شعث: لا توجد لغة مشتركة بين أبو مازن ونتنياهو.. ولا شروط جديدة للعودة إلى المفاوضات

فتح رفضت «الصيغ التجميلية» لشرعنة الاستيطان.. «العمل» الإسرائيلي يهدد بمغادرة الحكومة إذا لم يتم تحقيق تقدم حتى يناير

طالبات في مدرسة بقرية السويا قرب نابلس بالضفة الغربية يعبرن عن احتجاجهن بعد قيام المستوطنين بحرق فصول المدرسة أمس (أ.ف.ب)
TT

نفت السلطة الفلسطينية الأنباء التي نشرت في إسرائيل، أمس، ومفادها أنها - أي السلطة - وضعت شروطا جديدة من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل، بينها أن تقاطع الولايات المتحدة البضائع المصنوعة في المستوطنات الإسرائيلية. وأكدت أن شرطها الوحيد، هو وقف كامل وشامل للاستيطان الإسرائيلي.

وجاء ذلك ردا على ما أوردته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس، وادعت فيه أن الرئيس الفلسطيني قدم مؤخرا للإدارة الأميركية قائمة مطالب إضافية كشرط لموافقته على العودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، هي، بالإضافة إلى فرض مقاطعة أميركية على المنتجات المصنعة في المستوطنات: إعادة نشاط منظمة التحرير الفلسطينية العلني في القدس الشرقية وإعادة فتح مقرها هناك المعروف باسم «بيت الشرق»، والاعتراف بأن حدود 1967 هي الأساس لحدود الدولة الفلسطينية، وتوسيع نطاق السلطة الفلسطينية لتشمل جميع المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية، وتسليم المعابر بين إسرائيل ومصر من جهة وقطاع غزة من جهة ثانية إلى قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، وتجميد تام لكل البناء الاستيطاني.

وتحت عنوان، «مقاطعة أولا»، تحدث محرر الشؤون العسكرية للصحيفة، أليكس فيشمان، عن هذه المطالب بالقول إنها تعجيزية ومن شأنها أن تحدث خلافات بين واشنطن والسلطة الفلسطينية. وشكك فيشمان ومراجع سياسية إسرائيلية فيما إذا كانت الإدارة الأميركية ستستجيب للمطالب الفلسطينية كافة، لكن هذه المراجع، حذرت أيضا من أن دوائر البيت الأبيض محبطة المشاعر وساخطة من عدم استجابة إسرائيل لطلب تمديد تجميد البناء، وعليه فلا يستبعد أن يقرر الجانب الأميركي تلبية بعض المطالب التي طرحها أبو مازن بهدف منحه الدعم.

وفي هذا الصدد، يقول فيشمان، «إن الصيغة المتبلورة في البيت الأبيض تقضي بأن مدى الاستعداد الإسرائيلي لتمديد فترة تجميد البناء الاستيطاني، سوف يحدد مدى المزايا التي سيتلقاها الفلسطينيون من الولايات المتحدة، على أن تكون المعادلة كالآتي: مزيد من التجميد يساوي أقل مدى من المزايا، والعكس هو الصحيح أيضا».

وقد نفى عضو الوفد الفلسطيني المفاوض، نبيل شعث، ما جاء في الصحيفة الإسرائيلية، مؤكدا أن الشرط الوحيد هو وقف الاستيطان، أما جميع المواضيع الأخرى، فسيجري مناقشتها من خلال المفاوضات، وليست شروطا مسبقة. وتواصل الولايات المتحدة مزيدا من الجهود في محاولة للوصول إلى اتفاق مع إسرائيل بتمديد تجميد الاستيطان، من أجل إعادة الفلسطينيين إلى المفاوضات، بينما تدرس السلطة البدائل الممكن اتخاذها عن المفاوضات. وتلقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالا هاتفيا، مساء أول من أمس، من المبعوث الأميركي للسلام في «الشرق الأوسط» جورج ميتشل، حيث تناول الحديث بينهما آخر مستجدات العملية السلمية المتوقفة. وقال شعث خلال تدشينه مكتبتين في القدس أمس، إنه لا جديد على صعيد الاتصالات، وإنه لا توجد أي «طبخة سياسية» يشارك فيها الفلسطينيون. وأردف: «أصلا، لا توجد لغة مشتركة بين الرئيس عباس ونتنياهو».

وتحدثت مصادر سياسية فلسطينية، أمس، عن «توتر غير مسبوق» بين الطرفين في السنة الأخيرة، وذكرت أن رئيس الوفد الإسرائيلي المفاوض، يتسحاق مولخو، رفض قبل أسابيع مد يده لتسلم وثيقة من رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، د. صائب عريقات، على مرأى من المبعوث الرئاسي الأميركي، ميتشل، وعدد من المسؤولين الأميركيين، تحمل الموقف الفلسطيني النهائي من القضايا محل التفاوض.

