عبد المهدي: المالكي تجاوز المؤسسات وقام بشخصنة الدولة.. وطرح مفهوم الرجل القوي

مرشح الائتلاف الوطني لرئاسة الحكومة في حديث لـ «الشرق الأوسط» : يشرفني أن تؤيد القائمة العراقية ترشيحي

عادل عبد المهدي (رويترز)
TT

لم يستعجل الدكتور عادل عبد المهدي، نائب رئيس الجمهورية العراقي والقيادي في المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، ترشيحه لمنصب رئيس الحكومة العراقية المقبلة، فهو كان قد تنازل عن هذا المنصب عام 2005 حفاظا على سير العملية السياسية، من جهة، ومن أجل الإسراع وقتذاك بتشكيل الحكومة كي لا يتعرض البلد لازمة سياسية، كما أنه كان قد صرح لـ«الشرق الأوسط» في حديث سابق، وبعد إعلان نتائج الانتخابات التشريعية، عن ضرورة تكليف الدكتور إياد علاوي، رئيس ائتلاف العراقية والرئيس الأسبق للحكومة العراقية، بتشكيل الحكومة باعتباره مرشح القائمة الفائزة (91 مقعدا في مجلس النواب الجديد)، وعندما مضى ائتلافا العراقية ودولة القانون بزعامة نوري المالكي، رئيس الحكومة المنتهية ولايته، في مفاوضات جادة، كان عبد المهدي قد بارك هذه المفاوضات من أجل الإسراع بتشكيل الحكومة.

عبد المهدي مرشح الائتلاف الوطني لرئاسة الحكومة، حصل على تأييد ائتلاف العراقية لهذا الترشيح، وكانت «الشرق الأوسط» قد انفردت بنشر تفاصيل الحوارات بين «العراقية» و«المجلس الأعلى»، التي أفضت إلى اتفاق بين الائتلافين لتأييد مرشح الائتلاف الوطني، والوقوف بوجه ترشيح المالكي، وعدم المشاركة في حكومة قد يشكلها. «الشرق الأوسط» تحاورت مع عبد المهدي الموجود حاليا في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، عبر البريد الإلكتروني، وكذلك الهاتف، وفي ما يلي نص الحوار:

* تردد أن الهيئة العامة للقائمة العراقية، برئاسة الدكتور إياد علاوي، قد اجتمعت الاثنين الماضي وقررت بالإجماع تأييد ترشيحك لمنصب رئيس الوزراء، فما هو تعليقك على ذلك؟

- نعم علمت بذلك وأنا أشكر الإخوة في القائمة العراقية التي تضم زعامات كبيرة وأسماء كثيرة معروفة لثقتهم وموقفهم. لقد كنا على حوار مستمر مع القائمة العراقية قبل الانتخابات وبعد الانتخابات، وتكثفت هذه الحوارات في الآونة الأخيرة. لقد خاضت القائمة نقاشات مع دولة القانون وهي المفاوضات التي أيدناها، وتمنينا من القائمتين النجاح في الإسراع بتشكيل الحكومة. بالمقابل كانت لنا معها نقاشات جيدة ووصلنا إلى تفاهمات مرضية للطرفين تضمن الحقوق العامة، وبالمقابل لكل منا تفاهمات مع الأطراف الأخرى.. لهذا نحن بحاجة للوصول إلى صيغة نهائية يوافق عليها الجميع أو الأغلبية المطمئنة، ونرى أن الوضع الذي يسمح بالخروج من الأزمة هو استثمار هذا السياق أو أي سياق آخر تتفق عليه القوائم الأساسية لوضع حلول مرضية توفر شروط الشراكة من جهة وشروط نجاح الحكومة من جهة أخرى.

