واشنطن تعلن عزمها إبرام صفقة سلاح للسعودية بقيمة 60 مليار دولار

أمام الكونغرس 30 يوما لمراجعة الاتفاق الذي يشمل طائرات «إف - 15» و«أباتشي»

TT

أبلغت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الكونغرس أمس عزمها إبرام صفقة سلاح مع المملكة السعودية تصل قيمتها إلى 60 مليار دولار. وفي صفقة تعتبرها الإدارة الأميركية «مهمة جدا»، سيصبح سلاح الجو السعودي مسلحا بأفضل الطائرات العسكرية، بالإضافة إلى تطوير بعض الطائرات في الأسطول الحالي. وتعتبر الإدارة الأميركية أن صفقة السلام مع السعودية تخدم مصالح أميركية مهمة، بالإضافة إلى ضمان دفاع السعودية واستقرار المنطقة.

وقال مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية - العسكرية أندرو شابيرو، إن «الصفقة الدفاعية ستدعم الاستقرار الإقليمي، وتحسن القدرات الدفاعية لشريك خليجي مهم لدينا علاقة أمنية وثيقة معه منذ زمن». واعتبر أن «هذه الصفقة المرتقبة لديها أهمية هائلة من الناحية الاستراتيجية في المنطقة، إذ ستعيد التأكيد على الشراكة الاستراتيجية مع السعودية، وسترسل رسالة قوية لدول في المنطقة بأننا ملتزمون بدعم شركائنا وحلفائنا في الخليج، وستزيد من قدرة السعودية على منع التهديدات على حدودها وللبنية التحتية للنفط، الأمر الأساسي لمصالحنا الاقتصادية». وأضاف في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الخارجية الأميركية أمس للإعلان عن وشك إبرام الصفقة «نحن نقوم بهذه الاتفاقية بسبب أهمية أهدافنا الأمنية الأوسع في الخليج، من خلال تعميق علاقتنا الأمنية مع دولة شريكة أساسية نتمتع بعلاقة أمنية وثيقة معها منذ نحو 70 عاما». وشدد شابيرو، وهو من المسؤولين الأساسيين عن هذه الصفقة، على أن التعاون الأمني والعسكري مع السعودية «في صالح الولايات المتحدة، ويسهم في إفادة الأمن الأميركي الوطني».

ومن جهته، قال مساعد وزير الدفاع لقضايا الأمن الدولي أليكساندر فيرشباو «نحن نفخر بتقديم تعاوننا العسكري مع السعودية من خلال هذه الصفقة المرتقبة». وأضاف في المؤتمر الصحافي نفسه «نحن نرحب بقرار السعودية بأن تصطف استراتيجيا مع الولايات المتحدة. هذه الصفقة ستستمر بين 15 و20 عاما، مما يعني تقوية علاقتنا مع المملكة».

واعتبر فيرشباو وشابيرو أن هذه الصفقة أساسية لضمان أمن السعودية واستقرار المنطقة. وامتنع شابيرو عن الحديث عن التهديدات الأمنية في المنطقة أو إذا كانت صفقة السلاح ضمن إجراءات في المنطقة لمواجهة إيران. واكتفى بالقول «هذا الأمر ليس فقط عن إيران، نحن نساعد السعودية مع احتياجات شرعية، ونساعدهم على حماية أنفسهم في منطقة خطرة». وأضاف «هناك تهديدات عدة في المنطقة، نعمل معهم لمكافحة الإرهاب، وهي منطقة خطرة ونريد ضمان حصولهم على الآليات الضرورية للدفاع عن أنفسهم».

وصرح فيرشباو بأن «هذه الطائرات ستزود الأمن البري للقوات الأمنية السعودية وحماية الحدود والدفاع عن مواقع طاقة أساسية». وردا على سؤال حول ما إذا كانت حماية الحدود السعودية من أي تهديدات من اليمن ضمن التهديدات التي تخشى منها الولايات المتحدة، قال فيرشباو «هناك أدوار محتملة عدة للطائرات التي ستذهب للقوات السعودية البرية، وقد رأينا أحد السيناريوهات في مواجهة المتمردين الحوثيين في اليمن».

ويؤكد شابيرو أن إبرام هذه الصفقة «أولوية بالنسبة لوزيرة الخارجية (هيلاري) كلينتون ووزير الدفاع (روبرت) غيتس»، وقد عملا على ضمان نجاحها. وتم الاتفاق على بنود الاتفاقية بناء على مشاورات ثنائية مع الرياض، بالإضافة إلى مناقشات واسعة داخل الإدارة الأميركية، وإجراء مراجعة مستقلة للأوضاع في المنطقة. وتشمل الصفقة 84 طائرة حربية من طراز «إف 15»، وتحسين 70 طائرة «إف 15» لدى السعودية، لكنها بحاجة إلى معدات أكثر حداثة. كما تشمل الصفقة 70 طائرة من طراز «أباتشي» و72 من طراز «بلاك هوك» و2000 صاروخ موجه بالليزر، وغيرها من معدات عسكرية. كما تشمل الصفقة التدريب على وصيانة ودعم المعدات العسكرية. وبموجب القانون الأميركي، على الإدارة الأميركية إبلاغ الكونغرس بصفقات الأسلحة الخارجية، ومنح مجلسي النواب والشيوخ 30 يوما لمراجعة الصفقة قبل إبرامها رسميا. وبإبلاغ الكونغرس اليوم، ستكون أمام أعضاء الكونغرس فرصة حتى 20 نوفمبر (تشرين الثاني) لمراجعة الاتفاق وإبداء أي اعتراضات عليه. وبما أن الكونغرس منشغل حاليا بالاستعداد للانتخابات النصفية المقبلة يوم 2 نوفمبر، فإنه من المتوقع أن يراجع أعضاء الكونغرس صفقة السلاح خلال الأسبوع الثالث من نوفمبر. وحرص مسؤولون من إدارة أوباما على التشاور مسبقا مع أعضاء من الكونغرس وطمأنتهم حول هذه الصفقة قبل الإعلان عنها رسميا، بهدف الحصول على أكبر عدد من المؤيدين من داخل الكونغرس قبل المراجعة الرسمية لمشروع الصفقة. وبينما من المتوقع أن يدلي بعض أعضاء الكونغرس بتصريحات معارضة للصفقة خاصة بعض المؤيدين لإسرائيل في الكونغرس، فإن إدارة أوباما تبدو واثقة من عدم عرقلة الكونغرس للاتفاق. وقال شابيرو «على الرغم من أن الصلاحيات التي طلبتها الإدارة الأميركية من الكونغرس لإبرام الصفقة الجديدة تشمل معدات وطائرات وبرامج تدريب تصل تكلفتها إلى 60 مليار دولار، فإن ذلك لا يعني أن المملكة قد وافقت على شراء كل ما ورد في إعلان الإدارة الأميركية، بل إن هذا المبلغ يعتبر القيمة الأعلى التي يمكن أن تصل إليها هذه الصفقة.

يذكر أن آخر صفقة سلاح ضخمة بين السعودية والولايات المتحدة كانت عام 1992، عندما اشترت السعودية 72 طائرة من طراز «إف - 15» بقيمة نحو 9 مليارات دولار. ويذكر أن شركات أسلحة وطائرات أميركية ستستفيد كثيرا من الصفقة بعد التوقيع عليها رسميا، ومنها شركات «بوينغ» و«لوك هيد مارتن» و«لونغ بو» و«جنرال إليكتريك».