وأكدت اللجنة المركزية لحركة فتح، أمس، دعمها الكامل لمواقف الرئيس الرافضة للعودة إلى المفاوضات دون وقف الاستيطان في الأرض الفلسطينية، خاصة في مدينة القدس المحتلة. وشددت اللجنة في بيان على رفضها لكل الصيغ الإسرائيلية التجميلية التي تحاول من خلالها إعطاء شرعية فلسطينية للاستيطان. وقال عريقات، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، والمفاوض الرئيسي، إن إصرار الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار في النشاطات الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، يعتبر السبب الرئيسي وراء وقف المفاوضات المباشرة. وفي أثناء لقاءاته مع مدير عام الشرق الأوسط في وزارة الخارجية اليابانية، شياغو ماتسوتومي، وقناصل وممثلي دول الاتحاد الأوروبي، وممثلي الدول الأجنبية غير الأوروبية لدى السلطة الفلسطينية، كل على حدة، دعا عريقات المجتمع الدولي إلى تحميل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية توقف المفاوضات المباشرة.

وشدد عريقات على أن موقف القيادة الفلسطينية يتمثل في وجوب وقف الأنشطة الاستيطانية كافة لاستئناف المحادثات المباشرة، مؤكدا أنه لا توجد حلول وسط للاستيطان، وأن محاولات إيهام المجتمع الدولي بأن الحكومة الإسرائيلية تفكر في تمديد تجميد الاستيطان بعد أن بدأت ببناء المئات من الوحدات الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة وبما فيها القدس الشرقية - يعتبر لعبة خداع يجب أن لا تنطلي على أحد. وأضاف «أن المطلوب هو العمل بالالتزامات التي ترتبت على الحكومة الإسرائيلية، والتي تتمثل في وقف شامل للنشاطات الاستيطانية كافة، وفرض الحقائق على الأرض ومحاولة استبدال المفاوضات بالإملاءات».

وفي إسرائيل، توجه وزير الدفاع السابق، شاؤول موفاز، وهو من حزب «كاديما» المعارض، بالدعوة إلى الحكومة أن تبادر وبسرعة إلى دفع المفاوضات وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وقال إن التلكؤ الذي يبديه رئيس الوزراء الحالي يلحق ضررا استراتيجيا في مصالح إسرائيل.

من جهة أخرى، قال وزير الأقليات الإسرائيلي أفيشاي برافرمن، في باريس أمس، إن حزب العمل الإسرائيلي يطالب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتحقيق تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين وسيغادر الحكومة إذا لم يتم ذلك في موعد أقصاه يناير (كانون الثاني). وردا على سؤال لصحافيين بعد طاولة مستديرة، قال برافرمن إنه ينتظر التوصل بحلول يناير إلى «قرارات واضحة للسير قدما». وأضاف: «إذا لم تسجل تحركات في عملية السلام، فسنجبر حزب العمل على التحرك. الوقت يمر». وتابع الوزير الإسرائيلي من جهة ثانية: «رسميا لم أقل ذلك، لكن يمكنكم أن تكتبوا أن برافرمن ينوي الترشح لقيادة حزب العمل».

وكان برافرمن يتحدث في الذكرى الـ15 لاغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين، مؤكدا أنه ينوي متابعة رؤيته للسلام. وانتقد برافرمن القانون الذي تبنته الحكومة الإسرائيلية حول الولاء للدولة، معتبرا أنه «غبي». وقال إنه ينوي محاربته. وأكد أنه يجب العودة في مفاوضات السلام إلى «لب القضية» وهو قضيتا الأمن وحدود، 1967 معبرا عن أسفه لأن مشكلة المستوطنات الإسرائيلية انتقلت إلى المرتبة الأولى الآن. واقترح «تجميدا لمواصلة الاستيطان لأربعة أو خمسة أشهر» مع تشكيل لجنة تضم مراقبين فلسطينيين وإسرائيليين وأميركيين مكلفة دراسة بعض التصاريح لكل حالة على حدة. وقال: «إذا لم نقبل بشجاعة التحرك في اتجاه تقسيم الأرض المقدسة، فقد تعلن الأمم المتحدة في نهاية المطاف وجود دولة واحدة غرب نهر الأردن ويمكن أن تصبح إسرائيل دولة غير مريحة تضم غالبية عربية وأقلية يهودية ومن دون ديمقراطية».