* ما هي التفاهمات التي سمحت بتطور العلاقة بين المجلس والعراقية؟

- أولا نحن نطلع شركاءنا؛ سواء في الائتلاف الوطني، خصوصا الفضيلة وكذلك التيار الصدري، ودولة القانون وبقية الأطراف، أو في الكردستاني على ما يحصل بيننا وبين الآخرين بقدر ما تسمح به الضرورة وعملية بناء الثقة؛ فنحن نعتبر أن شرط نجاح المشروع، أي مشروع، هو تحقق أمرين أساسيين: الأول: توفر العدد الكافي الذي يستطيع أن يحقق النصابات والاستحقاقات المطلوبة، والثاني: مشاركة الأطراف الأساسية التي لا يشكل غيابها ثلمة في المشروع الوطني والتوحيدي اليوم، لذلك نستطيع الكلام عن مشروع ناضج عندما تتوفر العناصر الرئيسية أو نكون قريبين من تحقيقها.. فعندما نتكلم عن الشراكة لا نتكلم عنها مستقبلا فقط، بل نتكلم عنها الآن بالأساس. فالمشروع يجب أن يكون مشتركا بين الجميع، وليس فقط بين طرفين ثم يلتحق به الآخرون، لذلك نحن حريصون على الجانب العملي، ولا نريد أن نفرض حلا، بل أن نشارك بعضنا بعضا لنصل إلى الحل المقبول برضا كامل أو مقبول للجميع أو للأغلبية المطمئنة. أعتقد أن مسألة بناء الثقة هي من المسائل المهمة، إن لم تكن الأهم في هذه الظروف، وأعتقد أن التحفظات أو التحوطات الواسعة التي واجهها رئيس الوزراء تتعلق بهذه النقطة، بما في ذلك بين القوى التي يطلق عليها القوى «الشيعية»، لذلك كثرت الاشتراطات وطلب الضمانات، مما يعقد أي مفاوضات أو مباحثات. حاولنا ونحاول بناء الثقة. دافعنا في لقاءاتنا مع مختلف الأطراف عن فكرة تحديد إطارات عمل تسمح ببناء علاقات صحية فاعلة قائمة على المشاركة الحقيقية والثقة المتبادلة. عندما أُريدَ عزل «العراقية» أو تهميشها رفضنا ذلك بقوة، وقلنا لن نشترك في حكومة لا تكون فيها «العراقية».. وإذا أُريد اليوم عزل «دولة القانون» أو غيرها من قوى أساسية، فسيكون لنا نفس الموقف، كما صرحنا بذلك مرارا. الصلاحيات الدستورية يجب أن تتمتع بها كل مؤسسة كاملة حسب الدستور. والمشاركة يجب أن تكون حقيقية وليست وهمية. التمددات والتجاوزات والأعمال والمؤسسات اللادستورية يجب أن تتوقف. لقد قطعنا شوطا طيبا في الاتفاقات والتفاهمات المختلفة، ونحن متفقون على السير في إطار تحالفات جماعية تقود إلى النتائج المرجوة، وليس إلى سياسات محورية ضيقة تغلق المسارات وتعطل الحلول.

* لماذا توقفت المفاوضات بين المالكي وعلاوي؟

- العلاقات لم تكن جيدة بين القائمتين منذ البداية؛ فقد اتهمت «دولة القانون» «العراقية» بأنها قائمة مصنوعة في الخارج الإقليمي، وأنها تضم عناصر بعثية.. بالمقابل اتهمت «العراقية» «القانون» بأنها لم تبد المرونة الكافية ولم تسع لتصحيح الانطباعات التي خلفتها السنوات الأربع الماضية، إضافة للاتهام الذي تكرر مرات بأنها مفروضة من دولة مجاورة.

* لكن المفاوضات التي استمرت أكثر من ثلاثة أشهر كانت برعاية أميركية وتأييد ضمني إيراني، فلماذا فشلت؟

- بالإضافة إلى أمور أخرى حول تقاسم السلطة؛ فإن «العراقية» بقيت تصر على استحقاقها الانتخابي، وتطالب أن يكلف الأخ الدكتور إياد علاوي بمنصب رئيس مجلس الوزراء، بينما كانت «دولة القانون» لا ترى بديلا عن الأخ المالكي، ولم تستطع كل الجهود الأميركية زعزعة الطرفين عن مطلبيهما الأساسيين. وقد شجع على إصرار «العراقية» الموقف الرافض الذي صدر من الائتلاف الوطني، لا سيما المجلس الأعلى والتيار الصدري، بخصوص الأستاذ المالكي والتردد أو عدم حسم الأكراد لموقفهم، وكذلك الموقف السلبي الذي أبدته الدول الإقليمية، عدا إيران. بالمقابل شجع الأستاذَ المالكي موقعُه المتمثل في أنه ما زال يمثل السلطة التنفيذية بكل مصادر قوتها وقدراتها.. وكذلك الموقف الشيعي والكردي المعلن وغير المعلن عن صعوبة تولي الدكتور علاوي لمنصب رئاسة الوزراء، وقناعتهم - الصحيحة أو الخاطئة - بأن هذا المنصب يجب أن يكون من نصيب؛ إما الائتلاف الوطني أو دولة القانون.

