وزير الخارجية العراقي: رئاسة الحكومة لم تحسم بعد.. وجولة المالكي الإقليمية تطمينية

زيباري في حديث لـ«الشرق الأوسط»: كل الشعب العراقي يكن التقدير والاحترام لخادم الحرمين الشريفين

هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي (تصوير: حاتم عويضة)
TT

كشف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي يرافق رئيس الوزراء نورى المالكي في جولته الإقليمية تفاصيل ما يدور من تحالفات حول تشكيل الحكومة ونتائج جولة المالكي الحالية، وأكد أن رئاسة المالكي للحكومة لم تحسم بعد وإن كان لديه حظ أوفر من غيره نظرا لتماسك كتلته.

وقال زيباري إن الأسبوعيين المقبلين سوف يحدث خلالهما كثير من التطورات، كما تحدث عن دور التحالف الكردستاني الذي ينتمي إليه وشروطه للتحالف مع القائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي أو ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.

وأشار زيباري إلى دور لإيران في توحيد صف الشيعة إلى جوار المالكي، كما أشار إلى زيارة مرتقبة للمالكي إلى كل من تركيا والكويت، وأكد تمسك العراق باستضافة القمة العربية المقرر انعقادها في مارس (آذار) عام 2011 برئاسة بلاده. والتقت «الشرق الأوسط» بوزير الخارجية العراقي وأجرت معه هذه الحوار:

* كيف ترون انتقادات القائمة العراقية لزيارة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي لإيران، خاصة ذكرها أنه باع العراق لدول الجوار من أجل ولاية جديدة؟

- هدف جولة المالكي الإقليمية هو توضيح الوضع السياسي ومستجداته ومواقف الكتل السياسية بما في ذلك الكتلة التي ينتمي لها، خاصة أن كل القيادات الأخرى تقوم بجولات مكوكية إلى عواصم مختلفة. وعليه، من حق المالكي أن يوضح موقفه للقادة العرب والعواصم العربية والإقليمية. والهدف إذن هو تطمين هذه الدول لدور الحكومة العراقية إذا ما قام هو بتشكيها لأن الأمور غير محسومة حتى هذه اللحظة وما زالت المباحثات والمفاوضات أكثر جدية، بمعنى أن جميع الكتل وصلت إلى مرحلة القرار، ونرى أن كل دول الإقليم أو معظمها تلتقي مع جميع القيادات العراقية وعندها رؤية، وقسم منها لديه أجندات معينة.. إلخ. لكن نحن نقول دائما إن قرار تشكيل الحكومة يجب أن يكون عراقيا، وأن يتم ذلك داخل العراق وليس في عواصم الإقليم. وثانيا الحكومة يجب أن تعكس طموحات الشعب العراقي واحترام إرادة الناخب وأن تكون حكومة ممثلة، خاصة أن نتائج الانتخابات أثبتت محدودية جميع الكتل وحتى محدودية التأثيرات الإقليمية والخارجية.

* ماذا تقصد بمرحلة القرار؟ وهل هناك سقف زمني تم تحديده لإعلان الحكومة مع نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) كما تردد؟

- لن أحدد سقفا زمنيا، وإنما في تقديري يمكنني القول إنه خلال الأسبوعين المقبلين باعتباري عضوا مفاوضا مع الكتل. الجميع قد توصل إلى قناعة بأن الوقت هو وقت القرار والحسم، وأن التحالفات وتوازنات القوى أصبحت واضحة للجميع بعد سبعة أشهر من المفاوضات.

* ما الواضح حتى الآن بالنسبة لتشكيل الحكومة؟

- أن المالكي لديه موقف قوى لتشكيل الحكومة، لكن الأمور ما زالت غير محسومة.

* هل عدم الحسم سببه انتظار قبول القائمة العراقية بالتوافق حول الرئاسات الثلاث؟ أم ماذا؟

- عدم الحسم في انتظار ضرورة تشكيل حكومة شراكة ووحدة وطنية ممثل فيها جميع المكونات الأساسية حتى تشمل الجميع، لأنه من الصعب تجاوز الآخرين، وحاليا بسبب الاصطفاف الذي حدث على الساحة أصبح ائتلاف الكتل الكردستانية في موقع الطرف الحاسم والفيصل، وسيكون ذلك خلال الأسبوعين المقبلين، وسوف يتخذ القرار بدعم الجميع وبتوافق مريح يشمل كل الكتل.

