إسرائيل بدأت أعمال التنقيب عن الغاز مهددة بسرقة الحقول اللبنانية

خبير استراتيجي: أعمال التنقيب الإسرائيلية تؤثر على المخزون اللبناني

TT

بدأت إسرائيل أمس أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي بواسطة منصة عائمة كبيرة وصلت إلى موقع «لفياتان - 1» الكائن على بعد 135 كيلومترا إلى الغرب من حيفا. ومن المقرر أن تستمر أعمال التنقيب عن الغاز نحو 5 أشهر بكلفة 150 مليون دولار لا تشمل كلفة تنفيذ اختبارات الجدوى الاقتصادية في هذا المشروع.

وأبلغت شركة «ديلك للتنقيب» البورصة في تل أبيب رسميا بالشروع في أعمال التنقيب عن الغاز الطبيعي موضحة أن التنقيب سيجري على عمق 1634 مترا مما يعتبر أعمق تنقيب من نوعه في عرض البحر بمحاذاة السواحل الإسرائيلية.

وكانت الشركات العاملة في حقل «لفياتان» التي ستقوم بعمليات التنقيب قد كشفت عن احتمال بما نسبته 50% للعثور على مخزون نفطي هائل يقدر بنحو أربعة مليارات ومائتي مليون برميل شمال غربي شواطئ حيفا في الحقول التي يقدر الخبراء والمختصون امتدادها إلى داخل المنطقة الاقتصادية العائدة إلى لبنان في البحر المتوسط. وتعتبر مصادر الشركة أنها قد تكتشف كميات وافرة من النفط تفوق طاقة إسرائيل على استهلاكها مما سيتيح لها تصديرها إلى الخارج.

وكان مجلس النواب اللبناني قد أقر في 17 أغسطس (آب) 2010 قانونا للموارد النفطية يتيح التعامل مع احتياطات محتملة للنفط والغاز في المياه الإقليمية. وينص مشروع القانون على إنشاء «هيئة إدارة قطاع البترول» التي ستتولى الإشراف على الأنشطة البترولية وتفاصيل العروض المرتبطة بها وصندوق سيادي للعائدات النفطية.

وقامت شركة «بي جي إس» (بتروليوم جيو سرفيسز) النرويجية في عام 2009 بالتنسيق مع وزارة الطاقة اللبنانية بمسح ثلاثي الأبعاد للمياه الإقليمية بحثا عن حقول نفطية محتملة وأشارت تقديرات الشركة إلى وجود 220 تريليون قدم مكعب من الغاز في المياه اللبنانية إضافة إلى 308 ملايين برميل نفط.

ويشكّل ملف ترسيم الحدود البحرية العائق الأكبر الذي يقف في وجه بدء أعمال التنقيب علما أن وزير الطاقة اللبناني جبران باسيل كان قد أعلن أن بلاده ستدعو شركات لتقديم عروض تنقيب عن الغاز والنفط في المياه اللبنانية اعتبارا من عام 2012.

وكانت الحكومة اللبنانية وفي مايو (أيار) 2009 أصدرت قرارا بشأن ترسيم الحدود البحرية وهي أرسلت منذ أيام وبالتحديد في 11 الحالي للأمانة العامة للأمم المتحدة خرائط تتعلق بالحدود البحرية الغربية للمنطقة الاقتصادية اللبنانية الخالصة، مرفقة بلائحتي إحداثيات Coordinates، إحداهما للنقاط المحددة للحدود البحرية الجنوبية (بين إسرائيل ولبنان) والثانية للجزء الجنوبي من الحدود البحرية الغربية للمنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان (بين قبرص ولبنان).

علما أن لبنان وفي عام 1983، أودع الأمم المتحدة المرسوم رقم 138 تاريخ 7 سبتمبر (أيلول) 1983، معلنا بموجبه أن عرض المياه الإقليمية اللبنانية هو 12 ميلا بحريا ابتداء من خط الشواطئ (المادة 1). لكن لم تقم أي من الحكومات اللبنانية المتعاقبة بتحديد خط الشواطئ هذا وبترسيم الحدود البحرية تاليا.

ويعود الخلاف الأساسي إلى رفض إسرائيل الاعتراف بحقوق لبنان النفطية في حقل «لفياتان». وكان وزير البنية التحتية الإسرائيلي عوزي لانداو قد هدد باستخدام القوة للسيطرة على حقول الغاز الطبيعي التي عثر عليها في البحر المتوسط، وقال: «لن نتردد في استخدام القوة ليس لحماية حكم القانون فحسب بل لصون القانون الدولي البحري أيضا».

وتنظّم معاهدة منتيغو باي Montego Bayالتي اعتمدت في عام 1982 بعد عشرات السنوات من النقاش الجغرافي والقانوني والسياسي كل المواد القانونية المتعلقة بالحدود البحرية وبملكية الثروات البحرية. وهي معاهدة وضعت حيز التنفيذ في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1994 وصادق لبنان عليها في 5 يناير (كانون الثاني) 1995.

وكانت قوات «اليونيفيل» قد أعلنت أن لا صلاحية لها بترسيم الحدود بين لبنان وسورية لأن ليس لها ولاية (mandate)، تخولها القيام بهذا الترسيم.

واستهجن الخبير الاستراتيجي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، العميد الركن هشام جابر «التخاذل اللبناني» في التعاطي مع الملف معتبرا أن «القوى السياسية تهرب من المشكلة من خلال تأجيلها وذلك بسب الخلاف على تقسيم الحصص». وأضاف: «مراكز القوى لم تتفق حتى الساعة على حصصها بالثروة النفطية وهي تعتمد الحكمة القائلة: أفضل الحلول للمشكلات يكمن في تأجيلها». وشدّد جابر لـ«الشرق الأوسط» على أنّه بات من السهل جدا تحديد المياه الإقليمية اللبنانية من خلال الأقمار الصناعية ووفق القوانين البحرية لافتا إلى أن «حق لبنان ثابت لكن على اللبنانيين المحافظة على هذا الحق قبل أن ينتزع منهم ويهرعون لاسترجاعه». وإذ أكّد جابر أن «أعمال التنقيب الإسرائيلية التي تتم حاليا تؤثر على المخزون اللبناني»، لفت إلى أن «قبرص وإسرائيل كانتا قد وقعتا اتفاقيات لتقاسم الثروة النفطية في المياه الدولية علما أن للبنان حصة فيها ولكنّه وكالعادة في موقع (المتفرج)». وقال: «الثروة ستنهب منّا عاجلا أو آجلا إذا بقينا على تخاذلنا. نحن مطالبون اليوم بالتحرك سريعا لإنشاء هيئة إدارة قطاع البترول، ترسيم الحدود، واستدعاء شركات التنقيب العالمية للبدء بالأعمال» مستغربا تحديد وزير الطاقة لعام 2012 للبدء في تقبل عروض التنقيب مضيفا: «في 2012 لن يكون هناك نفط أو غاز للتنقيب عنهما».