حزب الله متمسك بإحالة ملف «شهود الزور» إلى المجلس العدلي.. و«المستقبل» يعارض

منيمنة لـ«الشرق الأوسط»: طرح الموضوع على التصويت في مجلس الوزراء سيثير أزمة.. ومخاطره كبيرة

TT

لا يزال السجال متواصلا على الساحة اللبنانية حيال المسار الذي ينبغي أن يسلكه ملف شهود الزور، بعد التضارب الحاصل في وجهات النظر بشأن إحالته إلى المجلس العدلي باعتبار أن هذا الملف مرتبط بقضية اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، التي نظر فيها المجلس العدلي، وهو ما يصر عليه حزب الله وحلفاؤه في لبنان.

وفي موازاة تداول أنباء عن نصيحة سورية بالتعجيل في بت ملف شهود الزور في مجلس الوزراء الأسبوع المقبل، ولو اقتضى الأمر اللجوء إلى التصويت، بالتزامن مع إشارة الوزير السابق وئام وهاب، المقرب جدا من سورية، إلى أن «وزراء النائب وليد جنبلاط ورئيس الجمهورية ميشال سليمان لن يصوتوا مع سعد الحريري»، يصر تيار المستقبل وحلفاؤه على وجوب إحالة ملف شهود الزور إلى القضاء العادي للبت فيه، مؤكدين رفض إحالته إلى المجلس العدلي من جهة، واللجوء إلى التصويت على طاولة مجلس الوزراء من جهة ثانية.

وفي هذا الإطار، أبدى وزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسن منيمنة، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، خشية فريقه السياسي من «الهدف الأبعد من مطالبة حزب الله وحلفائه بإحالة ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي، والمتمثل في الإطاحة بالمحكمة الدولية، وهو ما لم يعد خافيا على أحد». وقال «حزب الله عبر بشكل صريح عن رفضه للمحكمة، وحلفاؤه يطالبون علانية بتأجيل إصدار القرار الظني إلى حين توصل القضاء اللبناني إلى نتيجة في ملف شهود الزور»، معتبرا أن ذلك يعني «تأجيل صدور القرار الظني إلى ما لا نهاية».

وأوضح منيمنة أن «فريق 8 آذار يعتقد أن إحالة الملف إلى المجلس العدلي تتيح الطلب إلى المحكمة الدولية أن تزود القضاء اللبناني بكل ما بحوزتها من ملفات التحقيق والمعطيات ومعرفة الشهادات، مما سيؤدي بالتالي إلى الشك في قدرة المحكمة الدولية على حماية الشهود وإضعاف صدقية المحكمة تمهيدا للوصول إلى الخلاص منها».

وأكد أن «موقف فريقه واضح من ناحية أنه من الأفضل انتظار قرار المحكمة الدولية ومن ثم البدء بمحاكمتهم على ضوء ما سيدلون به». واعتبر أنه «أمام إصرار الفريق الآخر لا بأس من أن يحال إلى القضاء العادي ليأخذ مساره الطبيعي»، منتقدا «رغبة أطراف محلية في تصعيد الوضع في لبنان». وأعرب منيمنة عن اعتقاده «بوجوب ألا يطرح الموضوع على التصويت في مجلس الوزراء»، مشيرا إلى أنه «بغض النظر عن الجهة التي سترجح كفة التصويت لمصلحتها فإنه من الأفضل أن يبقى بعيدا عن التصويت لأنه سيثير أزمة وشقاقا داخل الصف اللبناني، لأن مخاطره كبيرة». وعن إمكانية أن تكون الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء هي الأخيرة، وأن يحال الموضوع إلى التصويت أمام صعوبة التوصل إلى صيغة توافقية، قال منيمنة «لا أعرف ما إذا كانت التطورات تتيح إمكانية أن تكون الجلسة المقبلة هي الحاسمة» أم لا، موضحا أن «الوضع اللبناني اليوم بات في أيدي القوى المعنية به أكثر مما هو في أيدي اللبنانيين أنفسهم، ومن الأفضل الانتظار لمعرفة كيف تتحرك اللقاءات والحوارات السعودية - اللبنانية في هذا الإطار».

في المقلب الآخر، اعتبر وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أن «القضاء هو أول من يدان، كونه لم يتحرك في موضوع شهود الزور»، ورأى أن «وضع مجلس الوزراء يده على هذا الملف لدفعه نحو القضاء كي يأخذ مجراه، يؤشّر إلى أن هذه القضية لن تصغر بل ستكبر».

وأشار إلى أنه «عندما لا نعالج ولا ننهي مسألة بل نقوم بتنويم القصة عبر الاتصالات والتسويات، فهذا لا ينفع، لأن هذه الأمور هي حقوق الناس»، معربا عن اعتقاده أن «القضاء كان يجب أن يتحرك من تلقاء نفسه». وأوضح أن «الصلاحية الوحيدة لمجلس الوزراء هي تحويل ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي».

ورأى الوزير السابق وئام وهاب أن «هناك خوفا من تحويل ملف شهود الزور إلى المجلس العدلي، لأن رئيس الحكومة سعد الحريري يعرف أن من حوله جميعهم متورطون»، موضحا أن «الحريري متخوف من المجلس العدلي لأنه يعتبر الأمر حياة أو موتا». وتساءل، تعليقا على اعتبار وزير الدولة جان أوغاسبيان أن التصويت على ملف شهود الزور سيفجر الوضع «مع من سيعمل فتنة جان أوغاسبيان؟.. هل مع المجموعة التي تحيط به؟ وإذا أراد هذا الفريق الفتنة فليفعلها، ولنر أين سيصبحون». وشدد النائب في كتلة المستقبل جمال الجراح على أن «القضاء اللبناني غير معني بمحاكمة شهود الزور، لأن لهذا الملف مسارا قضائيا منفصلا عن القضاء اللبناني الذي تنازل عن صلاحية النظر في أي ملف متصل بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسائر الجرائم التي تلتها إلى القضاء الدولي المتمثل في المحكمة الخاصة بلبنان». ولفت إلى أن «القضاء اللبناني لا يملك مستندات التحقيق ولا إفادات ما يسمى شهود الزور كي يستند إليها في محاكمتهم»، مشددا على أن «المحكمة الدولية هي صاحبة الحق الحصري في الموافقة على أن يتولى القضاء اللبناني موضوع معالجة ملف (شهود الزور)».

واعتبر النائب في حزب الكتائب إيلي ماروني أن «المطلوب لدى فريق 8 آذار من خلال إثارة ملف شهود الزور وإحالته إلى المجلس العدلي، هو إلغاء المحكمة»، معتبرا أنهم «يبذلون لهذه الغاية محاولات عدة لعرقلة سير عملها، فالقضاء العادي هو الجهة المختصة لمناقشة هذه الملفات، أما القضاء العدلي فهو مختص بالنظر في جرائم محددة، مما يفتح المجال للطعن في المستقبل».