طالباني يسعى لترميم البيت الكردي.. وبارزاني البيت العراقي

مسؤول كردي لـ «الشرق الأوسط»: نتوقع نتائج مرضية من لقاءات أربيل

TT

تحولت كردستان إلى مركز استقطاب للقادة العراقيين الذين وصل عدد منهم إلى الإقليم أمس، فيما ينتظر توافد قادة آخرين عليها في غضون اليومين المقبلين لعقد اجتماعات مكثفة برعاية الزعيمين جلال طالباني ومسعود بارزاني، في محاولة من القيادة الكردية لإخراج العراق من محنته الحالية بسبب تأخر تشكيل الحكومة المقبلة، فعلى ما يبدو أن الأكراد باتوا يستشعرون حجم المخاطر الكبيرة لتداعيات هذه الأزمة التي طال أمدها.

وجاء الرئيس العراقي جلال طالباني إلى أربيل، أمس ليضم جهوده إلى جهود رئيس الإقليم مسعود بارزاني، على أمل تحريك المياه الراكدة بين الكتل العراقية المتصارعة، قبل أن تسحب الدول الإقليمية هذا الدور من الزعيمين الكرديين باتجاه عواصمها في ظل ارتهان الكثير من القوى العراقية لإراداتها الوطنية، بيد تلك الدول، حسب تعبير أحد القياديين الكرد، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، لقد حان الوقت لوضع حد لهذه الأزمة والتصارع العبثي بين الكتل العراقية، متوقعا «أن تكون مبادرة رئيس الإقليم بارزاني على رأس أولويات المحادثات المكثفة التي ستجمعه بالقادة العراقيين خلال اليومين المقبلين».

وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه: «لقد جرب قادة العراق جميع وسائل الضغط المشروعة وغير المشروعة بهدف إركاع الطرف الآخر، ولكن الأزمة تعقدت أكثر بجر أيادي دول الإقليم وغيرها من دول العالم إلى هذه الأزمة، وهذا ما أفقد فرصة المبادرة من يد جميع هؤلاء القادة، ولم تبق سوى مبادرة وطنية واحدة، هي مبادرة بارزاني التي جاءت من أرض العراق ومن دون أي تأثيرات خارجية، وهذه قد تكون الفرصة الأخيرة أمام القادة العراقيين للتوصل إلى تفاهمات وحلول توافقية مرضية للجميع، وإلا فإن الأزمة ستتعقد أكثر في ظل السجالات الدائرة بين الكتل العراقية حول أحقية هذا الطرف أو ذاك في تشكيل الحكومة، حيث إن مبادرة بارزاني تركز على الحلول التوافقية بهدف الخروج بحكومة شراكة وطنية حقيقية تضم جميع الأطراف دون تهميش أو إقصاء».

وتتركز جهود الزعيمين الكرديين حاليا على إنهاء هذا الجدل البيزنطي الذي يدور منذ أكثر من سبعة أشهر بين القوى العراقية، ويبدو من خلال قراءة الموقف، أن الزعيمين وزعا الأدوار فيما بينهما، بغية تحقيق التقدم المطلوب في هذه الجولة المهمة من المحادثات التي تشهدها كردستان. ففي حين يركز الرئيس طالباني جهوده لترميم البيت الكردي، من خلال الاجتماع بأطراف المعارضة الكردية (التغيير والجماعة الإسلامية والاتحاد الإسلامي) الأعضاء في كتلة الائتلاف الكردستاني، التي أكد الكثير من مصادرها أن هذه القوى المعارضة بصدد تعليق عضويتها في كتلة الائتلاف الكردستاني والتهديد بالانسحاب منها بسبب الخلافات الدائرة حاليا داخل البرلمان الكردستاني حول قانون مفوضية الانتخابات الخاصة في كردستان، حيث سيحاول الرئيس طالباني، وبدعم من بارزاني، تهدئة هذه الكتل المعارضة وجمعها على توافق وطني، لضمان وحدة الموقف الكردي من هذه الجولة المهمة من المحادثات التي تتركز على حل مشكلة الحكومة المقبلة، يسعى الرئيس بارزاني بدعم من طالباني إلى إجراء لقاءات متعددة مع قادة الكتل السياسية العراقية، وعلى رأسهم إياد علاوي زعيم القائمة العراقية والرئيس الأسبق للحكومة، وعادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية ومرشح الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم لرئاسة الحكومة، وغيرهما من ممثلي الكتل العراقية الفائزة في الانتخابات، لجمعهم على طاولة واحدة، وضمان موافقتهم على المبادرة التي أطلقها في وقت سابق وتستند إلى تشكيل حكومة شراكة وطنية، وتقاسم السلطات، والتركيز على برنامج الحكومة المقبلة، وتوزيع المناصب السيادية وغيرها، وفقا للاستحقاقات الانتخابية.

وفي اتصال مع الدكتور فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، أكد لـ«الشرق الأوسط»: «أن لقاءات أمس تركزت حول اجتماع قادة الكتل الكردستانية، برعاية الزعيمين بارزاني وطالباني، حيث عقد اجتماع مثمر للغاية بين الزعيمين وقادة الكتل المعارضة، بما فيها حركة التغيير التي أوفدت القيادي فيها محمد توفيق رحيم، المتحدث الرسمي للحركة، وتناول الاجتماع عرضا مفصلا لجهود كتلة الائتلاف الكردستاني في بغداد والنتائج التي توصل إليها الوفد الكردي في مفاوضاته مع الكتل العراقية، وجرى تقييم شامل لتلك النتائج التي ستمهد للقاءات الزعيمين الكرديين بقادة الكتل العراقية الأخرى، الذين سيصلون كردستان تباعا في اليومين المقبلين». وأشار حسين إلى أجواء اللقاءات، خاصة بعد تهديدات كتلة التغيير بالانسحاب من كتلة الائتلاف الكردستاني على خلفية النزاع القائم بينها وبين قائمة الحزبين الرئيسيين في البرلمان الكردستاني، حول قانون مفوضية الانتخابات المستقلة بكردستان، قائلا: «على العكس من التوقعات، كانت الأجواء إيجابية جدا، فقد لمسنا من خلالها إصرارا من جميع الأطراف على تماسك الموقف الكردي والحرص على وحدة البيت الكردي، ولم نلمس أي خلاف حول الموقف الكردي في التفاوض مع الكتل العراقية».

وحول اجتماع بارزاني مع قادة الكتل العراقية، قال رئيس ديوان رئاسة الإقليم: «المشاورات المكثفة التي أجريت حتى الآن وصلت إلى مرحلة متطورة جدا، وأتوقع أن تفرز المحادثات المقبلة عن نتائج مرضية، خاصة أن المشاورات التمهيدية التي رافقتها دخلت إلى العمق، ووصلت إلى مرحلة متقدمة في البحث عن الحلول الشاملة للأزمة الحكومية».