* ما المعروض على ائتلاف الكتل الكردستانية من قائمة دولة القانون لحسم الاتفاق؟

- تقصدين ما عرضناه نحن عليهم؟

* ما عرضكم على المالكي وكذلك إياد علاوي؟

- المباحثات كانت جارية حتى (الاثنين) الماضي وكنا في اجتماع مع القائمة العراقية لمعرفة استجابتها لأفكار ومبادئ الورقة الكردية، التي تتضمن 19 نقطة تقريبا، ومعظمها لا يعد مطالب كردية، وإنما هي مطالب عراقية أي تدور حول التأكيد على الالتزام بالدستور، وبالعراق الديمقراطي والاتحادي، وتؤكد على ضرورة الشراكة الوطنية، واحترام مبدأ التوافق الوطني، وأن يكون لمجلس الوزراء نظام داخلي، وأن تجرى مراجعة لقانون الانتخابات، وإجراء الإحصاء السكاني، وتنفيذ البنود الدستورية التي تشمل قانون النفط والمناطق المتنازع عليها والقضايا الأخرى.. وبالتالي، فإن الورقة الكردية ليست ورقة تهتم بالمصالح الخاصة والذاتية للأحزاب والكتل الكردية؛ وإنما هي ورقة عراقية أساسا، ونحن ربما الطرف الوحيد الذي تفاوض مع الآخرين وفق منهجية وأوراق رسمية ونعرف ماذا نريد.

* ما درجة الاستجابة مع مطالبكم هذه ووجودكم داخل الحكومة الجديدة؟

- هذه الورقة ستكون الأساس في أن نعطي دعمنا وثقتنا بهذا الطرف أو ذاك، وأقصد أن تحالفا مع «العراقية» أو «دولة القانون» سوف يرتبط بمدى استجابة الطرفين للمبادئ التي وضعتها القائمة الكردستانية وهى ليست شروطا وإنما هي أسس ومبادئ تلبي حاجة العراق وتدعم الاستقرار.

* أيتهما استجابت لمبادئكم التي تحدثت عنها: القائمة العراقية أم «دولة القانون»؟

- استجابة «دولة القانون» أكبر، وحتى الاثنين الماضي كان لنا لقاء مع القائمة العراقية وكان موقفها متقدما أكثر من مواقفها السابقة ولاحظنا وجود استعداد، لكن الذي طلبناه من الكتل الأساسية أن يعطونا ردهم مكتوبا وليس شفاهيا، وأن تكون هذه المبادئ جزءا أساسيا من برنامج الحكومة المقبل، وفى تقديري سوف تحسم هذه المسائل خلال الأسبوعيين المقبلين.

* يتردد أن تنازلات قد تحدث بين الكتل الرئيسية حول الرئاسات الثلاث، بمعنى أن علاوي قد يحصل على رئاسة الجمهورية؟

* لم نصل بعد إلى هذه التفاصيل، ونعلم بكل ما يتردد، وحاليا يتم الاتفاق على الأطر وهو الأهم، ونقصد مهام الحكومة الجديدة وما ستقوم به وبرنامج عملها والتزاماتها الدستورية والقانونية، ونحن ما زلنا في هذه المرحلة، وعندما تأتي المرحلة الأخرى، وهى مرحلة الرئاسات الثلاث - رئاسة الوزراء وهى أهم منصب في دستورنا، ورئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان - فإن هذه المناصب لا بد من أن تكون ضمن صفقة ولا يمكن تجزئتها، وأقصد أنه وفق الدستور العراقي فإن أول خطوة بعد اجتماع البرلمان أن ينتخب البرلمان رئيسه لمجلس النواب والرئيس يكلف رئيس القائمة البرلمانية الأكثر عددا بتشكيل الحكومة وقبل ذلك البرلمان مكلف بانتخاب رئيس الجمهورية وفى أول دورة رئيس الجمهورية يجب أن يحظى بإجماع بنسبة الثلثين وهى نسبة عالية جدا، ولكن إذا لم ينجح في الدورة الأولى يمكن أن يتفق عليه في دورة ثانية للبرلمان بالأغلبية البسيطة وبعدها يكلف رئيس الجمهورية رئيس القائمة البرلمانية الأكثر عددا بتشكيل الحكومة.