* ولماذا تؤيد كل من إيران والولايات المتحدة المالكي؟

- البعض يتكلم عن اتفاق، وأنا لا أعتقد أن الطرفين جلسا معا، وتفاوضا حول الأمر. لقد قرأت في مقالة نشرتها إحدى الصحف الأجنبية رأيا يقول إن الأخ المالكي مثل نقطة اللقاء في سياستين متضادتين تقاطعتا عند هذه المفترق أو المفرق، ليس إلا؛ فالولايات المتحدة تريد حكومة تشكل بسرعة تسمح للكونغرس بمنح التخصيصات للقوات، وتساعد الديمقراطيين في الانتخابات الجزئية.. حكومة عراقية فيها سلطة قرارات عاجلة تستطيع التعامل، والاتفاق السريع معها يسمح لها بإتمام مهامها في العراق. وتجد أنها تعاملت مع المالكي وعرفته، بكل ما له وما عليه، واستطاعت أن تنظم معه علاقات واتفاقات، خصوصا اتفاقية سحب القوات ومحاربة الميليشيات؛ فقد يكون ما ننتقد بسببه الأستاذ المالكي (وهو موقف سيثبت التاريخ صوابيته من بطلانه) من أنه سار بالبلاد بسياسة تجاوز فيها المؤسساتية والبرلمان، واستطاع إلى حد كبير شخصنة الدولة، وطرح مفهوم الرجل القوي، هو عامل إغراء لدولة لها قوات في العراق كالولايات المتحدة؛ فهي تريد قرارات محددة وطرفا عراقيا تتعامل معه يستطيع أن يقسر الأمور ويُخضع القانون والمؤسساتية، وليس طرفا يتحجج بهما أو يخضع لهما.

* وماذا عن إيران؟

- في البداية لم تكن مندفعة مع المالكي.. لكن عندما اشتد الضغط على المالكي من الوضع الإقليمي، وكان المالكي هو المرشح العملي الوحيد في الساحة.. ويمتلك عددا كبيرا من مقاعد القوى الشيعية؛ فقد توصلت إلى استنتاج أنه الأكثر حظا للنجاح، خصوصا إذا استطاعت توفير التأييد له من بقية القوى الشيعية والكردية وقسم من القوى السنية. عندها تحول الموقف إلى صراع إرادات، صار الدفاع عن المالكي وكأنه دفاع عن سياسة مواجهة على مستوى إقليمي إن لم يكن دوليا، وليس تأييدا للمنهج والسياسة الأصح بالنسبة للحالة العراقية. ما أقوله هو اجتهاد أنا مسؤول عنه فقط، وليس أي طرف سياسي آخر أعمل معه. أعتقد أن إيران مهتمة اليوم بالوضع الإقليمي والدولي أكثر من اهتمامها بالشؤون اليومية، التي هي موضع اهتمام القوى السياسية العراقية، بل قد تعتقد أنها بنجاحها في هذه المعركة قد تحقق في النهاية المصلحة للعراق أيضا، فهي في حالة صراع حادة المستوى مع الأوضاع الدولية والإقليمية، وهي تتعرض لحالة حصار وعقوبات ولديها ملف نووي ما زال معلقا بين التفاوض والحرب. وهذا الموقف لإيران لا يخص العراق فقط أو لبنان أو أفغانستان أو فلسطين أو أي ملف إقليمي تتعامل معه ولها تأثير مهم عليه.. فهي من أجل النجاح في سياستها الإقليمية والدولية تعرض نفسها لخطر المواجهة، ناهيك عن آثار العقوبات والحصار الذي تتعرض له، الذي كلفها، وبات يكلفها، غاليا.

* هل معنى ذلك أن إيران تعرّض مصالح العراق للخطر؟

- ما أقوله هو ليس تبني وجهة نظر، بل هو توصيف وتحليل لأمر واقعي، وهو الأمر الطبيعي الذي يتكرر عبر الأجيال والقرون. فكلما دخلت حالة ثورية في صراع مع النظام الإقليمي والدولي القائم أو السائد، يحدث صراع الإرادات هذا.. الطرف الإقليمي والدولي سيسمي فعاليات الطرف الثوري بالتدخلات غير المشروعة، والطرف الثوري سيدين الممارسات الظالمة للنظام الإقليمي والدولي السائد أو القائم، فالمفاهيم ونظام العلاقات والتوازنات القائمة على الوضع السابق لا بد أن تتغير. وهذه القضايا تحسم، كما يعلمنا التاريخ، عبر الحروب الصغيرة والكبيرة، أو عبر المماحكات والتعطيلات والمشاكسات والعرقلات إلى أن يستسلم أحد الطرفين أو أن يصلا إلى تسوية ما. لذلك ما أقوله لا يعني أن إيران ليست حريصة على مصالح العراق، بل أنها تراها من زاوية تختلف عن رؤية الآخرين لهذه المصالح، ولا يعني ذلك أن الآخرين لا يقدرون مصالح العراق، بل يرونها من زاوية تختلف أيضا.

