. وأضاف المسؤول أن إدارة أوباما تعتقد أن هناك شركات صينية تنتهك العقوبات المفروضة على إيران من قبل الأمم المتحدة، ولكن الصين كدولة لا تقر هذه الأنشطة. وتواجه إدارة أوباما معضلة تحقيق توازن في الضغط على بكين لوقف صفقاتها مع طهران والحد من استثمارات الشركات الصينية في صناعة الطاقة في إيران. ويقول مسؤولون أميركيون إنهم في حاجة للحفاظ على قدرتهم على العمل مع الصين حول قضايا تتراوح من قيمة عملتها إلى استقرار الوضع في كوريا الشمالية. ولكن الإدارة تريد أيضا إحراز تقدم في جهودها المبذولة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية وإقناع الدول القوية الأخرى بأن الصين لا يتم التساهل معها بسبب احتياجاتها من الطاقة. وقال وانغ باو دونغ، المتحدث باسم السفارة الصينية: «إن حكومتي ستقوم بالتحقيق في القضايا التي أثارها الجانب الأميركي». وتأتي رحلة اينهورن إلى الصين في إطار الجهود التي تقوم بها إدارة أوباما على المستوى العالمي لإقناع دول العالم بالمساعدة على دفع إيران للدخول في مفاوضات بشأن برنامجها النووي الذي تقول الجمهورية الإسلامية إنه مصمم للأغراض السلمية. وقد قامت إدارة أوباما بتشكيل شبكة متنامية من الدول والشركات التي أعلنت عن اتخاذ تدابير لخفض استثماراتها في إيران. إلا أن مشاركة الصين في قطاع الطاقة في إيران والدور الذي يعتقد أن بعض الشركات الصينية تقوم به في تحديث الصناعة العسكرية الإيرانية، يمكن أن يضر بالعلاقات الأميركية الصينية. وفي اجتماعات عقدت مؤخرا في الكابيتول هيل (مقر الكونغرس)، قال نائب الرئيس السابق لبعثة الصين، شيه فنغ، إنه «إذا كنت تريد في أي وقت أن ترى الكونغرس متحدا، بقطبيه الديمقراطي والجمهوري، فسيكون ذلك حول مسألة تعامل الصين مع إيران»، وذلك حسبما كشف أحد المشاركين في الاجتماعات، والذي طلب عدم الإفصاح عن هويته لقيامه بالكشف عن مناقشات خاصة. وبعد فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات جديدة مشددة على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، أقرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية واستراليا وكندا قوانين إضافية تقييد الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني. وفوض القانون الجديد رئيس الولايات المتحدة معاقبة أي شركة تبيع البنزين إلى إيران أو تستثمر 20 مليون دولار أو أكثر في قطاع الطاقة الإيراني. وقد أعلنت شركة «اينبكس»، عملاقة صناعة الطاقة اليابانية، الأسبوع الماضي وقف أعمالها والانسحاب من إيران. وبذلك أصبحت الصين آخر اقتصاد كبير له استثمارات ضخمة في قطاع الطاقة الإيراني، حيث لم يعد لدى روسيا استثمارات كبيرة هناك. وقد أعلنت موسكو مؤخرا إلغاء صفقة لبيع صواريخ مضادة للطائرات متطورة لإيران وردت ثمنها البالغ 900 مليون دولار إلى طهران. وقال المسؤول الأميركي: «إن الصين هي البلد الوحيد الآن الذي لديه صناعة كبيرة للنفط والغاز وعلى استعداد للتعامل مع إيران. لقد سحبت كل الدول الأخرى استثماراتها من هناك، وأصبحت الصين وحيدة هناك». ويجب على كل الدول، ولا سيما الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن مثل الصين، الالتزام بالعقوبات المفروضة من جانب الأمم المتحدة. حيث إنه في حال عدم التزام دولة ما يمكن أن ينظر إليها الجميع، وهذا هو ما لم يرغب اينهورن في حدوثه. ويمكن للدول الأخرى أيضا منع شركاتها من التعامل مع الشركات غير الملتزمة.

وقد قامت الإدارة الأميركية بهذه الخطوة ما لا يقل عن 62 مرة خلال فترة الرئاسية الأولى للرئيس جورج دبليو بوش، جميعها مع شركات صينية تتعامل مع إيران. وقال مسؤول أميركي، رفض الكشف عن هويته، إن الاستخبارات الأميركية تعتقد أيضا أن العديد من الشركات الصينية تورطت في إمداد برامج إيران العسكرية بالتكنولوجيا والمواد المقيد تصديرها. وقال إنه قد تبين أن مصارف صينية شاركت أيضا في هذه الصفقات وغيرها مع إيران، وأن هذه الصفقات تمت قبل وبعد فرض الأمم المتحدة للعقوبات المشددة على إيران في يونيو (حزيران) الماضي. وقال المسؤول الأميركي إن معظم الصفقات مرتبطة ببرنامج إيران الصاروخي. ومع ذلك، قال مسؤول بارز في إحدى وكالات الاستخبارات الغربية إنه قد تبين أن شركات صينية تبيع إلى إيران أيضا ألياف كربون ذات جودة عالية لمساعدتها على بناء أجهزة طرد مركزي متطورة تستخدم في تخصيب اليورانيوم. وقال المسؤول إنه ليس لديه معلومات لينشرها في هذا التقارير. وامتنع المسؤول عن الكشف عن عدد الشركات المتورطة في هذه الأنشطة أو أسمائها، وأضاف أنه قد تم الكشف عن أسماء بعض هذه الشركات إلى الحكومة الصينية كأمثلة محددة على انتهاك الشركات الصينية للعقوبات مجلس الأمن وقد تم الكشف عن أسماء شركات أخرى كأمثلة على الشركات التي «تثير أنشطتها القلق». وقال مسؤولون آخرون ومحللون إن عدد الشركات التي لا تلتزم بالعقوبات أقل أهمية من نوعية التكنولوجيا التي تحصل عليها إيران. وفي عام 2008، على سبيل المثال، حصلت إيران على 108 مقاييس ضغط والتي تعتبر جزءا بالغ الأهمية في أجهزة الطرد المركزي، من شركة صينية واحدة. وقبل ذلك بعام، قامت شركة صغيرة في مدينة داليان الصينية بإمداد إيران بمجموعة من المواد الحساسة، بما في ذلك الجرافيت ونحاس التنغستن ومسحوق التنغستن وسبائك الألمنيوم عالية القوة وصلب المراجينج عالي الصلابة ولتستخدمها في برنامجها النووي، وتزعم هذه الشركة أنها قد تلقت قيمة هذه المواد من إيران عبر مصارف تعمل في الولايات المتحدة.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»