الرئيس فولف يحمل إلى أنقرة تصوراته لاندماج الجالية التركية في المجتمع الألماني

الحكومة الألمانية تعلن قوانين متشددة جديدة ضد «رافضي الاندماج»

TT

قبل ساعات من بدء زيارة الرئيس الألماني كريستيان فولف إلى تركيا، وفي موقف قد يفسر على أساس الخلافات الظاهرة بين موقف رئيس الجمهورية وموقف المستشار أنجيلا ميركل من عملية دمج المسلمين عموما، والأتراك خصوصا، أعلنت الحكومة الألمانية المزيد من الإجراءات والقوانين بحق الأجانب الرافضين لعملية الاندماج، إذ أعلن شتيفن زايبرت، المتحدث باسم وزارة الداخلية الاتحادية، أمس عن قوانين جديدة ستتخذها الحكومة الألمانية بحق رافضي الدخول في دورات اللغة الألمانية ودورات «الاندماج»، وعن تغييرات قد تثبت في قانون العقوبات الألماني تتيح فرض العقوبات الجزائية بحق من تثبت بحقهم تهمة «تزويج البنات» قسرا في ألمانيا.

وقال زايبرت إن من الإجراءات الجديدة، التي تجري مناقشتها حاليا، إجراء يتيح للسلطات المحلية تبليغ دائرة شؤون الأجانب الاتحادية عن كل من يرفض دخول دورات الاندماج، وهي إشارة واضحة عن ربط عملية الاندماج بنوع الإقامة التي تمنح للأجنبي. فضلا عن ذلك ستفرض على الرافضين عقوبات مالية تتعلق بالمساعدات الاجتماعية التي يتلقاها الأجنبي. كما سيجري تثبيت عقوبات مناسبة لمن يرغم ابنته على الزواج بمن لا تريد في قانون العقوبات الألماني. من ناحية أخرى سيجري التساهل في موضوع الحد الأدنى للدخل الذي يؤهل الأجنبي لنيل الإقامة في ألمانيا، ومن المحتمل أن يخفض هذا الحد من 80 ألف يورو سنويا إلى 60 ألفا.

وزادت المستشارة أنجيلا ميركل ( الحزب الديمقراطي المسيحي) الطين بلة في طريق الرئيس الألماني حينما وصفت «المجتمع المتعدد الثقافات»، الذي تدعو له قوى اليسار، بـ«الفشل مطلق». وأيدها في ذلك هورست زيهوفر، زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي، وهو الحزب البافاري الشقيق للحزب الديمقراطي المسيحي، حينما قال إن المجتمع المتعدد الثقافات قد «مات».

ويأتي الكشف عن هذه الإجراءات في وقت سيخصص فيه الرئيس الألماني فولف زيارته الأولى لأنقرة لموضوع الاندماج. وسبق لدائرة الرئيس أن كشفت مسبقا عن الكلمة التي يلقيها فولف أمام البرلمان التركي اليوم. وستتمحور في غالبيتها حول الإسلام وعملية دمج الرعايا الأتراك في المجتمع الألماني وما يتطلبه ذلك منهم على صعيد تعلم اللغة الألمانية والتأهيل والتعليم كخطوات ضرورية على طريق المساواة مع المواطنين الألمان ولتسهيل فرص العمل أمام المواطنين الأتراك. وسيزور فولف كنيسة «القديس باول» في طرسوس (جنوب تركيا) في إشارة واضحة لتركيا لتسهيل بناء الكنائس على أرضها أسوة بالمدن الألمانية التي تسمح ببناء المساجد الكبيرة على أراضيها.

والتقى فولف مساء أمس مع رئيس الوزراء التركي طيب أردوغان ونظيره التركي عبد الله غل في بداية زيارة رسمية تستمر 5 أيام. وفضلا عن مواضيع العلاقات الثنائية ورغبة تركيا في الحصول على العضوية الكاملة في منظومة دول الاتحاد الأوروبي وحرية الأديان، تم أيضا تدارس أوضاع الجالية التركية في ألمانيا، التي يقدر عددها بأكثر من مليوني شخص يقيمون فيها منذ ستينات القرن الماضي.

وكان فولف قد أكد في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خلال كلمة ألقاها في مدينة بريمن (شمال)، بمناسبة الذكرى العشرين للوحدة الألمانية، على أن الإسلام «جزء من ألمانيا» كما هي الحال بالنسبة إلى الدين المسيحي والدين اليهودي، وهو ما أثار جدلا واسعا بين الزعماء الألمان، بين مؤيد ورافض، وأطلق موجة ثانية من النقاش حول الاندماج وضروراته ومتطلباته. وكان تيلو زارسين، عضو المجلس الإداري في البوندس بانك، وعضو الحزب الديمقراطي الاشتراكي، قد أطلق الموجة الأولى من النقاشات حينما نشر كتابه «ألمانيا تحط من قدرها» متهما الأجانب واليهود بالحط من سمعة الألمان. من ناحيته حث غول في مقابلة، نشرتها صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» قبل أسبوع، أتراك ألمانيا على الاندماج بصورة أفضل في المجتمع الذي يعيشون فيه والتحول إلى جزء فاعل منه، وتعلم لغته والحديث بها بطلاقة بلكنة أهلها الأصليين. ودعا إلى بدء الاندماج من رياض الأطفال، واعتبر أن الصعوبات التي واجهت عملية الاندماج انعكس سلبا على الطرفين. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نأت بنفسها عن تصريحات الرئيس فولف حول انتماء الإسلام للمجتمع الألماني. وذكرت بأنها تؤيد بناء علاقات متميزة مع تركيا إلا أنها غير متشجعة لدخول تركيا كعضو كامل في الاتحاد الأوروبي. وطالبت ميركل أنقرة بتنفيذ المزيد من الإصلاحات في مختلف المجالات ولا سيما في ميادين حقوق الإنسان والأقليات وتسوية الخلافات مع قبرص.

وفي مقابلة لراديو «دويتشلاند فونك» الألماني قال البروفيسور دوجان تيلتيش، أستاذ علم الاجتماع في جامعة أنقرة، والمحرر في صحيفة «بير جون» التركية، إنه لا يتوقع الكثير من زيارة الرئيس الألماني لتركيا. وقال إن الصحافة التركية لم تهتم بالزيارة، ولم تغط الجدل الدائر في ألمانيا حول دمج الأتراك بشكل واف. واعتبر تيليتش مهام الرئيس الألمانية بروتوكولية لا يمكن أن تحقق انفراجا على صعيد مطامح تركيا في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي. جدير بالذكر أن استطلاعا حديثا للرأي أجري في ألمانيا أظهر أن الشعب الألماني منقسم على نفسه في تقييمه لتصريحات الرئيس الألماني حول الإسلام. وظهر من الاستطلاع الذي قام به معهد استطلاعات الرأي «أنفراتيست»، لحساب القناة الأولى الألمانية (إيه آر دي)، أن 49% من الشعب يوافق على ما قاله الرئيس الألماني كريستيان فولف عن الإسلام.