مصادر كردية: إيران تدرب جماعات إرهابية للقيام بعمليات تخريبية في كردستان

سياسيون لـ«الشرق الأوسط»: الحملة تهدف إلى تقويض التجربة الديمقراطية في كردستان وإجهاض الدور الكردي في بغداد

TT

في الوقت الذي ترشح فيه أوساط سياسية عراقية مختلفة دور الكتلة الكردية ليكون أحد أهم العوامل الأساسية لترجيح كفة الكتل العراقية الساعية إلى تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، يثير هذا الدور الكردي المتعاظم في إخراج العراق من أزمته المستفحلة حاليا غضب الإيرانيين، الذين بدأوا في شن حملة إعلامية منظمة وواسعة للنيل من الرموز القيادية الكردية الهدف منها، حسب قيادات ومصادر كردية هو «إجهاض الدور الكردي في بغداد». في حين نوهت مصادر أخرى بأن لإيران جملة من الأهداف من وراء حملتها هذه ضد القيادات الكردية؛ منها «تقويض التجربة الديمقراطية في إقليم كردستان». ولم تغب التحذيرات الأمنية التي أطلقتها وكالة الاستخبارات المحلية من تجدد العمليات الإرهابية في الإقليم عن أذهان بعض المصادر التي أكدت أن «إيران تدرب حاليا مجموعات إرهابية استعدادا لإرسالهم إلى إقليم كردستان للقيام بنشاطات تخريبية بهدف زعزعة أمن واستقرار الإقليم».

ففي أحدث تطور بهذا المجال، نشرت صحيفة «خبات» المحلية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني مقالا افتتاحيا في صدر صفحتها الأولى أشارت فيه إلى «الحملة التي بدأتها شبكة (خبر) الإيرانية الرسمية التابعة للحكومة ضد رموز قيادية كردية في مقدمتهم الزعيم الراحل ملا مصطفى بارزاني، قائد الحركة التحررية الكردية في كردستان العراق، وأحد أهم الرموز التاريخية للشعب الكردي، متهما إياه بالضلوع في علاقات سابقة مع إسرائيل».

وتستطرد الصحيفة في مقالها بالتساؤل عن «الأهداف التي تقف وراء إثارة هذه المسائل القديمة، وتجديد اتهامات مغرضة ضد القيادة الكردية في الوقت الذي ردت فيه تلك القيادات مرارا على هذه الاتهامات على أكثر من صعيد وفي مناسبات مختلفة» وتخلص الصحيفة إلى القول بأن «إيران التي تعاني من عزلة دولية، ويعاني شعبها في الداخل من أحوال معيشية صعبة ومن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، إذا أرادت أن تضمن صداقة العراق الجديد، يجب أن لا تتغافل عن الشعب الكردي وهو أحد المكونات الأساسية في العراق»، وأن «من بيته من زجاج لا يرمي بيوت الآخرين بالحجارة». وأثارت الحملة الإعلامية الإيرانية ردود فعل عنيفة داخل الأوساط السياسية والإعلامية بكردستان، مما دعا «الشرق الأوسط» إلى الاتصال بكثير من المصادر الكردية لاستبيان أهداف هذه الحملة؛ منهم القيادي الكردي البارز في التحالف الكردستاني محمود عثمان الذي رافق زعيم الثورة الكردية خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، الذي أكد أن «إيران وباعتبارها دولة احتلالية لكردستان إيران تحاول بشتى الطرق والوسائل أن تشوه سمعة القيادة الكردية، خاصة في هذا الظرف الذي يتعاظم فيه الدور السياسي الكردي في بغداد، وأن تجديد اتهامات سبق أن دافعت القيادة الكردية ضدها ناتج عن تخوفهم من تطور إقليم كردستان وتقدم الدور السياسي الكردي في بغداد، فهم من جهة يخافون من انعكاس التقدم الديمقراطي والاقتصادي في كردستان العراق على أكراد إيران المحرومين من حقوقهم الديمقراطية والدستورية كافة؛ ومن جانب آخر يتخوفون من تنامي الدور السياسي الكردي في المركز ببغداد وهو دور يقلقهم للغاية، خاصة بعد أن تحول الدور الكردي إلى عامل مرجح في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة»، مشيرا إلى أن «إيران تبذل جميع جهودها لتقليص الدور الكردي على الساحة السياسية العراقية، وأعتقد أنه، حسب البيان التحذيري الذي أطلقته وكالة الاستخبارات بإقليم كردستان قبل عدة أيام، فإن الجهة التي تقف وراء تلك التهديدات للإقليم هي طهران التي تحضر الآن مجموعة من الإرهابيين لإرسالهم إلى إقليم كردستان والمناطق المتنازع عليها بغية القيام بعمليات تخريبية فيها».

أما الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية الكردية حسن ياسين، من «مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية»، فيرى أن «الكرد هم مكون سياسي مهم في العراق، والعراق يمر اليوم بأزمة كبيرة خاصة بسبب تأخير تشكيل الحكومة المقبلة لأكثر من سبعة أشهر، ولذلك يدور الحديث الآن عن الدور الكردي الحاسم في إنهاء هذه الأزمة، وبالطبع فالكرد قادرون على ذلك، فإذا دعموا أي كتلة من الكتلتين الساعيتين حاليا لتشكيل الحكومة فستترجح كفة تلك الكتلة، وإيران تتخوف من انضمام الكرد إلى معسكر ائتلاف العراقية بزعامة إياد علاوي، الرئيس الأسبق للحكومة العراقية، ضد معسكر ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، ولذلك تحاول من خلال هذه الحملة والمحاولات الأخرى إضعاف الموقع والدور الكردي على الصعيد السياسي في العراق». ويرى القيادي في الجماعة الإسلامية زانا سعيد روستايي أن «تطورات الموقف الإيراني من القيادة الكردية ليس خاليا من أهداف معينة، فهذا التطور وليد مخطط مسبق من الجانب الإيراني على الرغم من حسن العلاقات التي تربط إيران من الناحية الاقتصادية بإقليم كردستان. وفي هذا الظرف، فإن إيران بحاجة كبيرة إلى الإقليم، خاصة أنها تعاني من تداعيات حصار دولي شامل، ولكن إيران مع كل ذلك تحاول من خلال المس بالرموز الكردية، خاصة الزعيم الكبير ملا مصطفى، أن تضغط على القيادة الكردية وأن تمرر بعض المخططات والأهداف التي لا تخدم حسن العلاقة بين إيران والشعب الكردي».

من جهته، أشار القيادي روميو هكاري إلى مساعي إيران لإيذاء إقليم كردستان، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ فترة طويلة تنتهج القيادة الإيرانية سياسة معادية لإقليم كردستان، فقبل فترة كانت تقصف قرى وأراضي كردستان العراق بالمدافع بحجة وجود قوى المعارضة الإيرانية هناك، ولكن كل الدلائل والتحقيقات أثبتت خطأ ذلك، فلم تكن هناك أية قوى معارضة لإيران على الحدود، واليوم تستغل الوضع المتأزم في العراق وتأخر تشكيل حكومته للتدخل، فعلى الرغم من أن سياستها المعلنة بالقبول بأي مرشح يشكل الحكومة المقبلة، فإنها في الخفاء تعمل وتصر على ترجيح كفة الشيعة في تشكيلها، وإيران شأنها شأن معظم القوى الإقليمية تتدخل بشكل سافر في الشأن العراقي وتحاول فرض أجندتها على العراقيين، ولكن ذلك لا يبرر مطلقا النيل من الرموز التاريخية الكردية».