* لكن هذه الدورة التي تحدثت عنها في ما يتعلق بالرئاسات الثلاث سوف تأخذ وقتا يتجاوز السقف الزمني المفترض لتشكيل الحكومة؟

- يمكن تسريع الخطوات، أي دعوة البرلمان للانعقاد في حالة حدوث توافق بين عدد من الكتل يمكن تشكيل الحكومة، والكل يعلم بأن مشاركة الجميع ضرورية، أي لا يمكن تهميش أو إبعاد أي طرف، والقائمة العراقية التي تشكل جمهورا كبيرا جدا لا يمكن المضي من دونها ولا بد من مشاركتها بطريقة أو بأخرى، وبسبب الائتلافات التي حصلت حاليا، فإن القائمة الكردية أو ائتلاف الكتل الكردستانية أصبحا في موقع مهم جدا في حسم أي مرشح سوف يشكل الحكومة، وهذا هو آخر ما يدور حول تشكيل الحكومة العراقية.

* إذا كان الأمر لم يحسم مع المالكي بعد، فعلى أي أساس تمت المباركة الإيرانية ومن قبلها الأميركية لتشكيل الحكومة؟ وما مدى تأثير ذلك على القرار العراقي؟

- لم يحدث اتفاق بين أميركا وإيران، أو أن لديهما نية المؤامرة، فهذا غير مطروح، وما يهم أميركا هو أن تتشكل الحكومة في أسرع وقت ممكن، لأن هناك التزامات ولديها خطة انسحاب لبقية قواتها في نهاية عام 2011، وأيضا لديها مخاوف من غياب الحكومة وحدوث فراغ سياسي أو امني قد يساعد على عودة الإرهاب والعنف مجددا، وهذه سوف تضاعف من مشكلاتها الموجودة في أفغانستان والعراق.. إلخ، ولديهم كذلك انتخابات نصفية في شهر نوفمبر (تشرين الأول). ولذلك، فإن الإدارة الأميركية حريصة على أن تتشكل الحكومة في أسرع وقت ممكن.

* لكن واشنطن تدعم المالكي لأن لديه معظم الملفات الخاصة بإنهاء الوجود الأميركي عسكريا ولا يرغبون في حدوث مشكلات أثناء الانسحاب المبرمج لقواتهم، ما مدى صحة ذلك؟ - هو أيضا ساهم في ذلك، ولكن واشنطن تعتبر أن المالكي لديه كتلة انتخابية متماسكة وحصل على أكبر عدد من الأصوات، ولكنهم يؤكدون باستمرار على أهمية توزيع الصلاحيات، وأن لا تتركز في كتلة بعينها، أما بالنسبة للجانب الإيراني فهو يرى أن المالكي لديه كتلة متماسكة وكبيرة، وقد لعبوا دورا في توحيد الصف الشيعي ونجحوا مع الصدريين، أي التيار الصدري، ولكن فشلوا مع الآخرين مثل المجلس الأعلى الإسلامي و«الفضيلة». والتحالف الجديد الذي حصل بين «دولة القانون» والصدريين حرك العملية، ونحن نرى أن وجود الصدريين داخل العملية السياسية أفضل من أن يكونوا خارجها، وهذه قناعتنا، وكانت تصريحات إيران واضحة وصريحة في هذا الخصوص. وفي المقابل، ولد ذلك هواجس من التدخل الإيراني والسيطرة، ولكن نحن نؤكد حقيقة أن الحكومة الجديدة يجب أن تتشكل داخل العراق من دون إملاءات وتأثيرات من أي دولة من دول الجوار.

* هل هناك صفقة مع إيران أو واشنطن لاختيار المالكي؟

- لا توجد أي صفقات، وقد ذكرت المنطلقات الأميركية والإيرانية لدعم المالكي لا أكثر ولا أقل، والجميع يطمح في علاقات جيدة مع الحكام الجدد في العراق سواء في أميركا أو أوروبا وإيران وتركيا، الكل يهمه العراق، والقيادات السياسية العراقية تحاول أيضا أن تعزز من مواقعها من خلال هذه الاتصالات وأنه ليس صحيحا أن الحكومة العراقية معزولة.

* هل من عواصم ومحطات أخرى سيقوم المالكي بزيارتها بعد مصر؟

- أتصور أن هناك زيارة مرتقبة للمالكي إلى تركيا وربما الكويت.

* هل زيارتكم للكويت سوف تتطرق للبحث في قضايا عالقة؟

- سوف نبحث في دعم وتعزيز العلاقات الثنائية والقضايا المهمة بين البلدين، مثل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية المفروضة على العراق تحت بند الفصل السابع بما فيها القرارات المتعلقة بالحالة بين العراق والكويت، وهناك التزامات على العراق وعليه أن ينفذها.

