الحكومة البريطانية تكثف جهودها لتعزيز التعاون مع دول الخليج

الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط»: اهتمامنا نوع من الاعتراف بدور الخليج المهم في المنطقة والاقتصاد الدولي

TT

شهدت لندن على مدار الأيام الثلاثة الماضية لقاءات مكثفة وندوات تناولت العلاقات بين دول الخليج وبريطانيا، حرص خلالها المسؤولون البريطانيون على التشديد على مدى أهمية هذه الشراكة. ومنذ تسلمها مهامها، تبعث الحكومة البريطانية التي يتزعمها ديفيد كاميرون، برسائل واضحة ومتكررة حول عزمها على تقوية العلاقات مع دول الخليج «على كل المستويات».

وتراهن الحكومة البريطانية على جذب استثمارات أجنبية إلى البلاد للمساهمة في الانتعاش الاقتصادي، خصوصا بعد أن أعلنت عن خططها التقشفية أول من أمس، التي ستجعل نحو نصف مليون موظف حكومي عاطلين عن العمل. إلا أن ناطقا باسم الخارجية البريطانية قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن اهتمام الحكومة الحالية بزيادة التعاون مع دول الخليج «ليس فقط مرتكزا على الناحية الاقتصادية والتجارية، بل أيضا متعلق بالتعاون الأمني. نريد أن نعمل مع دول الخليج على مواجهة جميع التحديات الأمنية في المنطقة، مثل اليمن وقضية السلام في الشرق الأوسط وقضية الانتشار النووي».

وأضاف: «دوافعنا لزيادة التعاون مع الخليج ليست التهديدات الأمنية القادمة من المنطقة بقدر ما هي شعور من وزير الخارجية بعد أن تم تعيينه، بأن الحكومات السابقة أهملت تلك العلاقات». وشدد الناطق الحكومي على أن السبب خلف اتخاذ وزير الخارجية ويليام هيغ قرار السعي لتعميق العلاقات مع الخليج «يعود في جزء منه إلى التعاون حول الأمن ومحاربة الإرهاب، وأيضا يأتي كنوع من الاعتراف بأن دول الخليج تلعب دورا مهما في المنطقة وفي الاقتصاد الدولي».

ويزور أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لندن الأسبوع المقبل برفقة زوجته الشيخة موزة. وتبدأ الزيارة يوم الاثنين المقبل وتستمر 4 أيام، ومن المتوقع أن يلتقي خلالها الأمير القطري الملكة إليزابيث الثانية ورئيس الوزراء ديفيد كاميرون. ومن المتوقع أيضا أن يوقع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين. وستزور الملكة إليزابيث الثانية بدورها، قبل نهاية العام، كلا من سلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة، كما ستستضيف «حوار المملكتين» مع السعودية، كما أعلن هيغ أمس.

وفي هذا الإطار، التقى أمس وزير الخارجية البريطاني ومجموعة من الوزراء من التنمية الدولية والدفاع والهجرة، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية ووزير التجارة والصناعة في سلطنة عمان مقبول بن علي سلطان، ومساعد وزير الخارجية الإماراتي سلطان آل جابر، إضافة إلى مجموعة من سفراء دول الخليج. وقال هيغ في بيان صدر عن وزارة الخارجية بعد اللقاء: «أنا مسرور لأن جهود الحكومة الائتلافية لتقوية العلاقات البريطانية مع دول الخليج، بدأت تأتي بثمار». وأضاف: «أنا متحمس لتقوية العلاقات، وجدي بشأن تحقيق نتائج حول مواضيع هي ذات اهتمام مشترك، من زيادة التجارة والاستثمار، إلى تعزيز البحوث والتنمية في مصادر الطاقة المستقبلية».

وكانت البارونة سعيدة وارسي، وهي وزيرة دولة من دون حقيبة، وأول امرأة مسلمة تتولى منصبا حكوميا في بريطانيا، قد شاركت في ندوة صباح أمس حول دور المرأة في التنمية بدول الخليج. ودعت خلالها إلى بذل جهود إضافية لتمكين المرأة الخليجية أكثر، وحثها على لعب دور أكبر في الحكومات ومجال الأعمال.

وأشارت وارسي، وهي من أصول باكستانية، إلى أن النقاش الجاري في دول الخليج حاليا حول دور المرأة، لا يختلف كثيرا عن النقاش الذي كان يحصل في البلدان الغربية. وقالت إنه في بريطانيا، لا يزال النقاش محتدما لدى بعض الجماعات المسلمة، حول ما إذا كان يجب السماح بتمثيل المرأة في البرلمان، ولفتت إلى أن القرآن يتحدث عن مبدأ المساواة بين المرأة والرجل. ورحبت وارسي بالدور الأكبر الذي باتت تلعبه المرأة في دول الخليج. وقالت وارسي في تصريحات لاحقة: «من المهم لدول الخليج ولبريطانيا، أن تحصل النساء اللواتي يحملن شهادات جامعية، وأعدادهن تزداد، على الفرصة للانتقال إلى وظائف في الحكومة أو في مجال الأعمال».

وتحدث العطية من جهته عن الجهود التي تبذلها دول الخليج لتمتين المرأة ودفعها للمشاركة في الحياة السياسية، وقال إن ذلك جاء «استجابة لما يعبر عنه دائما قادة دول التعاون الخليجي لجهة إعطاء المرأة حقوقها التي يضمنها لها الإسلام وتؤكد عليها القوانين الدولية». وأضاف: «نحن في دول الخليج نؤمن بأن دعم مساهمة المرأة في تنمية المجتمع وتقويتها على جميع الأصعدة الحياتية، هو دليل على تقدم المجتمعات والوعي بضرورة تحقيق تقدم، ومواكبة تطور العصر عبر التأكد من أن كل فئات المجتمع تشارك في ذلك، من دون تمييز».