مرشحو «حفل الشاي» يشككون في حقيقة الاحتباس الحراري

بعضهم ينطلق من معتقدات دينية وآخرون يتحدثون عن مؤامرة لفرض حكومة عالمية

TT

خلال مؤتمر عقده هنا أحد المرشحين الأسبوع الماضي، حاول النائب الديمقراطي بارون بي. هيل، الذي يتهدد الخطر مقعده في الكونغرس، تفسير أسباب قراره الذي افتقر إلى الشعبية بالتصويت لصالح مشروع قانون الحد الانبعاثي ونظام المتاجرة المعني بالطاقة داخل مجلس النواب. شرح هيل خلال مناظرة مع تود يونغ، وهو مرشح مبتدئ عن الحزب الجمهوري تدعمه مجموعات تنتمي لحركة «حفل الشاي» داخل إنديانا ومن المتشككين في قضية التغييرات المناخية، أن القانون من شأنه خلق وظائف في إنديانا وتقليص الواردات من النفط الأجنبي وتناول قضية التغييرات المناخية العالمية. وأكد هيل أن «التغييرات المناخية حقيقة، والإنسان هو الذي المتسبب فيها»، وهو قول حمل أصداء معظم علماء المناخ. وأضاف: «هذا أمر لا جدال فيه. ويجب أن نفعل شيئا حياله».

وقوبل هيل بعاصفة من أصوات الاستهجان، على رأسها صوت نورمان دينيسون، 50 عاما، فني كهرباء وهو مؤسس مجموعة «حفل الشاي في كوريدون». وخلال مقابلة أجريت معه بعد المناظرة، قال دينيسون: «هذا كذب محض»، مضيفا أنه صاغ وجهة نظره حيال القضية بناء على عظة رش ليمبو وتعاليم الكتاب المقدس. وقال: «لقد قرأت الكتاب المقدس. وقد خلق الله الأرض لنعمرها».

وتعد مسألة التشكيك وإنكار ارتفاع درجات حرارة الأرض من بين المعتقدات اليقينية لدى أعضاء حركة «حفل الشاي» هنا في إنديانا وفي مختلف أرجاء الولايات المتحدة. بالنسبة للبعض، يأتي هذا اليقين من قناعات دينية، بينما تنبعث هذه القناعة لدى آخرين من مشاعر عدم الثقة إزاء ما يطلقون عليهم النخبة، بينما ينظر آخرون إلى جهود تتناول التغييرات المناخية باعتبارها مؤامرة لفرض حكومة عالمية وإجراء عملية إعادة توزيع كامل للثروات. إلا أن جميع المجموعات تتفق في قلقها إزاء خطط الرئيس أوباما لتنظيم انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي سيستلزم توسيع نطاق السلطة الحكومية لتشمل جميع جوانب الاقتصاد تقريبا.

وقالت كيلي خوري، مؤسسة «كلارك كاونتي تي بارتي باتريوتس»: «كل ما يطلق عليه علم المناخ هو في حقيقته سخف. أعتقد أنه برمته مشكوك فيه». وأضافت: «إن تنظيم الانبعاثات الكربونية وقانون الحد الانبعاثي ونظام المتاجرة ما هو إلا وسيلة للسيطرة على الأموال. بعض الناس يتهمونني بالتطرف، لكن سبق أن اتهموا (جمعية جون بيرتش) بالتطرف أيضا».

وبغض النظر عن تركيبة الكونغرس القادم، تشير الاحتمالات الأكبر إلى أن قانون الحد الانبعاثي ونظام المتاجرة قد مات على امتداد المستقبل المنظور. وحال دخول عشرات الجمهوريين المتشككين في قضية التغييرات المناخية الكونغرس، فإن احتمالات اتخاذ إجراءات فيدرالية حاسمة تجاه تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، بما في ذلك تولي وكالة الحماية البيئية مسؤولية تنظيمية، ستتضاءل عما هي عليه الآن.

والملاحظ أن مؤيدي حركة «حفل الشاي» أكثر تشككا بكثير حيال حقيقة وجود التغييرات المناخية وتأثيراتها عن مجمل الرأي العام الأميركي، طبقا لما كشفه استطلاع للرأي أجرته «نيويورك تايمز» بالتعاون مع «سي بي إس نيوز» هذا الشهر. وتوصل الاستطلاع إلى أن 14% فقط من أنصار «حفل الشاي» أشاروا إلى ارتفاع درجات حرارة الأرض باعتبارها مشكلة بيئية تظهر آثارها الآن، بينما يعتقد 49% من باقي فئات الرأي العام أن هذا الأمر مشكلة بالفعل. وقال أكثر من نصف أنصار «حفل الشاي» إن ارتفاع درجات حرارة الأرض لن يترك تأثيرا خطيرا في أي وقت في المستقبل، بينما شارك 15% فقط من باقي الأميركيين في الاعتقاد ذاته.