* إذن نحن نقف على حافة الحرب والسلم؟

- نعم، لذلك تكلمت بصراحة في زيارتي الأخيرة إلى واشنطن، وقبل الانتخابات التشريعية العراقية مع الرئيس أوباما ونائب الرئيس بايدن، عن أنه لا طريق لحل الملفات مع الجمهورية الإسلامية إن لم تدخل إيران كشريك في الوضع الإقليمي وترتيباته المختلفة، بالمقابل لن ترتاح الأطراف الأخرى -الإقليمية والدولية - إن لم تقبل إيران بقواعد اللعبة الإقليمية الحالية، أو على الأغلب الجديدة كنتيجة لتسوية تاريخية. وقد ضربت مثال الصين ونيكسون، وذكرت أن الوضع الإقليمي بحاجة إلى مبادرة شبيهة بمبادرة كيسنجر/نيكسون مع الصين، حيث حققت للصين مطالبها، وحققت للغرب تسويات تاريخية مع الصين، التي أصبحت جزءا من النظام الإقليمي الآسيوي أو العالمي الجديد. ما لم تسوَّ العلاقات العربية الإيرانية، والإقليمية الإيرانية، والدولية الإيرانية؛ فإن المنطقة ستبقى تعيش حالة الحرب والسلم، لا مفر من ذلك. وستبقى الملفات المحلية محكومة بطريقة مفهومة أو غير مفهومة بهذه المعادلة القلقة التي نفهمهما أحيانا ونجهل قواعدها واتجاهاتها في معظم الأوقات، مما يدفع إلى أعمال خاطئة وتقديرات غير صحيحة.

* إذن إيران والدول الإقليمية والولايات المتحدة كلها تقرر الوضع العراقي، وليس العراقيون من يقرر ذلك؟

- كلا، يجب عدم التبسيط. إن تفاعلا أو خليطا من ذلك كله هو الذي يقرر وليس طرفا واحدا. لا يمكن تغافل أو إنكار التأثيرات الدولية والإقليمية.. فالعراق أقلم ودوّل منذ فترة طويلة، أقلها منذ حرب الخليج الأولى. لكن ذلك لا يعني أن العراقيين لا يقررون. إنهم يقومون بدورهم، بدليل أنهم يقفون ويعارضون ويتفقون، مما يزعج أحيانا الإرادات الخارجية، ويقلقها، وأحيانا أخرى يتجاوب معها، ويحصل على مديحها وتأييدها؛ فهي ليست متمردة عندما تتخذ موقفا لا يرضي إرادة خارجية، كما أنها غير تابعة عندما يحصل التقاطع وتقارب وجهات النظر مع الإقليم أو الخارج، لذلك كنا نرى طوال مراحل هذه العملية أن الأمر يحتاج إلى سياستين أو حلين؛ الأول على صعيد وطني، والثاني على صعيد إقليمي، لتداخل المسألتين.

* هل فعلا طرحتم حلولا على صعيد وطني أو إقليمي لحل أزمة تشكيل الحكومة؟

- نعم، فعلى الصعيد الوطني طرحنا منذ البداية فكرة الطاولة المستديرة، وقلنا إنه لا بد من الوصول إلى حل قد لا يرضي الفرقاء في كل شيء، لكنه لن يشكل خسارة كاملة لأي طرف. حل يحقق الفائدة العامة الذي ينفع البلاد ويفيد الجميع. لقد أيدنا دائما لقاء يضم القوائم الفائزة، ويتفق على ورقة تتضمن المبادئ التي تتفق عليها الأغلبية الساحقة من مختلف المكونات في الشراكة الوطنية، وتوزع الصلاحيات والسلطات وحل المشكلات العالقة حسب الأوراق التي طرحها كل طرف، ثم عند الاتفاق على هذه الورقة يتم توزيع المواقع والمسؤوليات. ولهذا أيضا أيدنا مبادرة الرئيس بارزاني الداعية إلى لقاء رباعي يضم القوائم الأربع الأولى المتقدمة لإيجاد حل لهذه الأزمة.

