جون كيري في الخرطوم: السودان في وضع «مفصلي».. والجنوبيون سيصوتون للانفصال

المحكمة الجنائية الدولية تحدد بداية ديسمبر لاعتماد تهم جرائم حرب ضد اثنين من متمردي دارفور

أحد أنصار حركة تحرير الشعب السوداني يرفع علم الجنوب الانفصالي في إحدى القرى التي ينتظر أهلها المساعدات الغذائية (رويترز)
TT

وصف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور جون كيري، الأوضاع في السودان بأنها «مفصلية» مع اقتراب موعد الاستفتاء على حق تقرير المصير لجنوب السودان مطلع يناير (كانون الثاني) المقبل، وتوقع أن يصوت الجنوبيون لصالح الانفصال، إلى ذلك أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أنها ستعقد جلسة لاعتماد تهم جرائم حرب ضد اثنين من متمردي دارفور أمامها في شهر ديسمبر (كانون الأول) ارتكبت بإقليم دارفور المضطرب.

وبدأ رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، جون كيري، زيارة للسودان تستغرق ثلاثة أيام بين الخرطوم وجوبا للقاء المسؤولين السودانيين للدفع بتسوية النزاع حول منطقة أبيي المتنازع عليها، وتقريب الخلافات بين شريكي الحكم من أجل إجراء استفتاء تقرير المصير في مواعيده المحددة. وقال الناطق باسم الخارجية السودانية، معاوية عثمان خالد: «إن كيري سيجري لقاءات مع عدد من المسؤولين بالدولة». وأوضح خالد أنه «من المتوقع أن تتطرق الزيارة لمسار تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والجهود المستمرة لتسوية القضايا العالقة بين الشريكين». واستبق كيري وصوله للسودان ببيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه قال فيه: «إن كل المصادر الموثوق بها ترجح خيار انفصال الجنوب عن الشمال».

وحض كيري الإدارة الأميركية على مساعدة الجنوب والشمال في إيجاد سبل سلمية للتعايش في المستقبل، وأكد استعداد واشنطن لإجراء علاقات جيدة مع الخرطوم، وهي تعرض امتيازات فورية إذا أجري الاستفتاء في مواعيده المحددة، وقال: «سبق أن عرضنا حوافز تشجيعية، من بينها تخفيف العقوبات الأميركية على السودان»، لكنه لمح إلى «خيارات أخرى يمكن اتخاذها لتعزيز العقوبات حال اختيار الخرطوم الخيار الخطأ». ويتوقع أن يتوجه كيري إلى أديس أبابا للمشاركة في لقاءات الشريكين بالعاصمة الإثيوبية.

في السياق ذاته، قلل القيادي في المؤتمر الوطني محمد المهدي مندور من إعلان واشنطن تخفيض الحظر على تصدير المعدات والخدمات الزراعية إلى كل مناطق السودان. يأتي القرار كأول خطوة في إطار سياسة الرئيس باراك أوباما الجديدة بتخفيض العقوبات الأميركية على السودان، لكسب حكومة الرئيس عمر البشير لضمان إجراء استفتاء جنوب السودان في يناير من دون أي توترات، وقال مندور: «إنها مربوطة بمصالح الشركات الأميركية لتسويق آلياتها الزراعية والتقاوي»، مشيرا إلى الأطماع الأميركية باعتبار أن السودان لديه توجه كبير نحو الزراعة. وأضاف: «إن السودان ليس في حاجة لرفع الحظر الجزئي عن الآليات والتقاوي». واعتبر أنه لا جديد في سياسة أميركا، التي وصفها بالمعادية تجاه السودان. وطالب واشنطن باتخاذ خطوات جادة بمعالجة الديون ورفع العقوبات، وقال: «الأولى النظر للقضايا الكبرى باتخاذ موقف مساند للوحدة بدلا من دعم ومساندة انفصال الجنوب وتسعير الحرب بين الشمال والجنوب ومعالجة قضية المحكمة الجنائية».

إلى ذلك، قررت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية إعادة جدولة جلسة اعتماد التهم في قضية المدعي العام ضد عبد الله بندا أبكر نورين وصالح محمد جربو جاموس، إلى يوم الأربعاء 8 ديسمبر 2010، وأشار بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إلى أن جلسة اعتماد التهم تعقد لضمان ألا تحال قضية إلى المحاكمة ما لم تتوافر أدلة كافية لإثبات وجود أسباب جوهرية تدعو إلى الاعتقاد أن الشخص قد ارتكب الجريمة المنسوبة إليه. ويحق لكل مشتبه به أن يحضر الجلسة بشخصه أو أن يغيب ويكون ممثلا بمحام. وقد قررت الدائرة التمهيدية الأولى أنه في حال أراد المشتبه بهما التنازل عن حقهما في حضور جلسة اعتماد التهم، فعلى الدفاع تقديم طلب خطي بذلك في مهلة أقصاها يوم الاثنين 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010. ويتهم بندا وجربو بثلاث جرائم حرب (استعمال العنف ضد الحياة، المتمثل في القتل، سواء ارتكب أو شرع في ارتكابه، تعمد توجيه هجمات ضد موظفين ومنشآت ومواد ووحدات ومركبات مستخدمة في مهمة من مهام حفظ السلام، والنهب) يدعى بارتكابها أثناء هجوم شن بتاريخ 29 سبتمبر (أيلول) 2007 على بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان، وهي بعثة لحفظ السلام مقرها في موقع حسكنيتا العسكري في محلية أم كدادة، شمال دارفور. ويدعى أن المهاجمين قتلوا اثني عشر جنديا من جنود بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان وأصابوا ثمانية آخرين بجروح بالغة، ودمروا أجهزة اتصالات ومعدات أخرى تابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان واستولوا على ممتلكات تابعة لها.

هذه القضية هي الرابعة في حالة دارفور بعد قضية المدعي العام ضد أحمد محمد هارون (أحمد هارون) وعلي محمد عبد الرحمن (علي كوشيب)، وقضية المدعي العام ضد عمر حسن أحمد البشير، وقضية المدعي العام ضد بحر إدريس أبو قردة.

ولم يلق القبض بعدُ على أي من المشتبه بهم الثلاثة، البشير وهارون وكوشيب. أما أبو قردة فمثل طوعا أمام المحكمة بتاريخ 18 مايو (أيار) 2009، وعقدت جلسة اعتماد التهم من 19 إلى 29 أكتوبر 2009، وقد رفضت الدائرة التمهيدية الأولى، بتاريخ 8 فبراير اعتماد التهم بحق أبو قردة.