ولقيت أفكارهم انتشارا واسعا بواسطة عدد من قادة كتاب الرأي المحافظين من أمثال رش ليمبو وغلين بيك، وشين هانيتي وجورج ويل وسارة بالين الذي عارضوا البرامج الحكومية في التعامل مع التغيرات المناخية والذين شككوا في مصداقية ودوافع العلماء الذين أثاروا المخاوف بشأنها.

وتشارك المنظمات التي دعمت مرشحي حفلة الشاي نفس الشكوك بشأن التغيرات المناخية. وقد رعت منظمة «أميركيون من أجل الرخاء الاقتصادي» وهي الجماعة التي أسستها وتشارك في تمويلها إلى حد بعيد كبريات شركات النفط، ما أسمته جولة حقيقة نظامية لتأليب المعارضة ضد قانون التغير المناخي. وترى أن تشريعات قانون الحد الانبعاثي ونظام المتاجرة تعتبر رسم ضريبة في التاريخ.

وتساعد منظمة «فريدم ووركس»، وهي منظمة تتلقى الدعم من الشركات النفطية، حركة حفل الشاي في تنظيم اللقاءات وتوزيع المنشورات التي تحث على معارضة سياسة المناخ الفيدرالية التي تسميها «انتزاع السلطة». وتقول المنظمة على موقعها على الإنترنت: «إن أي محاولة لإنتاج الكهرباء والوقود عبر طرق أغلى أو إقرار تشريعات ثاني أكسيد الكربون ستفاقم الموقف الحرج أصلا وتتسبب في أضرار اقتصادية هائلة».

وقد أنفقت شركات النفط والفحم والخدمات مجتمعة 500 مليون دولار منذ بداية عام 2009 لمعارضة تشريع مواجهة التغير المناخي وهزيمة مرشحين مثل هيل الذي دعم هذا القانون، بحسب التحليل الجديد الصادر عن مركز صندوق العمل التقدمي الأميركي، وهو منظمة حقوقية ذات توجهات يسارية في واشنطن.

ويبدو أن آراءهم وجدت آذانا مصغية في واشنطن، فمن بين المرشحين الجمهوريين العشرين الذين خاضوا السباق شكك 19 منهم في علم الاحترار العالمي وعارضوا أي تشريع شامل للتعامل معه، حسب المسح الذي أجرته صحيفة «ناشيونال جورنال».

وكان الاستثناء الوحيد هو مارك ستيفن كيرك، المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ عن ولاية إلينوي، والذي كان واحدا من ثمانية جمهوريين يصوتون لصالح قانون الحد الانبعاثي ونظام المتاجرة الذي رعاه النائبان الديمقراطيان هنري واكسمان وإدوارد ماركري. ويشكك غالبية المرشحين لمجلس النواب الذين تدعمهم حركة حفل الشاي في علم الاحترار العالمي ويعارضون أي تشريع للطاقة للتعامل مع هذه القضية.

ويعارض يونغ، المرشح الجمهوري عن ولاية إنديانا، الذي يحاول هزيمة هيل على المقعد التاسع للمقاطعة في الكونغرس، بشدة قانون الحد الانبعاثي ونظام المتاجرة والتدابير الأحادية الأخرى لمواجهة الاحترار العالمي. ويقول إنه غير متأكد من الأسباب وراء ارتفاع حرارة الأرض، مضيفا أن ذلك قد يحدث نتيجة الدورات الطبيعية للطبيعية.

وقال في مقابلة معه في مكتبه: «لم يستقر العلم على تفسير لذلك بعد». وأشار إلى أنه نتيجة للشكوك العلمية لن يكون من الحكمة إدخال تغييرات رئيسية على اقتصاد الطاقة في البلاد للحد من انبعاث ثاني أكسيد الكربون. أما المرشح الجمهوري الثالث عن ولاية إنديانا، غريغ نوت، فيؤكد على أنه يقبل إجماعا علميا بشأن التغير المناخي لكنه يعارض قانون الحد الانبعاثي ونظام المتاجرة كحل.

* خدمة «نيويورك تايمز»