إيران تحاول سرا إنشاء بنوك بأسماء وهمية في دول إسلامية ومجاورة

مسؤول أميركي: تحاول تفادي العقوبات * مسؤول عراقي: أسست بنكين

المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي خلال لقائه بكبار علماء الدين في قم أول من أمس (رويترز)
TT

تحاول إيران سرا تأسيس بنوك في دول إسلامية حول العالم؛ منها العراق وماليزيا، باستخدام أسماء وهمية وكيانات ملكية غير واضحة من أجل تفادي العقوبات التي تقيد الأنشطة المصرفية للجمهورية الإسلامية بحسب ما أفاد مسؤولون أميركيون.

وكانت وزارة الخزانة الأميركية وضعت 16 مصرفا إيرانيا على القائمة السوداء بزعم أنها تدعم برنامج إيران النووي والأعمال الإرهابية، وقد سارت دول أخرى على خطاها من خلال الإجراءات الخاصة بها. ويشير بحث إيران عن طرق مصرفية جديدة إلى الفاعلية المتنامية للعقوبات بحسب ما أفاد مسؤولون أميركيون، لكنهم يعتقدون أن نجاح إيران في تأسيس البنوك سرا محدود، إن كان هناك نجاح.

وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية رفض الكشف عن اسمه: «يحاول الإيرانيون القيام بعمليات في عدد من الأماكن، ويشير ذلك إلى عدم تمكنهم من القيام بالأعمال المصرفية بطريقة طبيعية»، وأضاف قائلا: «إنهم يريدون شراء بنوك وتأسيس بنوك في أماكن كثيرة، حيث يعتقدون أنهم سيتمكنون من القيام بأعمالهم من دون أن تعيقها الولايات المتحدة».

وقال المتحدث باسم المبعوث الإيراني لدى الأمم المتحدة، باك سهاري، إنه لا يستطيع التعليق فورا، بل عليه الرجوع إلى المسؤولين في طهران أولا.

من جانبه، قال المسؤول الأميركي إن إدارة أوباما تعلم بالجهود التي تبذلها إيران في «عدد من دول الجوار والدول التي ليست من الدول المجاورة جدا».

وقال مسؤول عراقي إن طهران أسست على الأقل بنكين في بغداد منهما بنك تابع لبنك «ملي إيران» الذي يعد من أكبر البنوك التجارية في إيران، التي وضعها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القائمة السوداء عام 2008، باعتباره بنكا متورطا في أنشطة إيران النووية، وأغلق الاتحاد الأوروبي مكاتبه كافة في أوروبا. وأضاف المسؤول العراقي قائلا إن إيران حاولت أيضا تأسيس بنوك تجارية في شمال العراق بإقليم كردستان لكنها لم تنجح.

وبحسب ما أفاد المسؤولون الأميركيون، قام مسؤولو وزارة الخزانة الأميركية بجولات حول العالم خلال الأسابيع الأخيرة وزاروا دولا مثل أذربيجان وتركيا والإمارات العربية المتحدة والبحرين ولبنان من أجل تعزيز التزامهم بتنفيذ العقوبات. وقد حذر مسؤولو وزارة الخزانة ووزارة الخارجية الأميركية «السلطات المحلية من مغبة السماح لتلك العمليات بأن تصبح مقبولة». وبحسب التقارير الصحافية في أذربيجان، هناك فرع لبنك «ملي إيران» في باكو عاصمة أذربيجان، وعرضت إيران الشهر الماضي تأسيس بنك يشترك فيه البلدان. وزعمت وزارة الخزانة الأميركية عام 2008 أن بنك «ملي» يسيطر على بنك «المستقبل» في البحرين، لكنه ما زال يعمل هناك.

وقال وزير المالية الإيراني شمس الدين حسيني في تصريح للصحافيين بواشنطن الشهر الحالي إنه بينما «تواجه إيران مشكلات بسبب العقوبات»، لا تواجه كثيرا من المشكلات في التجارة مع بلاد أخرى أو في توفير العملة الصعبة، وأكد حسيني قائلا: «العالم كبير والذين يتعاملون (معنا) في مجال التجارة يجدون وسائل لتحويل الأموال» وأضاف: «عندما تعيق مجرى النهر فإنه يتخذ مسارا آخر».

وقال ماثيو ليفيت، المسؤول السابق في وزارة الخزانة الأميركية ومدير برنامج محاربة الإرهاب والاستخبارات في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى»: «لعبة القط والفأر مع إيران مستمرة» وأضاف أنه من المرجح أن العمليات المصرفية، حتى وإن تمت بنجاح في بلاد أخرى، تتم على نطاق محدود وغير كافية للتعويض عن حجم الأنشطة المصرفية التي خسرتها إيران.

وظلت الإمارات العربية المتحدة لسنوات ممرا مهمّا للسلع الإيرانية والمعاملات المالية، لكن منذ أن أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة العقوبات الأخيرة في يونيو (حزيران)، أصبحت تشدد على الأنشطة الإيرانية جزئيا من خلال وضع قيود على المعاملات المالية مع البنوك الإيرانية التي على القائمة السوداء التي وضعتها الولايات المتحدة. في المقابل، يبدو أن إيران حاولت وضع ماليزيا كمركز مالي جديد، لكنها لم توفق في ذلك، بحسب ما أفاد المسؤول الأميركي. وقال المسؤول: «في حين بدأت الإمارات العربية المتحدة اتخاذ إجراءات أكثر صرامة، تبحث إيران عن مراكز مالية وتجارية أخرى يمكن استغلالها»، وأضاف قائلا: «من الواضح أنهم يتطلعون إلى ماليزيا منذ فترة، ويمثل هذا موضوعا دائما في المناقشات التي تجري مع السلطات الماليزية».

تعد ماليزيا مركز إعادة تصدير للسلع لإيران، مما يجعلها منطقيا مكانا للمعاملات المالية، لكن أعلنت الحكومة الماليزية هذا العام إصدارها قانونا ينظم التصدير لدعم قدرتها على الحد من تجارة المواد المستخدمة في صناعة أسلحة الدمار الشامل.

وأشاد المسؤول الأميركي بالخطوات التي اتخذتها السلطات الماليزية من أجل عرقلة الجهود الإيرانية بما فيها شكوكها حول فرع «بنك ملي»، الذي يعد ثاني أكبر البنوك الإيرانية، في ماليزيا.

وأكد المسؤولون الأميركيون للمؤسسات المالية أنهم يخاطرون بسمعتهم في حالة الاستمرار في التعامل مع كيانات إيرانية. ورد مسؤولون أميركيون على توسع الحرس الثوري الإيراني، الذي اشترك في النشاط النووي الإيراني وصناعة الصواريخ الإيرانية لفترة طويلة، في اتجاه صناعات أخرى، بوضع عدد كبير من الشركات التي على علاقة بالحرس الثوري الإيراني على القائمة السوداء وتحذير الشركات الدولية من عدم تذكر مغبة التعامل التجاري مع كيان مفروض عليه عقوبات.

وقد فرضت السلطات الأميركية غرامة بملايين الدولارات على بنوك عالمية كبرى مثل «لويدز» و«كريدي سويس» و«باركليز» نتيجة الاستمرار في العمل على تمرير مدفوعات مصدرها إيران أو تعديل السجلات لإخفاء تلك المدفوعات.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»