جدل بحريني بعد منع مكبرات الأصوات خارج دور العبادة.. والمعارضة: استهداف للشيعة

وزير العدل: أقسام الشرطة ضجت بالشكاوى من الإزعاج الذي تسببه

بحرينية وفوقها صورة المرشح للانتخابات البحرينية خالد الشيخ (أ. ف. ب)
TT

قبل أيام قليلة من بدء الانتخابات التشريعية في البحرين، اشتعل الجدل بين أطياف الشارع البحريني بشأن منع استخدام مكبرات الصوت خارج دور العبادة، فبينما تؤكد الحكومة أن هدف هذا التنظيم أن لا تصبح المساجد والحسينيات مصدر إزعاج، تؤكد المعارضة الشيعية وعلماؤها الدينيون أن هذا القرار «مصادرة واضحة لحرية ممارسة الشعائر الدينية المكفولة شرعا وقانونا» و«استهداف للطائفة (الشيعية)».

وعلى الرغم من أن هناك مرسوما بقانون منذ عام 1999 بخصوص تنظيم استخدام مكبرات الصوت يحظر تركيب أو استعمال مكبرات الصوت في الأماكن العامة أو الخاصة بصفة مؤقتة أو دائمة، إلا بناء على تصريح مسبق، فإن السلطات البحرينية لم تكن تتشدد في تطبيق هذا القانون، لكن وزارة الداخلية بدأت مؤخرا في إبلاغ جميع المسؤولين في دور العبادة بضرورة إيقاف استخدام مكبرات الصوت خارج نطاقها، وهو ما أشعل فتيل الاعتراض من قبل الفعاليات الشيعية بشكل خاص.

وأصدر 5 من كبار علماء الشيعة بالبحرين بيانا، أرسلت نسخة منه لـ«الشرق الأوسط»، اعتبروا فيه أن «استقلالية الشأن الديني لدى الطائفة (الشيعية) أمر لا جدال فيه»، مؤكدين رفضهم القاطع للقرار بالقول «نرى في ذلك استهدافا مباشرا للطائفة بكل مكوناتها، وتعديا سافرا على حقوق طبيعية، ومصادرة واضحة لحرية ممارسة الشعائر الدينية المكفولة شرعا وقانونا».

وفي الوقت الذي أكد فيه بيان العلماء الشيعة أن هذا الموقف يأتي «انطلاقا من تكليف شرعي، وليس من خلفية سياسية»، فإنهم شددوا في الوقت ذاته على أن هذا «لا يعني أننا لا نؤمن بدولة القانون والمؤسسات، وإنما في هذه القرارات ما يصادر حرية الممارسات الدينية، وما يفرض مزيدا من الوصاية على مؤسسات الدين، وخطابه وعلمائه، بما يهدد الدين وحريته ومصلحته واستقلاليته».

غير أن الحكومة البحرينية تؤكد أن الحريات الدينية مصونة في البلاد، «فحرية المعتقد مطلقة وحرية ممارسة الشعائر مصونة وتجري حسب العادات المرعية في البلاد».

ويقول الشيخ خالد بن علي آل خليفة وزير العدل، في تصريحات صحافية، إن تطبيق القانون فيما يتعلق بمكبرات الصوت «يأتي لحفظ حق المواطنين في السكينة العامة وألا يتعرضوا لإيذائهم وإزعاجهم باستخدام هذه المكبرات بشكل ينافي القانون ويؤذي كبار السن والرضع والمرضى في منازلهم».

ويكشف الوزير البحريني أن إدارات وزارته وأقسام الشرطة والنيابة العامة «ضجت بالشكاوى من هذا الأمر (الإزعاج) فضلا عن أن الشريعة لا تقر استخدام دور العبادة لتكون مصدر إيذاء باستخدام مكبرات الصوت بشكل متجاوز ومبالغ فيه وفي جميع الأوقات».

ويشير الوزير آل خليفة إلى أن جميع الإجراءات التي تتخذها الدولة هي لحفظ دور العبادة من استخدامها استخداما يجاوز الحرية الدينية ليحرض على العنف أو يمزق المسلمين أو ينافي مقتضى وظيفة المساجد والمآتم، مؤكدا على أن أي إجراء تنظيمي يكون للجميع وليس لاستهداف طائفة بعينها «فجميع مذاهب وطوائف أهل البحرين هي مكونات ديننا الإسلامي الحنيف الذي يمثل هوية هذا الوطن كبلد عربي إسلامي».

من جهته، يتساءل السيد جميل كاظم النائب عن جمعية الوفاق الإسلامي الوطني، كبرى الجمعيات السياسية في البلاد، في رده على تصريحات الوزير البحريني «هل يريد وزير العدل أن نمارس شعائرنا الدينية ومعتقداتنا على استحياء وخجل في بيوتاتنا ومساجدنا ومآتمنا، بينما تتم ممارسة ما يخالف الشرع والدين والقيم علنا في الشوارع، ولم نر لوزير العدل ولا غيره من المسؤولين صوتا يراعي ما سماهم كبار السن والرضع والمرضى بخصوص ذلك».

