هجمات المستوطنين «تنغص» موسم قطف الزيتون والفلسطينيون يعتبرونها حربا على كل ما هو «مقدس»

بعد صدور فتوى دينية من حاخام إسرائيلي تسمح بسلب الأشجار والمحاصيل

TT

على خطوط التماس مع المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية، هناك حرب من نوع آخر، ليست سياسية ولا ديموغرافية، ولكن ربما لها أسبابها الدينية، إنها حرب على شجرة الزيتون الفلسطينية.

وفي الأراضي المتاخمة للمستوطنات، اشتدت هذه الحرب التي يشنها مستوطنون على شجرة الزيتون، خلال هذا الشهر، وحتى قبل بداية موسم الجني بقليل، بعدما أخذوا فتوى دينية من حاخام إسرائيلي بسلب الأشجار والمحاصيل.

وأمس، ذهب رجا عويس إلى أرضه في قرية اللبن الشرقية في نابلس شمال الضفة الغربية، وهي قرية محاذية لمستوطنة «عيلي» ليجد كل أشجار زيتونه قد قطعت من جذورهت بمنشار كهربائي.

وقال عويس لـ«الشرق الأوسط»: «لقد قطعوا بالمناشير أكثر من 20 شجرة مثمرة». كان عويس ذاهب إلى حقله من أجل قطف الزيتون ففوجئ بما شاهد. وأضاف: «شعور غير مسبوق، كل شجرة فيهم مثل واحد من أبنائي، لقد زرعت هذه الأشجار قبل 20 عاما، وكبرت أمامي يوما بيوم».

وتلقى عويس خسارة كبيرة هذا الموسم، ومن المفترض أن كل شجرة زيتون تنتج نحو 15 لترا من الزيت الصافي، يباع بمبلغ قدره 150 دولارا. وزاد عويس قائلا: «هناك خسارة مالية بالتأكيد، لكن الخسارة النفسية أقسى كثيرا».

وقال إن الجيش الإسرائيلي والشرطة وما يعرف بالإدارة المدنية الإسرائيلية، يحققون في الشكاوى التي تقدم بها الفلسطينيون بشأن حادث قطع أشجار الزيتون في نابلس.

وقال غسان دغلس، مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية، لـ«الشرق الأوسط»، «هذا جزء من سلسلة هجمات يشنها المستوطنون في عشرات القرى القريبة من مستوطناتهم». وأضاف: «78 قرية في الضفة تتعرض ومعرضة دوما لهجمات من هذا النوع».

وقبل ذلك، سرق المستوطنون محاصيل الزيتون في بعض هذه القرى، وأحرقوا أشجارا أخرى، وهاجموا مزارعين بشكل عنيف.

وقوى من موقف المستوطنين حصولهم على عدة فتاوى دينية، أصدرها أحد كبار الحاخامات اليهود، هو مردخاي إلياهو.

وجاء في الفتوى «إن هذه الأرض هي ميراث شعب إسرائيل، وإن غرست من قبل الأغيار فإن المزروعات من شجر أو ثمر تصبح ملكا لنا، لأن ملكية الأرض لنا وليس لهم». وعقب دغلس قائلا: «إنها حرب على كل ما هو مقدس بالنسبة لنا». وعادة يبدأ موسم جني الزيتون منتصف هذا الشهر، ويستمر حتى منتصف الشهر المقبل. ويعتبر هذا الشهر مهما للفلسطينيين الذين يستخدمون زيت الزيتون بكثرة في طعامهم اليومي. كما أن هذا الموسم يشكل فرصة للدخل المالي الكبير للمزارعين.

وفوق كل ذلك، فإن أشجار الزيتون ترمز إلى الصمود الفلسطيني في الأرض.

وكان رئيسا الحكومتين الفلسطينيتين في رام الله وغزة، سلام فياض وإسماعيل هنية، قد شاركا في افتتاح موسم الزيتون هذا العام، وأطلقا دعوة للصمود على الأرض.

وتجنبا لهجمات المستوطنين، يلجأ الفلسطينيون إلى إشراك متضامنين أجانب في كثير من الأراضي، في قطف الزيتون.

وشارك متضامنون أجانب الفلسطينيين في قطف الزيتون في أراض في شمال الضفة عند نابلس وفي بيت لحم وفي الخليل. وقال دغلس: «هؤلاء يخففون حدة التوتر». وأوضح: «المستوطنون يتجنبون الكاميرات».

وهناك أشجار في فلسطين عمرها آلاف السنين منذ عهد الرومان. ولا يوجد تقدير رسمي لأعداد أشجار الزيتون في فلسطين، لكن باحثين يقولون إنها نحو مليون شجرة.

وقالت بيانات لوزارة الزراعة الفلسطينية إن التوقعات تشير إلى تراجع إنتاج موسم الزيتون لهذا العام بنسبة أكثر من 30% مقارنة مع 2008.

وأرجعت الوزارة ذلك إلى جملة أسباب بيئية وسياسية وأخرى تتعلق بالمزارعين أنفسهم.

وتحدثت الوزارة عن جملة التحديات التي تواجه المزارعين الفلسطينيين بشكل عام وخاصة الذين تقع حقولهم بمحاذاة المستوطنات والجدار، وقالت إن الجدار الإسرائيلي يعزل نحو 4.3% من مساحة الزيتون المثمر، أي نحو 40 ألف دونم.

وأضافت وزارة الزراعة أن المزارعين عموما يواجهون صعوبة في الوصول إلى حقولهم، نتيجة تعرضهم للمضايقات من قبل المستوطنين والجيش الإسرائيلي.

وأشارت الوزارة أيضا إلى تقلبات المناخ وارتفاع درجات الحرارة وإصابة أشجار الزيتون بالحشرات والأمراض، إضافة إلى نقص الكفاءة الفنية والعلمية للعاملين في العصر والقطف، إضافة إلى أحوال الطقس وهبوب رياح خماسينية أفشلت عملية الإخصاب.

وتوقعت الوزارة، وفق بيان رسمي تلقت«الشرق الأوسط» نسخة منه، أن يكون معدل إنتاج الدونم الواحد (1000 متر) من الزيتون لهذا الموسم نحو 122 كيلوغراما، أما الموسم الحالي فمن المتوقع أن ينتج نحو 115 ألف طن من ثمار الزيتون، وهذه يفترض أن تنتج نحو 24 ألف طن من الزيت، أي ما يعادل 80% من إنتاج موسم 2008.

وحسب هذه الأرقام، فإن الاستهلاك المحلي من الزيت بالأراضي الفلسطينية سيبلغ هذا العام نحو 15 ألفا و319 طنا، أي بنسبة 3.8 كلغ للفرد.