الإذاعة الأميركية العامة تفصل صحافيا بسبب تعليقاته حول المسلمين.. و«فوكس» تجدد عقده

قال إنه يشعر بالتوتر عندما يسافر في الطائرة إلى جانب مسلمين

TT

تسبب قرار الإذاعة العامة الأميركية يوم الأربعاء الماضي بإقالة خوان ويليامز، وقرار قناة «فوكس» الإخبارية يوم الخميس التعاقد معه لمدة ثلاث سنوات في جدل بين أوساط نوعين من الصحافة يتنافسان بصورة يومية على جذب اهتمام الأميركيين.

صدر قرار إنهاء عقد ويليامز بعد يومين من تصريحاته لقناة «فوكس نيوز» بأنه يشعر بالتوتر عندما يصعد إلى طائرة إلى جانب مسافرين مسلمين، لكنه عاد ليوضح فيما بعد أنه كان يعبر عن مخاوفه بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) التي وقعت قبل تسع سنوات.

وعلقت الإذاعة الأميركية العامة ليلة الأربعاء على تعليقات ويليامز بأنها «لا تتماشى مع معاييرنا الصحافية وأخلاقنا»، وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، عرض روجر آيلز، رئيس قناة «فوكس»، عقدا لمدة ثلاث سنوات على ويليامز براتب إجمالي يبلغ مليوني دولار.

وقالت الإذاعة في أعقاب قرار إقالة ويليامز، الذي يعتبر واحدا من أبرز المحللين الإخباريين: «إن ويليامز انتهك فكرة المؤسسة بالحيادية، الذي هو لب الصحافة الأميركية الحديثة». وبتجديد عقدها مع ويليامز، أظهرت قناة «فوكس» أنها تميل إلى وجهة نظر واحدة - بغض النظر عن صاحب وجهة النظر هذه - تتمثل في الهجوم على الآخرين. وبتجديد «فوكس» العقد تكون قد أعطت الفرصة لمذيعيها ومعلقيها لانتقاد الإذاعة الأميركية العامة، التي كانت على الدوام هدفا للمحافظين لميولها الليبرالية.

وقد أبرز نجاح شبكات «فوكس» و«إم إس إن بي سي» وكذا شهرة وشعبية إعلام الرأي التي تغري بعض الصحافيين التقليديين تنافس الآراء الصحافية بشكل واضح.

ولقد كان عمل ويليامز في «فوكس نيوز» والإذاعة الأميركية العامة مصدرا للقلق في الماضي.

فقد أعلنت الإذاعة العام الماضي أنها لا ترغب في ظهور ويليامز بصفته موظفا بها في برنامج «ذا أوريلي فاكتور»، وهو البرنامج الإخباري الذي يقدمه المذيع المحافظ بيل أوريلي في محطة «فوكس».

وقد كتبت فيفيان شيلر، المديرة التنفيذية للإذاعة الأميركية العامة رسالة بريد إلكتروني: جاء فيها «هذه ليست المرة الأولى التي نبدي فيها قلقا من هذا النوع بشأن التعليقات العامة التي يطلقها خوان».

وأشارت شيلر، التي عملت في السابق كمديرة عامة لموقع صحيفة «نيويورك تايمز» على الإنترنت قبل انتقالها إلى الإذاعة الأميركية العامة في عام 2009 إلى أن أغلب تعليقات ويليامز الأخيرة: «تنتهك معاييرنا وقيمنا وهي بذلك تتسبب في ضرر بالغ للكثيرين».

وعلى غرار العديد من المؤسسات الإخبارية الأخرى تتوقع الإذاعة الأميركية العامة من صحافييها تجنب المواقف التي يمكن أن تشكك في حياديتها وهو بند مدرج ضمن ميثاق شرف هذه المؤسسة الإخبارية.

بيد أن هذا البند يمكن أن ينتهك تحت إلحاح أضواء التلفزيون وعلى موقع «تويتر». ومعلوم أنه في منابر إعلامية مثل الإذاعة الأميركية العامة، يجد بعض الصحافيين أنه من الصعب عدم إبداء آرائهم عند مشاركتهم في منتديات أخرى تحفزهم على إبداء آرائهم مثل برنامج «ذا أوريلي فاكتور».

