نتنياهو يرفض مقترحات قيادات يهود العالم بشأن السلام: المهمة العليا لمواجهة إيران

بيريس: علينا مساعدة الولايات المتحدة بواسطة دفع عملية السلام مع العرب حتى تتمكن من دحر طهران

فلسطينية تتشاجر مع جنود إسرائيليين قاموا بسد المدخل إلى منزلها خلال اشتباكات في قرية النبي صالح بالضفة أمس (إ.ب.أ)
TT

رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، النصائح والمقترحات التي وجهها إليه قادة الشعب اليهودي في العالم، خلال مؤتمر في القدس، وتقضي بتفضيل مفاوضات السلام مع الفلسطينيين وفق برنامجهم المفصل، وقال إن المهمة العليا حاليا هي مكافحة الإسلام السياسي المتطرف الذي تقوده إيران وتهدف من ورائه إلى تدمير إسرائيل.

ودخل نتنياهو بهذا الطرح في صدام غير مباشر مع رئيس الدولة العبرية، شيمعون بيريس، الذي قال إن صنع السلام في الشرق الأوسط يساعد الولايات المتحدة في مهمتها لدحر العدوان الإيراني، وإنه تقع مسؤولية أساسية على إسرائيل في تقديم هذه المساعدة للحلفاء في واشنطن.

وكان بيريس ونتنياهو قد ظهرا أمام مؤتمر «حول مستقبل الشعب اليهودي»، المنعقد في القدس منذ الأربعاء، ويشارك فيه مئات القادة اليهود من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا وأستراليا وغيرها. والهدف من المؤتمر هو «أداء دور ناصح ومساعد لإسرائيل في مواجهة التحديات وتحسين مكانتها في المنطقة والعالم». وفي هذا الإطار يعدون وثيقة سيطرحونها على نتنياهو وحكومته، هي عبارة عن توصيات لدفع عملية السلام، تقوم على الأسس التالية: أن توافق إسرائيل على قيام دولة فلسطينية في إطار حدود 1967 مع بعض التعديلات الطفيفة النابعة من ضم الكتل الاستيطانية إلى تخوم إسرائيل من جهة وتعويض الفلسطينيين بضم أراض إلى دولتهم من إسرائيل في حدودها ما قبل العام 1967. والقبول بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، مع وضع الأماكن المقدسة تحت إدارة دولية مقبولة على الطرفين. وحل قضية اللاجئين بالاعتراف بمشكلتهم وتوطينهم في عدد من دول الشرق الأوسط، بما فيها إسرائيل، ودول أوروبا والولايات المتحدة. وقد رحب بيريس من جهته بهذه المقترحات وألقى خطابا أمام المؤتمر، حظي بتأييد وترحيب كبيرين من الحضور، وقال فيه: إن إسرائيل غير قادرة على البقاء من دون المساعدات الأميركية، وأنه بإمكان إسرائيل مساعدة الولايات المتحدة على تركيز جهودها على دحر التهديد الإيراني عن طريق «وقف الصراع مع الفلسطينيين». وأضاف بيريس، أن إسرائيل ليست قادرة على إعطاء الولايات المتحدة ما تعطيه الولايات المتحدة لإسرائيل، ولكنها قادرة بطريقتها على مساعدة الولايات المتحدة في «وقف الصراع مع الفلسطينيين والتركيز على التهديد المركزي – إيران». وقال بيريس إن إسرائيل تدرك الاحتياجات الأمنية للولايات المتحدة مثلما تدرك الأخيرة احتياجات إسرائيل. ولكنها، أي إسرائيل، غير قادرة على البقاء من دون المساعدات الأميركية، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أن هناك مشاكل مع الولايات المتحدة. وبحسبه فإن غالبية الشعب الأميركي تدعم إسرائيل. أما نتنياهو فجاء خطابه كصفعة على وجوه قادة اليهود في العالم، إذ أنه رفض منطقهم وقال أن التحدي الذي يواجه إسرائيل اليوم هو كبير وخطير ولا توجد دولة في العالم تواجه خطرا مماثلا له: «.. فهناك دولة تطور سلاحا نوويا لكي تستطيع تدمير دولة إسرائيل. وعملية الدفاع عن إسرائيل تحتاج إلى مال. إلى كثير من المال. ولا توجد طريقة لتحصيل هذا المال الكثير، سوى في بناء اقتصاد قوي يستند إلى نجاحات المجتمع، وهذا ما نفعله». وأضاف نتنياهو أن على إسرائيل أن تبذل كل الجهود الممكنة لصد أهداف الإسلام السياسي وفي الوقت نفسه لصنع السلام الحقيقي. فإيران، قائدة الإسلام الأصولي في العالم اليوم، تنكر وقوع المحرقة النازية لليهود. وتدعو إلى إبادة إسرائيل. ويوجد لها اليوم تأثير بالغ في قطاع غزة ولبنان والعراق وأفغانستان وفي أميركا الجنوبية وأفريقيا. وهذا كله يتم قبل أن تنجح في تطوير السلاح النووي. فتصوروا ما الذي ستفعله عندما تستطيع امتلاك هذا السلاح. لذلك فإن المهمة الأولى أمام البشرية اليوم هي التخلص من التهديد ومنع إيران من الحصول على هذا السلاح».

ودعا نتنياهو إلى التأثير على تركيا لتترك التحالف مع إيران وتعود إلى موقعها الطبيعي في التحالف مع إسرائيل ودول الغرب. وقال أن الأخطار القادمة من الشرق، لا تهدد إسرائيل فحسب، بل أيضا دول الغرب. وذكرهم بأن إيران وأتباعها في العالمين العربي والإسلامي هم أنصار الظلام واستعباد المرأة الذين يبثون العداء للغرب كله ولإسرائيل. وفقط في نهاية كلامه، تكلم نتنياهو عن عملية السلام، فتجاهل مقترحات القادة اليهود تماما، وقال: «إنني أومن بأن السلام قابل للتحقيق ولكنه يحتاج إلى تنازلات من الطرفين وليس فقط من إسرائيل. فنحن تركنا قطاع غزة وأخلينا المستوطنات وهدمناها، فماذا كان الرد الفلسطيني؟ لقد قصفونا بما لا يقل عن 12 ألف صاروخ. هذا يدل على أن الفلسطينيين لم ينضجوا بعد إلى درجة الرغبة الحقيقية في السلام. فإذا كانوا يريدونه فعلا، فالامتحان هو بالاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي وبالموافقة على المطالب الإسرائيلية بخصوص الترتيبات الأمنية».

من جهة ثانية، كشف الموقع الإلكتروني التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر في الحكومة الإسرائيلية قولها إن حديث الفلسطينيين عن إمكانية اتخاذهم خطوات من طرف واحد في حال فشل المفاوضات، يقابله حديث إسرائيلي في دوائر رسمية مصغرة ومغلقة عن الحاجة الإسرائيلية لبلورة خطة أحادية الجانب، أي لإعادة ترتيب انتشار قوات الاحتلال في الضفة الغربية. وقالت المصادر إن الخطط التي تجب بلورتها ليست بالضرورة «للحل الكامل»، وإن الحديث قد يكون عن استعادة خطة «الانطواء» التي تحدث عنها رئيس الحكومة السابق، إيهود أولمرت، أي انسحاب إسرائيلي أحادي الجانب من أجزاء من الضفة الغربية و«الانطواء» في الكتل الاستيطانية.