* وماذا عن الحل الإقليمي؟

- طرحنا في كل لقاءاتنا مع القوى الإقليمية أهمية لقاء القوى الإقليمية، أو على الأقل بعض دول الجوار، خصوصا إيران وتركيا وسورية والسعودية أو من ينوب عن هذه الدول، وما تمثله من امتدادات ومصالح إقليمية ودولية، والوصول إلى اتفاق يضمن مصالح العراق وعدم التدخل في شؤونه، مع ضمان مصالح الإقليم وغيرها، والتوازنات العامة القائمة فيه ليكون العراق نقطة لقاء للجميع، لا نقطة تصادم بين مختلف الأطراف. لقد حصلت لقاءات ونوع من التفاهمات، لكنها لم تكن شاملة من جهة، ولم تكن حاسمة من جهة أخرى، مما قاد، أو قد يقود، إلى حالة استقطاب أو محورة لا أعتقد أنها ستكون في مصلحة العراق، أو في مصلحة الحل المستدام الذي يمكن الاعتماد عليه، وأقول جازما إنه لن يكون في مصلحة دول الجوار كافة، ومن دون استثناء.

* وزيارات المالكي الأخيرة للدول الإقليمية؟

- لا يختلف هدفها عن زيارات الآخرين؛ فهي تسعى لضمان التأييد لوجهة النظر التي يحملها.. تماما كما يفعل الآخرون. فالوضع العراقي متداخل بشكل معقد وعميق بالوضع الإقليمي، ولا يمكن التعامل مع الداخل العراقي من دون تفاهمات أيضا مع الوضع الإقليمي. إنها مجرد مماحكات دعائية وإعلامية عندما يزايد بعضنا على بعض؛ بحيث البعض يدين الآخر عندما يقوم بما يقوم به هو في فترة سابقة أو لاحقة. إنني أعتقد بإخلاص الجميع وحسن نيتهم. لكن السياسة هي الاختلاف ووجهات النظر المتعددة، ويجب عدم التعصب والتخوين والكلام الزائد، بل اعتماد المبدأ الذي قاله الإمام الشافعي، الذي يقضي بأن «رأيي صائب يحتمل الخطأ، ورأي الآخر خطأ يحتمل الصواب».

* إذن هل ستقبل بترشيح العراقية، وكيف ستتصرف إزاء هذه القضية؟

- كما قلت، أتشرف وكلي امتنان لموقف العراقية، وقبلها موقف التيار الصدري، ومعهم الإخوة في الفضيلة والمجلس الأعلى، وقوى الائتلاف الكردستاني، وبقية القوى التي اتصلت وأعلنت تأييدها، كوحدة العراق، أو العناصر المستقلة، وعدد من التكتلات التي قد لا تفضل ذكر أسمائها الآن، والذين رشحوني وأنا من قائمة أو من كيان آخر. وهذا دليل الانفتاح والوطنية، لكن الأمر لا يقف فقط عند حدود الترشيح، بل يتعلق أيضا بقبول الآخرين لهذا الترشيح، يجب أن نرى ما هو الموقف النهائي والعملي للكرد، وكذلك موقف بقية القوى في الائتلاف الوطني، وخصوصا دولة القانون. وكذلك الأمر لا يتعلق فقط بمنصب رئيس مجلس الوزراء لتحل مسألة الحكومة، بل ببقية المواقع والقضايا المتعلقة بالشراكة والأمور العالقة الأخرى. لذلك سندرس اتصالات ومبادرات الآخرين، وسنقوم من ناحيتنا بالاتصالات اللازمة لتحريك المواقف. فهدفنا هو الحل السريع والناجح للأزمة. سنتشاور مع من يتفق معنا ومع من يختلف معنا، وسنتقدم خطوة خطوة، وندقق صوابية الموقف. وسندعو لاتباع، ليس فقط موقف الشافعي، بل أيضا الموقف الآخر القائل: رأيي خاطئ يحتمل الصواب، ورأي الآخر صائب يحتمل الخطأ.

وسنستنجد بالدعاء: «ربي أرني الحق حقا فأتبعه، وأرني الباطل باطلا فأجتنبه». منهجنا أن ندافع عن الحق العام ولا نغبن أحدا، وليس لنا مصلحة أو حق شخصي ندعيه؛ فالمهم أن نصل إلى النهايات، لا أن نبقى ندور نماحك بعضنا بعضا ونعطل البلاد ومصالح العباد. وهذه يتطلب الكثير من الشجاعة والمرونة والمسؤولية، وسنصارح شعبنا بكل ما سنواجهه، وسنطلب النصح والإرشاد من الآخرين، فأجمعهم أو أغلبيتهم المطمئنة قرار ملزم لنا، لنسير معا وليس منفردين، أو متعسفين، باتجاه حل الأزمة وليس تعقيدها.