مصدر لـ«الشرق الأوسط»: وزراء الخارجية الأوروبيون سيصدرون بيانا عن لبنان في اجتماعهم القادم

باريس: الأسرة الدولية «لن تترك لبنان لقمة سائغة» لهذا الجانب أو ذاك

TT

تشعر باريس بـ«القلق» إزاء تطورات الملف اللبناني ببعديه الداخلي والإقليمي. ولذا، وفق مصادر فرنسية عالية المستوى، فإن الدبلوماسية الفرنسية تنشط، وبعكس الفكرة الرائجة عن «الغياب» الفرنسي، في أكثر من اتجاه، وتجري سلسلة اتصالات واسعة مع الأطراف الإقليمية والدولية، فضلا عن الأطراف المحلية. وينشط السفير الفرنسي في بيروت، دوني بييتون، في لقاءاته واتصالاته مع كل المجوعات السياسية والنيابية اللبنانية، إن في مقر السفارة في قصر الصنوبر أو في زياراته شبه اليومية للسياسيين والمسؤولين.

وفي هذا الإطار، تندرج زيارة الأيام الثلاثة التي سيجريها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى باريس في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي. وتعول باريس عليها وعلى الدور الذي يمكن ن يقوم به بري «لتقوية صوت الاعتدال ودعم المؤسسات» اللبنانية ومنها مؤسسة مجلس النواب.

وقالت المصادر الفرنسية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس، بالاشتراك مع ألمانيا وبريطانيا، تدفع وزراء الخارجية الأوروبيين، للنظر، في اجتماعهم الاثنين المقبل، في الملف اللبناني. ويتوقع أن يصدر عنهم بيان بهذا الشأن يؤكد مجددا على استقلال وسيادة لبنان وعلى دعم المحكمة الدولية وعلى ضرورة أن تنجز مهمتها بموجب الانتداب الذي تلقته من مجلس الأمن الدولي.

وتعتبر باريس أن ما حصل قبل أيام في مجلس الأمن الدولي بمناسبة التقرير نصف السنوي الذي قدمه أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، وما أكد عليه مندوبو الدول الكبرى، «جاء نتيجة تشاور»، وأتى بالدليل القاطع على أن الأسرة الدولية «لم ولن تتخلى عن لبنان»، وأنها «مستمرة في الاهتمام بشؤونه»، كما أنها «لن تتركه لقمة سائغة» لهذا الطرف أو ذاك. ورغم أن محاكاة عملية التفجير التي أجراها خبراء المحكمة الدولية في معسكر بانسيو القريب من مدينة بوردو (جنوب غربي فرنسا) كانت «مسألة تقنية» نفذت بناء على طلب المحكمة واستجابة لمطالب مجلس الأمن الدولي بضرورة التعاون، فإن باريس أرادت عبرها، كما تقول مصادرها، «توجيه رسالة سياسية» بأنها «لن تتخلى عن المحكمة»، وأنها «مستمرة في مساعدتها حتى تنجز مهمتها» التي أنشئت من أجلها.

وكشفت المصادر الفرنسية أن وزير الخارجية برنار كوشنير قال لمن طلب منه في الأسابيع الأخيرة تدخل فرنسا لدى مدعي عام المحكمة الخاصة إن هذا التدخل «لن يفيد، لأن بلمار سيعمل عكس ما قد نطلبه منه». وتؤكد هذه المصادر أن المسؤولين الفرنسيين «يقولون الكلام نفسه والعبارات نفسها» داخل قاعات الاجتماعات وخارجها بخصوص المحكمة الدولية واستقلاليتها وصعوبة التأثير على عملها.

وخلال الأيام الأخيرة تواصلت باريس بخصوص الوضع اللبناني مع المملكة السعودية ومصر وتركيا وسورية والأردن، فضلا عن الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي. وتؤكد هذه المصادر أن الذين يعتبرون في الخارج أن هناك قراءة للوضع اللبناني والأداء السوري في لبنان، على مستوى الرئاسة الفرنسية، «مختلفة» عن قراءة وزارة الخارجية، «واهمون». والفكرة السائدة في بعض الأوساط هي أن الخارجية «أكثر تشددا» في حكمها على أداء دمشق في لبنان من الإليزيه.

وتؤكد باريس، من على ضفتي نهر السين اليسرى «الخارجية» واليمنى «الرئاسة»، على «أهمية لبنان» كبلد وكواقع بالنسبة لفرنسا التي لا تفتأ تشدد على أنها «صديقة لكل اللبنانيين» وبغض النظر عن طوائفهم وانتماءاتهم، كما تعلن تمسكها المطلق باستقلاله السياسي وسيادته واستقراره.

وتعزو مصادر سياسية في العاصمة الفرنسية «التشويش» الحاصل حاليا بشأن العمل الدبلوماسي الفرنسي للمرحلة الراهنة التي تجتازها البلاد، حيث الإضرابات والمظاهرات تتلاحق، وحيث الحكومة الحالية على أهبة الرحيل لتترك مكانها لحكومة جديدة. وحتى تاريخه، ليس ثمة أمر مؤكد بالنسبة لمنصب وزير الخارجية رغم أن الاعتقاد السائد يرجح رحيل كوشنير. والاسم الرائج بديلا له هو اسم كريستين لاغارد، وزيرة الاقتصاد الحالية.