وتصف كيلي ماكبرايد - رئيسة «مجموعة أخلاق المهنة» في معهد بوينتر، وهي مدرسة للصحافيين - قضية ويليامز بأنها درس في كيفية اختلاف المؤسسات الإخبارية في قيمها ومبادئها. غير أنها أشارت إلى أن القيم الأخلاقية لكثير من المؤسسات الإخبارية الأميركية تتوافق مع قيم الإذاعة الأميركية العامة.

وقالت: «إذا وضعت تعليقا غريبا على صفحتك على فيس بوك أو في مناسبة عامة في مكان ما، فإنك بذلك تمثل غرفة تحرير الأخبار التي تتبعها، لذا عادة ما تكون هناك عواقب لذلك».

وعلى الرغم من حدوث اختلافات كبيرة في العواقب، بالنظر إلى اختلاف المؤسسات الإخبارية فإن ويليامز واحد من بين المعلقين الليبراليين البارزين القلائل في «فوكس نيوز»، التي يوجد بها عدد كبير من المعلقين المحافظين. وقد رفضت المتحدثة باسم «فوكس نيوز» التعليق على العقد الجديد لويليامز. لكن صحيفة «لوس أنجليس تايمز» نشرت بيانا من آيلز قال فيه: «إن ويليامز مدافع قوي عن الآراء الليبرالية منذ أن بدأ عمله في قناة فوكس نيوز عام 1997. وهو رجل أمين، وسوف تحمي فوكس نيوز حريته في التعبير بشكل مستمر».

وقد هاجم الكثير من المحافظين البارزين قرار إقالة ويليامز، فقال جون بونير، زعيم الجمهوريين في مجلس النواب، في حديث لصحيفة «ناشيونال رفيو أون لاين»: «أعتقد أن من المفترض سؤال الكونغرس عن السبب في إنفاق أموال دافعي الضرائب على دعم شبكة الإذاعة ذات الآراء الموالية لليسار»، وأكد أنه بإقالة خوان فإن الإذاعة الأميركية العامة قد انكشفت بشكل أوضح من ذي قبل.

وقد وُصف ويليامز بأنه ناشط ليبرالي في برنامج «ذا أوريلي فاكتور». وأثناء البرنامج وبعد أن تحدث أوريلي للمشاهدين عن وجود «مشكلة المسلمين» في الولايات المتحدة، طلب من ويليامز أن يظهر له مواطن الخطأ في عبارته.

رد ويليامز بالقول: «أكره أن أقول هذا، لأنني لا أود أن أرضي غرورك، لكني أعتقد أنك على صواب»، ثم واصل الحديث حول حالة التوتر التي تصيبه عندما يجلس إلى جوار مسافر مسلم على الطائرة.

على الرغم من تلطيف ويليامز لتعليقاته، عبر تذكير المشاهدين وأوريلي بأنه لا ينبغي وصم جميع المسلمين بأنهم متطرفون، حيث قال ويليامز - وأقره على ذلك أوريلي - : «نحن لا نرغب أن تنتهك حقوق الأفراد في الولايات المتحدة أو أن يتعرضوا للهجوم لأنهم سمعوا بعض التعليقات من بيل أوريلي ويتصرفوا بعدها بعصبية».

بيد أن هذه التعليقات سرعان ما تعرضت لانتقادات واسعة على الإنترنت. ففي يوم الأربعاء اتصل مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير) بالإذاعة الوطنية الأميركية يطلب منها توضيح الحقائق بشأن تصريحات أحد محلليها الإخباريين أنه يعتقد أن كل المسافرين على الطائرات من المسلمين يمكن اعتبارهم تهديدا أمنيا. بعد ذلك قال ويليامز في مقال نشر يوم الخميس على موقع «فوكس نيوز» إنه «أقيل لأنه قال الحقيقة».

وأضاف في المقال: «الآن، لأنني لم أعد أعمل في الإذاعة الأميركية العامة دعوني أعرض عليكم رأيي، في أن عدم قبول تعددية الآراء والأفكار والأشخاص العاملين يعد انتهاكا فاضحا للمعايير الصحافية والأخلاقية من قبل الإدارة (فقد كنت الرجل الأسود الوحيد ضمن العاملين في الإذاعة). هذا دليل على حكم الحزب الواحد والفكر الواحد في الإذاعة الأميركية العامة الذي يؤدي إلى فرض أيديولوجيات وكتابات وخطابات بعينها. وهي تؤدي بالأفراد خاصة الصحافيين منهم إلى التعرض إلى التنكيل بهم بسبب إثارتهم التساؤلات، وإظهارهم استقلالية الفكر».

* خدمة «نيويورك تايمز»