* وماذا عن زيارتكم لمصر بعد إيران؟

- زيارة مصر مهمة لأنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي ليس لديها أجندة خاصة في العراق، وأثبتت وأكدت على طول الخط خلال أزمة تشكيل الحكومة أنها تنظر إلى جميع القوى العراقية بنظرة احترام وتقف على مسافة واحدة متساوية من دون الانحياز لأحد. وبالتالي، الزيارة تحمل كثيرا من القضايا التي يتفق عليها مع مصر، مثل التطورات داخل العراق، وتشكيل الحكومة، والعلاقة الثنائية، وحل قضايا كانت عالقة مثل حقوق العمالة المصرية في العراق، وديون كانت لشركات حكومية وشركات خاصة، ولكن مسألة الحوالات الصفراء قمنا ببحثها قبل زيارة مصر في اجتماع مجلس الوزراء، وقد طرحت هذا الموضوع وأكدت على أهمية إنجاز بعض المسائل بحيث لا تقتصر على الزيارات والتشريفات والمجاملات لأن هذه الأمور لا تبني العلاقات، ولذلك اتخذ قرار على ميزانية 2011 بأنه لا بد من أن تتم تسوية هذه الديون التي تخص العمالة المصرية في العراق.

* هل تم تحديد هذه المديونية؟

- لقد طلبنا اليوم من المسؤولين بمجلس الوزراء في مصر حصر هذه المديونية وإبلاغنا بحجمها.

* بماذا تفسرون فتح قنصلية لمصر في البصرة وأربيل؟ هل يساعد هذا على تطوير العلاقات مع العراق بشكل أفضل؟

- هي خطوة مهمة وجبارة لأن العراق لديه فرص للاستثمار والتعاون، وقد تم تخصيص أرض للقنصلية المصرية في أربيل ويسير العمل فيها على قدم وساق، وفى البصرة كذلك، والعلاقة مع مصر تتطور باستمرار، ولدينا لجنة عليا وزارية لا بد من أن تجتمع في بغداد، ولكن بسبب تأخير تشكيل الحكومة لم تجتمع إلى اليوم، وكنت أفكر في عقدها في القاهرة حاليا، لكن الموقف هو انتظار تشكيل الحكومة الجديدة.

* ماذا عن زيارة الجامعة العربية ولقاء رئيس الوزراء نورى المالكي مع عمرو موسى؟

- بحثنا مسألة انعقاد القمة العربية، إضافة لكل تطورات القضايا السالفة الذكر التي تتعلق بتشكيل الحكومة، وسوف يتمسك العراق بحقه في استضافة القمة المقبلة وقد زار الجامعة العربية مؤخرا وفد عراقي امني وآخر بروتوكولي، والعمل جار على قدم وساق في بغداد لاستكمال المنشآت والبنية التحتية والقصور والفنادق ودور الضيافة، والشركات تعمل على مدار الساعة لإنجاز هذا العمل استعدادا لاستضافة العراق القمة العربية في مارس (آذار) 2011.

* لكن هناك عواصم عربية تشكك في قدرة العراق على استضافة القمة نظرا للوضع الأمني؟

- حتى هذه اللحظة لم نتسلم من أي عاصمة عربية ما يفيد بوجود شكوك، وحتى عندما كنا في قمة سرت والتقينا مع الزعماء العرب والقادة، لم نسمع منهم التشكيك في هذا الموضوع، والكل أبدى قلقه فقط من تأخر تشكيل الحكومة، وأن المجال سيكون أفضل لإتمام ترتيبات انعقاد القمة في بغداد، ونحن نرى أنه كلما تأخر تشكيل الحكومة، فإن هذا يؤثر سلبا على مواقف الدول العربية.

* هل عرضت دول استضافة قمة العراق لديها؟

- مجرد كلام، وننتظر لنرى الموقف مع استعداد العراق الكامل للعمل على استضافة القمة وإنجاحها.

* ماذا عن العلاقة مع السعودية؟

- مواقف ودعم السعودية للعراق كبير، وهو دور وموقف مقدر ونثمنه، والعلاقة دائما جيدة، ولدينا اتصالات، وكل الشعب العراقي يكن كل التقدير والاحترام لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ودائما ألتقي مع صديقي وزميلي وأخي الكبير الأمير سعود الفيصل خلال اجتماعات الجامعة وفى المؤتمرات العالمية، وهناك اتصال مستمر بيننا، والجميع يترقب تشكيل الحكومة، وطبيعة تشكيلها، وتمثيلها، وهذا سيكون المحك في تقديري في التعامل مع الحكومة الجديدة.