فرنسا: مواجهات بين الشرطة وعمال نفط مضربين.. وتصويت في مجلس الشيوخ

دعوات من الطلاب لاحتجاجات جديدة.. والحكومة تعول على العطلة لإضعاف التعبئة

عمال مضربون يقفون أمام حواجز محترقة في مصفاة لتكرير النفط قرب باريس أمس (أ.ف.ب)
TT

أخذت الحكومة الفرنسية زمام المبادرة، أمس، وأمرت بفك حصار ضربه نقابيون مضربون على أهم مصفاة نفط في منطقة باريس وسط توقعات باستمرار شح الوقود «عدة أيام» وذلك قبل تصويت مجلس الشيوخ على مشروع قانون إصلاح التقاعد المثير للجدل.

وتعول الحكومة على بداية عطلة «عيد جميع القديسين»، لإضعاف التعبئة ضد هذا الإصلاح، بينما دعت النقابات إلى يومي احتجاج وطنيين جديدين. وكان من المتوقع أن يتم التصويت على مشروع الإصلاح الذي ينص خاصة على رفع السن الدنيا للتقاعد من 60 إلى 62 عاما، مساء أمس في مجلس الشيوخ. وكانت الجمعية الوطنية أقرت المشروع في حين يتوقع أن يتم التصويت النهائي على المشروع من قبل البرلمان منتصف الأسبوع المقبل بعد اتفاق غرفتيه على نص نهائي. واستخدمت الحكومة أول من أمس آلية دستورية تعرف بـ«التصويت الوحيد» لاختصار النقاش في مجلس الشيوخ الأمر الذي أثار غضب المعارضة وتنديدها.

وميدانيا، أرسلت السلطات قوات الأمن صباح أمس لفك حصار حول مصفاة غرانبوي (قرب باريس) وهي أبرز مزود للمحروقات لمنطقة باريس وذلك بعد استصدار أمر بتسخير العاملين فيها. وذكرت «وكالة الأنباء الألمانية» أن أعمال عنف اندلعت بين الشرطة والعمال المضربين في المصفاة. وقال وزير الطاقة جان لوي بورلو إنه «لم تتم مصادرة المصفاة بل مخزونها من الوقود». وكان العاملون في 12 مصفاة فرنسية قد دخلوا في إضراب منذ عدة أيام.

وندد منسق الكونفيدرالية العامة للعمل (سي جي تي) إحدى أكبر النقابات في فرنسا في مجموعة «توتال شارل فولار» بانتهاك حق الإضراب الذي قال إنه سيكون له وقع «الصدمة الكهربائية». وأدى إضراب المصافي وفرض العمال الحصار على مستودعات الوقود إلى نفاد البنزين في خمس إجمالي المحطات صباح أمس، حسبما أوضح وزير الطاقة. وقالت الحكومة أمس إثر اجتماع مع كبرى شركات إنتاج النفط وتوزيعه، إن عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي «تستلزم عدة أيام إضافية» وأوضح بورلو أن اتخاذ إجراء تقنين الوقود «غير وارد حاليا».

ونظم الكثير من التحركات والحواجز المؤقتة في مناطق البلاد. وأقام 150 متظاهرا أمس حاجزا عند مدخل محطة سيفو النووية (جنوب) ولم يسمحوا بالمرور إلا للعمال الملزمين وعمال التصرف. وفي المقابل لم يشهد قطاع النقل الحديدي اضطرابا كبيرا، حيث تم تسيير 8 من عشرة قطارات فائقة السرعة (تي جي في). وقالت منظمة أصحاب العمل (سي جي بي إم إي) أمس إنه بسبب هذه الإضرابات فإن «مئات آلاف الشركات الوسطى والصغيرة تعمل ببطء» مما ينذر بدفع «الأشد هشاشة» بينها إلى الإفلاس.

وتراهن الحكومة على إضعاف تعبئة الشبان مع دخول العطلة المدرسية، لكن أكبر نقابة طلابية دعت أمس الشباب والطلبة إلى يوم «احتجاجي في كافة أرجاء فرنسا» يوم الثلاثاء المقبل قبل يومي الاحتجاج الوطني اللذين دعت إليهما مجددا النقابات. وقال رئيس الاتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين جان باتيست بريفوه في مؤتمر صحافي: «إننا ندعو الشبان والطلاب إلى مضاعفة مبادرات التعبئة في يوم وطني الثلاثاء». ودعا الاتحاد خصوصا إلى «تجمعات» و«اعتصامات» بهدف التأكيد على أن التعبئة متواصلة خلال العطلة الدراسية، بينما تأمل السلطات أن تؤدي العطلة إلى تراجع تعبئة الشبان. وقال الزعيم الطلابي إن «التعبئة لن تتوقف» خلال عيد جميع القديسين (توسان) و«سنبذل الجهود لمواصلتها». وحسب وزارة التربية فإن 185 مدرسة ثانوية (من مجمل 4300 مدرسة ثانوية) كانت معطلة بدرجات مختلفة صباح أمس. وكانت النقابات دعت هي الأخرى الليلة قبل الماضية إلى يومي احتجاج جديدين في 28 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي و6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتأمل النقابات في استمرار التعبئة في الشوارع عبر المظاهرات التي بلغت منذ عدة أسابيع مستويات عالية وقياسية أحيانا، حيث تظاهر يوم الثلاثاء الماضي نحو 3.5 مليون شخص، حسب النقابات، للمرة السادسة منذ بداية الاحتجاجات على هذا الإصلاح مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي. وأعلن الأمين العام للفيدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل (سي إف دي تي) ثاني أكبر نقابة فرنسية، فرانسوا شيريك أن «الأجراء يطلبون منا الاستمرار وهذا ما نفعله». وبعد الإشارة إلى أن استطلاعا نشر أمس أفاد بأن 69 في المائة من الفرنسيين يؤيدون حركة الاحتجاج قال شيريك: «حان وقت الحوار مجددا».

وبلغت شعبية الرئيس نيكولا ساركوزي أدنى مستوياتها على الإطلاق ولم يبق على انتخابات الرئاسة سوى 18 شهرا وتعهد بإقرار الإصلاح الذي يقول إنه الطريق الوحيد للحد من نقص كبير في أموال معاشات التقاعد وحماية التصنيف الائتماني المرتفع لفرنسا.