واعتبر كاظم أن تبرير الوزير متهافت وعاجز عن الإقناع، ويصب في خانة التعمية على عامة الناس «التي تكشف سياسة خطيرة تهدف إلى سلب المواطنين حرياتهم الدينية والشعائرية».

وشدد كاظم على أن غالبية المواطنين يرفضون هذه الإجراءات، والوزير حاول تصوير استخدام مكبرات الصوت في المآتم والحسينيات على أنه إزعاج وإيذاء لشريحة من المواطنين، «وهذا التصوير يستبطن إساءة للمآتم والمؤسسات الدينية، والوزير يدعي مراعاة مشاعر كبار السن والمرضى والرضع، بينما هذا التضييق وهذه الممارسات تسيء لطائفة واسعة من المواطنين ويحجر عليهم حرياتهم وممارسة شعائرهم». ورأى كاظم أن إجراء حظر على مكبرات الصوت في المآتم والحسينيات ودور العبادة «يستهدف طائفة بعينها (الطائفة الشيعية) ويصادر وظيفة هذه المؤسسات، وأن السكوت على هذه الإجراءات التعسفية قد يجر الحبل على غيرها من المؤسسات الدينية ويصادر مساحات أوسع من الشعائر».

ويخشى مراقبون أن يتحول استخدام مكبرات الأصوات في دور العبادة في الفترة التي تسبق الانتخابات التشريعية، المقرر إجراؤها في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، إلى تهافت بين المرشحين لاستخدام المساجد أو الحسينيات للمنافسة الانتخابية، وهو ما يحظره القانون أصلا.

النائب السلفي المستقل الشيخ جاسم السعيدي يؤيد، بدوره، تصريحات وزير العدل والشؤون الإسلامية التي تتعلق بتطبيق قانون مكبرات الصوت في المساجد ودور العبادة، داعيا إلى سرعة تفعيل القانون على جميع دور العبادة في البحرين «أسوة بدول الجوار ونزولا على مطالبات المواطنين الذين أبدوا انزعاجهم الشديد من سوء استخدام مكبرات الصوت في بعض دور العبادة التي تمارس فيها الطقوس الدينية بأصوات نشاز مزعجة ليل نهار مسببة تلوثا ضوضائيا لا يطاق في بعض المناطق من المملكة» حسب تعبيره. وقال السعيدي «طالبنا وما زلنا نكرر المطالبات والنداءات إلى وزير العدل والشؤون الإسلامية الذي ندعوه لأن يلزم جميع المساجد ودور العبادة بتطبيق قانون مكبرات الصوت حفاظا على السكينة العامة وانطلاقا من القاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار، وإلا فإن تشريع القوانين وعدم العمل بها هو أمر غير مقبول في دولة الإصلاح والمؤسسات والقانون».

وواصل السعيدي «لدينا في البحرين قانون خاص ينظم قضية مكبرات الصوت في المساجد ودور العبادة ولكن للأسف ما نراه هو أن هذا القانون يطبق على فئة معينة ويغض الطرف في تطبيقه عن الفئة الأخرى وهذا أمر يعد قمة في التمييز المرفوض، فالقانون مسن للجميع ويخضع له جميع من يعيش على هذه الأرض خصوصا أن كثيرا من المدن والقرى قد تداخلت ولم تعد هناك قرى ومدن محصورة على فئة واحدة من الشعب».

وبالعودة لمرسوم القانون الذي ينظم مكبرات الصوت في البحرين، فإنه أوجب استعمال مكبرات الصوت على نحو لا يكون الصوت الصادر عنه مسموعا خارج الأماكن المصرح فيها باستعمال مكبرات الصوت، باستثناء الأذان وإقامة الصلاة، كما أجاز المرسوم بقانون لمدير منطقة الأمن المختصة إلغاء التصريح في أي وقت، إذا وقعت مخالفة لشروطه أو اقتضت المصلحة العامة ذلك. وفرض المرسوم غرامة لا تقل عن 100 دينار بحريني ولا تزيد على 500 دينار على كل من يخالف أحكام هذا القانون أو القرارات المنفذة له، وفي حال تكرار الفعل تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على 3 أشهر، والغرامة التي لا تقل عن 200 دينار ولا تزيد على ألف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي هذه الحالة يحكم بغلق المحل الذي قام بالتركيب مدة لا تتجاوز 7 أيام، وفي جميع الأحوال يحكم بمصادرة الآلات والأجهزة التي استعملت في ارتكاب المخالفة.