الإدارة الأميركية تخشى أن تبدو الحكومة العراقية المقبلة كـ«صنيعة» إيرانية

وزارة الخارجية الأميركية: قلقنا من طهران وتدخلها في شؤون العراق يعود لزمن طويل

TT

حرصت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على عدم الظهور بأنها تتدخل أو تحاول التأثير مباشرة على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة منذ أشهر، بناء على إيمان أقطاب الإدارة الأميركية بأن مصداقية الحكومة المقبلة وقبول الشارع العراقي بها أمر أساسي لاستقرار البلاد على المدى البعيد.

إلا أن المسؤولين الأميركيين يراقبون منذ أسابيع تحركات الساسة العراقيين في المنطقة، خاصة الاتصالات مع إيران، بحذر، وتشدد الإدارة في اتصالاتها بالساسة العراقيين على أهمية أن تتمتع الحكومة العراقية بمصداقية وألا تظهر على أنها صنيعة الخارج. وفي حين يؤكد مسؤولون أميركيون أنه من الأفضل عدم الكشف عن مشاورات وراء الكواليس حول تشكيل الحكومة العراقية، لا تجد إيران مشكلة في إبداء نفوذها في العملية السياسية العراقية.

وبعد زيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى طهران أول من أمس وإبداء إيران تأييدها للمالكي كأحد المرشحين لتشكيل الحكومة المقبلة، يزداد القلق الأميركي من التدخل الإيراني. وعلى الرغم من امتناع الإدارة الأميركية عن التعليق مباشرة على تقارير تفيد بأن طهران تقف وراء التقارب بين المالكي ومقتدى الصدر لتشكيل الحكومة الجديدة، فإن الناطق باسم الخارجية الأميركية بي جي كراولي قال: «يجب أن تكون هذه عملية عراقية». ولم يقلل كراولي من القلق الأميركي إزاء التدخل الإيراني، وهو موقف أميركي معروف منذ سنوات، موضحا: «قلقنا من إيران وتدخلها في شؤون العراق يعود لزمن طويل، ولكن مع ذلك نحن نتوقع من الحكومة العراقية أن تعمل لصالح مواطنيها وليس لصالح دولة أخرى».

لكن كراولي حذر من «المبالغة» في تفسير زيارة المالكي إلى إيران، مضيفا: «نحن نفهم أن إيران والعراق جيران ويجب أن تكون لديهما علاقة ولكن نحن نعتقد كليا بأنه في إمكان إيران أن تكون جارة أفضل من خلال احترام السيادة العراقية وإنهاء دعمها لمن يستخدم العنف في العراق».

وردا على سؤال حول التدخل الإيراني في تشكيل الحكومة العراقية، قال كراولي: «نحن قلقون من أي دولة مجاورة تتدخل في شؤون العراق، ففي النهاية، يجب أن يكون هذا قرارا عراقيا كجزء من العملية السياسية. ولدينا كل الإشارات بأن القادة العراقيين يعملون لمحاولة تشكيل الحكومة».

وتحرص واشنطن على تقوية علاقات العراق بباقي دول المنطقة من أجل التقليل من النفوذ الإيراني المتنامي في البلاد. وأكد كراولي أن المسؤولين الأميركيين «شجعوا السعودية على زيادة حوارها مع العراق، ولكن بالطبع الأمر يعود لهم». وجاء كلام كراولي في مؤتمر صحافي أول من أمس ردا على سؤال حول زيارة المالكي إلى إيران وسورية وتركيا هذا الأسبوع، من دون زيارة السعودية، وقال: «نريد أن نرى العراق مندمجا في المنطقة، ولكن لا يعود لنا أن نقول لدولة معينة كيف يجب أن تكون علاقتها مع حكومة ما».

ولا تعارض واشنطن اختيار المالكي رئيسا للوزراء في العراق تحديدا، إلا أن ما يقلقها هو أن تعتبر الحكومة العراقية الجديدة صنيعة إيرانية. وعندما تم الإعلان عن اختيار التحالف الوطني العراقي المالكي مرشحا لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة، قال ناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نرحب بتحركات قادة عراقيين تساهم في تشكيل حكومة جديدة». وأضاف: «نحن نشارك الشعب العراقي هدفه في (تشكيل) حكومة شاملة وشرعية تستجيب لاحتياجات الشعب العراقي بناء على مبادئ دستورية، تشكل في أسرع وقت ممكن».

ويبقى الاهتمام الأميركي الأكبر في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة هو ضمان مشاركة كل الأطياف العراقية فيها والكتل الرئيسية. وأكد كراولي: «نحن نريد ضمان إشراك الكتل الأربع الفائزة في الحكومة الجديدة»، في وقت لم تعلن فيه واشنطن تأييدها لمرشح محدد يترأس تلك الحكومة.